"عرضحال" حمصي مأساوي إلى نبلاء المعارضة السورية وسماسرة الثورة

محمد خليفة

"عرضحال" حمصي مأساوي

إلى نبلاء المعارضة السورية وسماسرة الثورة

محمد خليفة

[email protected]

أتساءل بلا براءة : هل يعلم قادة معارضتنا المحترمون ونبلاؤها ذوو الياقات البيض والكرافاتات الحريرية الذين ضاقت وضجت بمؤتمراتهم الفنادق الفخمة وسئمتهم المطاعم الراقية ... هل يعلمون حقيقة الأوضاع الاجتماعية والمعاشية القاسية الان في حمص .. أم أنهم منشغلون بما هو أهم في مؤتمراتهم واجتماعاتهم في العواصم الكبرى ؟؟ هل لديهم صورة وافية ودقيقة عن الكارثة الانسانية التي يعيشها أبناء حمص البطلة .. أم أن وقتهم الثمين لا يتسع لهذه التفاصيل الكئيبة ؟؟  قبل أن أسال أيضا عما إذا كانت لديهم خطة للمساعدة وتخفيف المعاناة عن هؤلاء الشرفاء الابطال الذين ضحوا بكل شيء في سبيل ثورتنا وفي سبيلنا جميعا .. أم انهم منهمكون باتخاذ القرارات الاستراتيجية الخطيرة ولا وقت لديهم لتبديد جهودهم في هذه الامور الصغيرة  ؟؟ هل اقتطعوا شيئا ولو بسيطا من الملايين التي  حصلوا عليها وفكروا بإرساله إلى المنكوبين في المدينة المحاصرة .. أم أنهم يدخرونه لحاجياتهم الخاصة في حلهم وترحالهم , وقد صار بعضهم يسافر في طائرات خاصة ؟؟!

أوجه هذه الأسئلة بصراحة فجة إلى جميع من نصبوا أنفسهم قادة وزعماء علينا  , وممثلين للشعب السوري من اليمين واليسار , من المجلس الوطني المبجل  إلى هيئة التنسيق الموقرة , وما بينهما من فراطة بالعشرات , تجمعات وتيارات ومجالس ومبادرات وائتلافات وأحزاب انتشرت كالفطر  , هؤلاء  الذين يقتتلون على المواقع  والحصص , ويتشاجرون على الأدوار , و يتنافسون في تدبيج الخطب وإطلاق التصريحات وإصدار البيانات الثورية , واحتلال الشاشات الفضائية والتسابق على الظهور أمام الكاميرات والوقوف مع الساسة الأجانب , ويتلقون دورات خاصة ومكثفة لتعلم البروتوكول استعدادا للقفز على المناصب السامية التي ستشغر  قريبا جدا انشاء الله في سوريا ... !! 

إن كانوا  لا يدرون ما الوضع في حمص فتلك مصيبة , وإن كانوا يدرون فالمصيبة أعظم .

الوضع الانساني , المعاشي , الصحي , الطبي , الاحتماعي , مأساوي , وينذر بكارثة , ويجرح ضمير كل من له ضمير  حي , ويستصرخ كل ذي مروءة  ونخوة وشهامة . 

شرح لي الاخ المناضل هادي العبد الله عضو المجلس الاعلى للهيئة العامة للثورة في حديث مطول بيننا  على السكايب الاوضاع فقال : عندما نصرح على الفضائيات اننا نعاني حاليا الجوع الشديد , فإننا لا نبالغ ولا نهول , بل هي الحقيقة تماما , وقال إن الأطفال يتضورون جوعا ويبكون من شدة الجوع , وأمهاتهم يبحثن عن أي شيء يسد الرمق , وقال : رأيت أمس نساء يفتشن في علب القمامة في الشوارع عما يؤكل . وبعضهن اخذن القمامة لإشعالها والاستدفاء بها من شدة البرد القارس . وذكر أن السلطات المجرمة منعت إيصال الطحين والخبز للأحياء المحاصرة في حمص منذ أيام عديدة , حتى وصلنا حافة الجوع والهلاك , وأضاف :  يتوفر بعض المواد التموينية عند التجار ولكنها تباع بأسعار خيالية لا تقوى على دفعها غالبية الناس  , فضلا عن أن الدكاكين لا تفتح معظم الايام والاوقات بسبب القصف . 

