عجبت من ثلاث، وسأروي لكم أسباب عجبي في مواقفٍ ثلاث
عجبت من ثلاث،
وسأروي لكم أسباب عجبي في مواقفٍ ثلاث
نسيبة بحرو
أقيم منذ فترة ملتقى نسائي ، يهدف إلى جمع الجالية السورية وجلب مكاسب مالية من خلال الأنشطة والمبيعات التي يتضمنها ، ومن ثم ارسالها إلى سوريا لنصرة الثورة وغوث اخواننا المكلومين هناك .. ولم يكن هذا الملتقى الأول من نوعه ، فهو المتمم لسلسلة متتابعة ومستمرة من الاجتماعات المشابهة التي أقيمت لنفس الهدف ..
وحدث الموقف الأول أثناء هذا الملتقى ، حين مرت سيدة جوار ركن المبيعات الرمزية في القيمة والثمن ، فقالت للأخت التي تشرف على هذه المبيعات ( إنتو ما بتشبعوا ؟؟ ) ..
عجباً !! ولا زلت أبحث عن تفسير لكلمتها .. ترى أتجهل الهدف الذي أقيم من أجله هذا الملتقى فحسبت نفسها في حفل اجتماعي ، أو نشاط ترفيهي يهدف الى جمع المكسب المادي الشخصي ؟ أم أنها تدرك الهدف الحقيقي منه إلا أنها مغيبة عن حقيقة مأساة الشعب السوري ، ولا تدري بحجم المعاناة التي تتطلب الكثير من التبرعات والمساعدات ، فظنت أن القليل منها يكفي ؟ وكلاهما أمران أحلاهما مر ..
إن الهدف العظيم من هذا الملتقى ، اضافة إلى الجهد والوقت والمال الذي بُذل لوجه الله في اعداده وتنظيمه وتأمين المبيعات ، يُلزمان كل مسلم بالمشاركة الإيجابية في المساعدة والشراء ، أو التشجيع والثناء كأقل تقدير .. ولتعلم هذه السيدة أن الأحرار المغتربين لن يشبعوا ، ولن يدخروا وسيلة تمكنهم من تقديم الدعم المادي والمعنوي للأحرار الأبطال الذين بذلوا أرواحهم في سبيل استعادة حرية الوطن المسلوبة ..
والموقف الثاني حدث أيضاً في ذات الملتقى ، حين سألتني سيدة عن المدينة التي أنتمي اليها ، وأجبتها بأن والدي من جسر الشغور ووالدتي من حلب ، فقالت ( إنتي بتقدري ترفعي رأسك نص رفعة ) ..
عجباً !! متى أصبح الميزان الذي تقاس به أعمال الإنسان هو الانتماء لدولة أو مدينة أياً كانت .. وهل يحق لها التعميم ، والإساءة إلى كل أهل حلب في الداخل والخارج دون أدنى اعتبار لأحرارهم الذين بذلوا ما بذلوا في سبيل نصرة الثورة السورية ؟ علماً بأن هذا الملتقى هو من اعداد ومتابعة وجهود الأخوة والأخوات من حلب ..
ليس من المقبول أن يفخر السوري في الخارج بثورة وشجاعة مدينته إن كان عمله لا يصب في نفس المصب ، وليس من المعقول أن يلام آخر لتأخر مدينته في الثورة بينما هو قائم بدوره في النصرة ، والحق من القول أن كل انسان يحاسب على عمله ، وأنه لا تجني وازرة وزر أخرى .. ولتعلم هذه السيدة بأنه حتى لو فرضنا أن الفخر يحسب بالانتماء والنسب .. فإن الدماء الغالية لشهيد واحد من حلب ، يكفي أحرار حلب فخراً وعزة ، مكانة ورفعة..
أما الموقف الثالث فهو مع أخ له دوره الفعال في شحذ الهمم بالفكرة والكلمة ، وبينما هو يحث المستمعين على التهيؤ والإقدام والشجاعة في حال فُتح باب الجهاد ، أشارت احدى الأخوات المستمعات إلى أنها مستعدة لذلك ، فقال ( اذا بتعرفي تطبخيلنا شاكرية تعالي معنا ) ..
عجباً !! هل يقتصر دور المرأة المسلمة فقط على الطهي واعداد الطعام ؟ وهل من المناسب أن يقابل الأخ مثل هذه الشجاعة بهكذا رد ؟ وليته ترك الأمر ضمن دائرة الجهاد مشيراً إلى امكانية مساعدتها في اغاثة الجريح وفي الطبابة والتمريض ، لكان ذلك أهون ..
وليعلم الأخ القائل أن أحفاد خالد بن الوليد رضي الله عنه ، لهم أخوات هن حفيدات نسيبة المازنية رضي الله عنها والتي ثبتت في معركة أحد للدفاع عن رسول الله عليه أفضل الصلاة والسلام ، حين توارى الرجال عن ذلك .. وليعلم أيضاً بأن أنامل المسلمات التي تطهو الطعام ، لا تنقصها المقدرة على حمل السلاح لإعلاء كلمة الحق حين يتطلب الأمر ذلك ، ولكل مقال مقام ..
يا للعجب ، وما أشد العتب ! .. وقد يدفعنا حسن الظن إلى نسب هذه الأقوال وما يماثلها للمزاح ، إلا أنني أرى أن المزاح يتجرد من مسماه حين يؤدي الى التفرقة والاحباط ووأد الهمم ..
لقد أنتجت الثورة السورية ثمرات طيبة ، منها التكاتف ووحدة الصف والثقة التي جسدها الثوار في مواقف مشرفة .. ونجد في الثائر الحمصي البطل عبد الباسط ساروت خير مثال على الحكمة و نبذ التفرقة ، حين وصف حلب بالصفات الطيبة ، ودعاهم للثورة معلناً عن ثقته ويقينه بأنهم سيفعلون .. كما عمد الثوار إلى تشجيع بعضهم البعض ، ولم يمنعوا طفلاً أو امرأة من المشاركة في هذه الثورة وبأي شكل كان .. فهي ثورة شعب كامل دون استنثاء ..
هكذا هم في الداخل .. متحدين كالجسد الواحد رغم تعرضهم اليومي للشدائد العظام ، ومن الواجب علينا ونحن في الخارج أن ننصرهم بالسير على نفس الخطى .. وأن نرقى بوعينا ، فنرد كيد النظام الذي يسعى للتفرقة الطائفية وبث التنافر والكره والبغضاء .. والله من وراء القصد ..