الحق على... الفيسبوك

د.عثمان قدري مكانسي

د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

صلينا فجر الجمعة أمس الأول: 06-01-2012 وتحدث بعضهم بعد الصلاة عن الحاكم الذي لا يرى سوى نفسه ولا يعبأ بالآخرين ، ويعتقد أن البشر في دولته خلقوا ليكونوا له خدماً وعبيداً ، يسبحون بحمده ويهتفون لشخصه، وهو – سيدنا الحاكم- ينتشي ويشعر بسعادة فائقة حين يسمع دويّ المسحوقين يتعالى ( بالدم والدمع ،والكره والبغض ، نفديك يا من لا تستحق سوى الصفعات والركلات واللعنات والدعاء عليه في السر والعلن ) ، ولا أدري لماذا ينتشي هؤلاء حين يسمعون الناس المجموعين كرهاً وجبراً يمدحونهم بما ليس فيهم ، ويسبغون عليهم ما لا يستحقونه من التمجيد والتعظيم ، والحاكم يعلم أنه ( يشفط) أموال العباد دون حق، ويحكمهم دون انتخابات ، ولو حصلت هذه الانتخابات فهي (استفساءات) .. اقصد استفتاءات سخيفة ما أنزل الله بها من سلطان ، ويعلم أنه مثل ذكر النحل يأخذ ولا يعطي – عفواً فهو يعطي للناس جرائم الشبيحة ويهديهم الموت والخراب والدمار ويرسل كلابه يعيثون في الشعب يمنة ويسرة ، بل يستعين بضباع الشر من المجوس وفئران الجيران الماجورين . وأتذكر قوله تعالى في هؤلاء التافهين الذين يحبون المدح والفخر دون استحقاق (  لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ ، وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (188)) ، فالعذاب ينتظرهم وجهنم تشتويهم وسقر تستضيفهم إلى الابد ...

أحد المصلين المتفيهقين قال متعالماً : أنا أحمل شهادة الدكتوراة ! -قالها يشد انتباه السامعين إلى قول رجل مثقف نحرير – فيستمعون إلى جواهره يطرحها خبيراً بها عليماً بأثرها في السامعين! – قال: كان الناس يعيشون مطمئنين بعيداً عن القتل والقنص هانئين آمنين حتى أتاهم شيطان ( الفيسبوك) فجأة بتنسيقياته وناشطيه فخرب على الناس حياتهم وزرع الثورة والتمرد في أوساط الشعوب فثاروا دون تمحيص ووثبوا بغير تفكير ثم أردف : إن الولايات المتحدة الأمريكية  وغيرها هي التي ألّبت الناس ضد حاكميهم لتنسيهم العدو الأول –أمريكا وإسرائيل – وقد نجحت في أن تنسيهم هدفهم الأول – إسرائيل- وأشغلتهم بما لا يفيد....

كنت أنظر إليه وأستمع لما يقول ، وكأنني أرى مخلوقاً من العالم القديم يجتر علفاً اختلط فيها القمح بالعدس والملوخية بالشعير. والمصيبة أنه يحمل شهادة عليا في الكيمياء يخلطها بالفيزياء ويصوب نحو الماء الكهرباء. - قلت صبرك يارب – ويبدو أنه استرسل منبسط الأسارير يظن ان الحاضرين في هدوئهم المشبوب اقتنعوا بتحليله البهيّ وفهمه السّنِيّ .وأخذ ينظر إلينا رائزاً ، ولردود أفهامنا دارساً .

فقال له أحدنا ممن لا يحمل مثل شهادته : ما شاء الله يا دكتور :  الحق كله على الفيسبوك !! نبه الناس إلى حقوقهم ، وما كان لهم ان ينتبه إليها ويطالبوا بها . وعرّى الظلم والظالمين وفضحهم ، وكان عليه أن يتغاضى عن جورهم وظلمهم ومفاسدهم. حرك المظلومين وهزهم ، وكان ينبغي ان يهدهد لهم وينسيهم بشريتهم وإنسانيتهم ويغطي على حريتهم فينسوا أنهم بشر خلقهم الله أحراراً ، وكان من واجب الفيسبوك أن يعمّي على أعوان المحتلين وخدمهم ليعم الظلم والفساد أوطاننا فتسعد الدولة العبرية بخدم فاسدين وشعوب غافية

 يا دكتور أنت تنظر إلى الصورة بطريقة مشقلبة ، فتحني ظهرك لترى الصورة الخلفية من بين رجليك  . فترى العالي أسفل وترى الأسفل عالياً ... مصيبتنا يا صاحبي في الذين يرون القشور ويغفلون عن اللب وينظرون إلى العرَض ويغيب عنهم الجوهر   يا صاحبي ذكرتَني بقول أمي ( ما كلّ مَن قرا درى) .