وروى الاخ هادي كيف تلحأ عصابات النظام العسكرية إلى خطف الأطفال  واستعمالهم كدروع بشرية أمام دباباتها أثناء اجتياح المدن المحررة , وأوضح أنه لولا هذا الاسلوب الإرهابي اللاإنساني لما تمكنوا من كسر شوكة الرستن البطلة واقتحامها , وهم يخططون الان لاقتحام الاحياء الحمصية المحررة بنفس الاسلوب الهمجي المنحط . كما قال المصدر إن هناك عمليات خطف للنساء والفتيات بشكل خاص , للمساومة بهن على أمور أمنية  , وعندما لا يتحقق  لهم ما يريدون يقتلون الرهائن ويمثلون بهم وبجثثهم , ويغتصبون النساء كطريقة منهجية في ترويع المواطنين وإهانتهم وتحطيم إرادتهم .

وأوضح هاني : إن ثوار عاصمة الثورة السورية وقلعتها الصامدة يواجهون الان مشكلتين ضاعطتين بقوة وإلحاح , هي نقص الغذاء , ونقص الدواء ومستلزمات العلاج الطبية الضرورية . وذكر إن نقص الدواء واللوازم الطبية لا يقل أهمية وخطورة عن نقص الغذاء . وأوضح أن هناك الان مئات الجرحى والمصابين نتيجة القصف العشوائي المقصود طبعا على المنازل  بهدف إيقاع أكبر عدد من الجرحى والمصابين , وإرباك الثوار والجبهة الداخلية للثورة  . وأبدى أسفه لعدم تقديم معونات ومساعدات  تذكر  , لا من المدن الاخرى ولا من الخارج , وأكد أن هناك سبلا وطرقا لإيصال الدعم إذا توفرت الإرادة . وقال بمرارة : إننا لا نريد من المحافظات التي تتفرج ولا تشارك في الثورة لم نعد نريد منهم المشاركة في الثورة ,  ولكن على الأقل ليساعدونا غذائيا وطبيا . 

ورعم هذه الصورة المؤلمة والمأساوية قال هاني العبد الله لنا إن المعنويات لدى الجميع ثوارا ومواطنين  عالية جدا جدا , وهناك تصميم على الاستمرار والصمود  والأصرار على اسقاط النظام المجرم ومحاسبة مسؤوليه المتورطين في جرائمه كافة , وأشاد بدور جنود وأبطال الجيش السوري الحر الذين يتولون الدفاع عن المناطق المحررة وعن المواطنين جميعا ببسالة اسطورية , واستعداد للتضحية بالأرواح بلا تردد . وناشد الاخ هاني جميع السوريين والعرب وأصدقاء الشعب السوري ومؤيدي ثورته أن  يتبرعوا  دعما لصمود المدينة  التي لم تبخل بأي شيء في سبيل الثورة  , وقدمت وحدها نحو نصف إجمالي شهداء الثورة الملحمية المعجزة .

هذه المعلومات ليست سرية بل هي معروفة , ويكررها حاليا معظم الشهود الذين ينقلون عبر الفضائيات حقائق ما ترتكبه قوات الاحتلال الاسدية الغاشمة في جمص وغيرها من المدن المحررة والمحاصرة , ولكننا مع ذلك نعيد نشرها هنا مشفوعة بالتساؤلات الموجهة إلى زعماء معارضتنا الباسلة في فنادقهم الفخمة وجلساتهم المرفهة ,  عما يعرفونه من هذه الحالة الكارثية , وما إذا كانوا ناقشوها وبحثوا سبل العمل لمعالجتها ... أم اكتفوا بالحديث عنها في مقابلاتهم الصحافية بهدف التشهير بالنظام وحسب , دون أن يقدموا شيئا لأهلنا اهل حمص .

ونقول للجميع النظام والمعارضة  [ وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ] وخاصة سماسرة الثورة , ومرتزقتها ... وما أكثرهم للأسف !!