أما أنا فمتشائل

د. خليل قطاطو

د. خليل قطاطو

[email protected]

أعترف أنني متفائل (أو متشائم) بحذر شديد،فما حدث في هذا العام لم يخطر على بال بشر،وليس سهلا أبدا التنبؤ بما ستكون عليه الامورفي السنة القادمة.أختلطت

ألامورعلي،فهذه الزلازل والاعاصير التي أجتاحت(وما تزال)المنطقة قلبت الموازين  وجعلت االرؤية ضبابية جدا.الثورات بدأت شعبية،ولا أميل لنظرية المؤامرة،ولكن مما لا 

شك فيه أن الكثيرين في الداخل والخارج ركبوا موجة الثورة لحاجة في نفس   يعقوب .الثورات ما تزال في مخاض طويل بل وعسير.

فلنبدأ بالثورة التونسية فلعلها نجحت الى أبعد الحدود بعد لأي.الأنتخابات جرت بنزاهة وأفرزت برلمانا ورئيسا مؤقتا.الرئيس المخلوع ما زال يحاكم غيابيا ولا أظن أن السعودية (التي أجارته) ستعيده الى الثوار لينال عقابه،اما الاموال التي نهبها (وحرمه المصون) فأصبحت في خبر كان، وهذه الموال ليست فراطة بل بلايين كان بالامكان (لو اعيدت) ان تغير حال سيدي ابو زيد(مهد الثورة) وشبابها الجامعي العاطل عن العمل،فالثورة ما زالت منقوصة اذ ان الحقوق لم تصل لأصحابها بعد،افلا أكون متشائما!!

الثورة المصرية في ورطة حقيقية، الجيش ما زال يناور(ويستهبل) ،ببساطة يحاول أن يحول الثورة ألى أنقلاب عسكري،وجنوده وافراد الشرطة يعيثون في التحرير فسادا،تعرية امرأة،وشد أخرى من شعرها، واهانة أخريات لا يلغيه بيان اعتذار ولا يرد الكرامة المهانة.وعد الجيش بأجراء تحقيق ما هو الا ذر للرماد في العيون ،ولا يسمن ولا يغني من جوع.أما تصريحات ألأخوان والسلفيين  بشأن السلام وكامب ديفد والسياحة الاسرائيلية في مصرفشمتت ابله طازه في الاسلاميين ووعودهم ، ولعلنا مقبلون على حكومة جديدة شبيهة بحكومات الرئيس المخلوع ولكن هذه المرة بلحى ومسابح، والله أعلم.

أما الثورة الليبية فلا ضير انها استعانت بالناتو، فما كان لها ان تنجح بدونه امام اجرام وجنون العقيد وأبنائه.التشاؤم في ليبيا هو من ان تتحول الى دولة ميليشيات وحارات كل مين ايدو  الو.اما المجلس الانتقالي فمتى يف بوعوده ويحل نفسه فيريح ويستريح لنر ليبيا ديمقراطية جديدة.

أما اليمن السعيد  فتحاول أمريكا ودول الخليج الضحك على الذقون وتغيير الاشكال،وظني ان الشباب الثائر(وليس المعارضة الهزيلة) لن يقبل بهذه المهزلة وبأن يفلت طالح وابنائه وحاشيته من المساءلة عن اعمال القتل وان ينجوا بجسده وماله وان لا يطبق اليم عليه وعلى قادة الامن الذين عاثوا في اليمن فسادا.

الثورة البحرانية اجهضت(او كادت) بحجة الطائفية،ودول الخليج تهدد كل من تسول له نفسه العبث بامنها وتدعوا الى الوحدة ,وتدعم بالمليارات النظامين الملكيين، الاردني والمغربي،فهل سيصمد الداعم والمدعوم امام العاصفة او الاعاصير العاتية

المشهد الفلسطيني ،الظاهر شيء والباطن شيء اخر،مصالحةعلى الورق،فلا السلطة خلعت امريكا واسرائيل،ولا حماس خلعت سوريا وايران (حكومات) كما اخلع خاتمي هذا.

سورية، المأساة، الشعب ثائر،الجامعة العربية تمهل النظام(وتهمل الشعب) والمجتمع الدولي مكبل اليدين ،من روسيا والصين،والجيش السوري الحر مازال صغيرا متواضعا،والجيش الرسمي مستعد(على الاقل حتى الان) لان يبيد الشعب من اجل العائلة الحاكمة والمنتفعين حولها.متفائل بان الثورة ستنجح،ولكن التشاؤم مبعثه ان التضحيات ستكون جسيمة،بل جسيمة جدا جدا، وستظل الجامعة ومجلس الامن يتفرجون على المذابح ويندبون ويلطمون على حقوق الانسان المراقة في شوارع درعا وحمص وأدلب ،ولن تنجح الثورة الا عندما يفيق سيف الدولة وابن عمه ابو فراس الحمداني،وتنهض احياء دمشق الغنية وتترك تجارتها وتنتصر لاهاليها .المتفائل سيراهن ان ضباط الجيش ستصحوا ضمائرهم وسيكفرون بمقولة الحرب الاهلية التي يروج لها النظام ويستعملها كشماعة ليلتفوا حوله.

متفائل بان الثورات ستنتصر(ولو بعد حين) وبان ثورات اخرى ستندلع لتغير المنطقة برمتها، ومتشائم بان العناء قد يطول  وان التضحيات ستستمر.ولكني واثق اننا في المستقبل ،لن نبكي الا من فرح.

العالم العربي الجديد نريده مثاليا,جمهوريات فاضلة،لا سجون فيه ولا معتقلات للراي الحر،لا بطالة،ولا رشاوي ومحسوبيات،حوارات هادئة دون صراخ وشتائم باقذع النعوت، ولا شجار باللكمات والكراسي والاحذية الطائرة.عالم فيه شعراء ورسامي كاريكاتير لا تجز فيه حناجرهم ولا تقطع فيه اصابعهم.عالم بلا صحافة تزين للحاكم الباطل حقا،لا اغان للحاكم بل للوطن(وهما شيئان مختلفان)،ولا تلفزيونات فيه تهلكنا بصورة الزعيم وتصدع اذاننا باقواله الماثورة والحكم التي تنضح من فيه على مدار الساعة.عالم جديد لا يلج الزعيم فيه الى سدة الحكم وجيوبه فارغة ويترك الحكم (مخلوعا او فارا او مقتولا) بليونيرا،وتنعم بالاموال والحسابات السرية سويسرا ولندن ونيويورك ولا نستطيع استردادها .هل يحق لنا التفاؤل الى هذا الحد؟ هل نطلب الكثير؟؟؟؟