انفجار الميدان: تمرين على القتل الجماعي..
انفجار الميدان:
تمرين على القتل الجماعي..
سعيا للحرب الأهلية
محمد خليفة
[email protected]
كنت أنوي متابعة الكتابة عن شؤون المعارضةمن النقطة التي بدأتها أمس , ولكني اضطررت لقطع السلسلة والتوقف أمام الانفجار الجديد الذي شهده حي الميدان بدمشق الحبيبة , حفظها الحافظ الامين مما يخططه لها القرامطة الجدد . ذلك أن هذا الحادث الإجرامي المروع مدبر على الارجح كما كان سابقاه قبل اسبوعين في كفر سوسة مدبرين ومن نفس الجهة , أي الاستخبارات السورية , ذات التاريخ الحافل بمأثر لا تعد ولا
تحصى من هذا النوع من العمليات الارهابية , حيث برعت على مدي أربعة عقود بتفخيخ السيارات وتفجيرها في شوارع المدن المكتظة في لبنان والاردن والعراق بل في دول بعيدة , منها فرنسا بهدف إشاعة الرعب والذعر بين الناس , وتصفية الحسابات والانتقام , أو التخلص من الخصوم .
هذا الحادث الخطير يوحي بوضوح أن العصابة الحاكمة أرادت الانتقام من حي الميدان الذي ما فتأ يكرس اسمه بين نقاط الالتهاب الأولى التي لا تنطفيء في أطلس الثورة الشعبية الممتدة بين درعا وعامودا متصدرا أحياء دمسق قاطبة . لقد أرعب هذا الحي الدمشقي العريق النظام في الايام الاخيرة , لأنه يعمّد انضمام العاصمة إلى مواقع الاحتجاج والتظاهر اليومية التي استعصت على القهر والقمع , ودحرت جبروت القوة
الغاشمة بصمودها الاسطوري .
والجدير بالانتباه هنا أن الانفجار حدث صبيحة الجمعة حاله كحال الانفجارين الأولين , وفي ساعة مبكرة مثلهما , بل ربما في نفس الساعة من نفس اليوم قبل اسبوعين . لا تتساءلوا لماذا يوم الجمعة .. ففهمكم كفاية , ولا حاجة للتذكير بأن هذا اليوم صار يثير ذعر النظام وأجهزته الامنية , وهي التي تستعد لمواجهة استحقاقاته من نهاية يوم الجمعة الذي يسبقه وطوال سبعة ايام طويلة , وقد فكر النظام جديا بإلغائه
من التقويم الوطني , مثلما ألغى أشياء كثيرة من حياتنا , بما فيها حريتنا , ثم تواضع همه إلى مستوى أقل , تغيير اسم هذا اليوم الذي اختاره الاسلام يوم اجتماع مؤتمري دوري عام للتباحث في كل شأن من شؤون الحياة , وليكون مناسبة للاجتماع السياسي تعوض المسلمين نقص الحريات إذا عم الاستبداد ومصادرة الحريات , هذا الاتجاه لإلغاء الجمعة يذكرنا بتغيير معمر القذافي سلف الأسد غير الصالح اسماء الشهور . ونمي إلينا أن مفتينا الغرّيد الفريد أحمد الحسون قد صدرت له الأوامر من أولي الأمر لإصدار فتوى
بنقل صلاة الجمعة من يومها المرسوم إلى يوم أخر , سيحدد لاحقا بعد انتهاء الهجمة الامبريالية الشرسة على قلعة الممانعة الأخيرة في الوطن العربي !!.
ولنلاحظ أيضا أن الانفجار وقع بالقرب من المسجد الرئيسي في الحي الذي تنطلق منه تظاهرات الجمعة مسجد الحسن , كما كان انفجارا كفر سوسة قريبين أيضا من المسجد الذي تنطلق منه تظاهرات كفر سوسة عادة .
ولننتبه اخيرا إلى أن الانفجارات الثلاثة استهدفت أجهزة الأمن , ربما ليظهرها المخطط المخرج ضحية ومعتدى عليها ويستدر شفقتنا عليها , ويصورها هدفا للارهابيين بينما هي تسهر على أمن الوطن والمواطنين , خصوصا بعد أن شاعت وعمّت صورتها كمسؤولة أولى عن أبشع الجرائم وأفظع انتهاكات حقوق الانسان في تاريخ سوريا المعاصر . لقد أراد المخرج الغبي الذي أرانا غباءه مرات عديدة , أخرها في الفلم الذي عرضه علينا
بليد المعلم قبل شهر ونيف , واراد ان يثبت به وجود عصابات مسلحة سلفية في حمص , فتبين أن الشريط لجماعة من المسلحين اللبنانيين ما زالوا أحياء يرزقون في طرابلس , والفلم مصور في الأراضي اللبنانية لا في أي مكان من سوريا , أراد في هذه المرة تعزيز روايته عن المخلوقات الفضائية التي تقتل المواطنين ورجال الجيش والأمن , باعتبار أن السوري لا يمكن أن يقتل سوريا , كما قال العديد من أبواق السلطة بوقاحة لا مثيل لها . كما أراد وهذا هو الأهم في العمل الفني الجديد تجاوز الأخطاء الفنية العديدة
التي وقع بها المخرج والممثلون على حد سواء في الفلم السابق , الذي صور في كفر سوسة , وخاصة كيف استطاعت السيارة المفخخة اجتياز الحواجز والوصول الى باب أحصن موقع للاستخبارات السورية في العاصمة , وكيف تجمع الضحايا وجلهم من المدنيين , وكيف عرفت السلطة أن القاعدة هي التي نفذت الهجومين بعد عشر دقائق فقط ؟؟ فالموقع الذي وقع الانفجار فيه اليوم لا حواجز تحيطه وتحميه , كما أن الفاعل المنفذ لم يأت بسيارة مفخخة بل هو شخص انتحاري , استطاع الوصول بأحزمته الناسفة إلى قرب باص يقل رجال الأمن من
أو إلى مركز شرطة قسم الميدان , ولكن أخطاء المخرج والممثلين تتكرر في تفاصيل أخرى , وخاصة صراخ رجال الامن الذين وصلوا للمكان قائلين : أهذه هي الحرية التي يريدونها ..؟؟ يقصدون الثورة والثوار !!
بينما كان أخرون يهتفون لبشار الاسد , ويرفعون صوره , بينما كان مصورو قناة الدنيا ذائعة الصيت جاهزين في المكان ليصوروا المشهد الذي خلفه الانفجار , بعد إدخال بعض الرتوش وأعمال الديكور !!!
الانفجار فلم إرهابي , فلم رعب , موجه لأبناء الميدان يحذرهم من استمرار التظاهر , ويتوعدهم بالقتل الجماعي بهذه الطريقة الفظيعة المخيفة بعد أن ثبت أنهم وكل السوريين لم يعودوا يخشون الرصاص الحي الذي تستخدمه قواته وعصاباته المجرمة . هذا التفكير الجهنمي له جذور ممتدة في بنية النظام , إذ أنه منذ السبعينات قام السفاح الاب حافظ الاسد وشقيقه رفعت يومذاك بحشد قوات سرايا الدفاع حول دمشق والتهديد
بقصف دمشق قصفا تدميريا يؤدي لقتل نليون مواطن على الأقل إذا تعرض حكمهم للخطر الجدي , كما يحصل اليوم .
والانفجار من ناحية ثانية تمثيلية لاستدرار العطف من العالم بعد إقناعه أن النظام القائم هو من يتعرض للاعتداءات وإطلاق النار من الكائنات الفضائية الغامضة التي تستهدف ممانعتة الوحيدة في وجه اسرائيل !!
وهو أيضا وأخيرا إجرام اعتيادي لا يعني شيئا ذا أهمية استثنائية , قتل وظيفي يومي , غايته فرض أجندة عمل لبعثة المراقبين العرب مختلفة عن الاجندة الاصلية التي وضعتها الجامعة العربية لهم , وليس صدفة أن الانفجارين الاولين وقعا يوم وصول بعثة المراقبين , وبدء مهمتها في سوريا , والانفجار الجديد يحدث في اليوم الذي يفترض أن يقدم المراقبون تقريرهم الاول إلى الجامعة ووزراء الخارجية الذين سيجتمعون
الاحد القادم لمناقشة المهمة في ضوء تدهور الوضع السوري وعدم التزام النظام بشروط المبادرة .
لا بد أن المخرج الأكبر للدراما السورية الحالية بشار الاسد مغتاظ جدا لأن العالم لم يعد يصدقه . بعد أن كان السوريون وحدهم من يرفض ابتلاع الاكاذيب التي فرضها النظام عليهم نصف قرن وتكيفوا معها مرغمين ... مسكين بشار الاسد لأنه يعاني من فقدان الثقة به عالميا , ولم يعد أحد يجاريه في أكاذيبه سوى حزب الله الشيعي في لبنان الذي أتحفنا ببيان سريع بعد وقوع الانفجار ألقى المسؤولية فيه على الامريكان
لتدمير قلعة الممانعة العظمى .... ما شاء الله , كم هم أذكياء !!!!!
كل ما سبق مقدمة تمهد لطرح الموضوع الذي نريد إبلاغه لشعبنا السوري ومعارضته وثواره وهو أن الجريمة الإرهابية الجديدة تشي ببواطن ونوايا وأفكار العصابة المتسلطة , وهي تتلخص في أمر واحد هو أنها مصممة على سوق البلاد إلى جحيم الحرب الاهلية . الامر الذي يملي علينا العمل الان فورا وبشكل طوارئي لمواجهة هذا الاتجاه الانتحاري النيروني .
ولهذا الامر تتمة غدا إنشاء الله.