كما قال رفعت الأسد!
صالح القلاب
عندما يطالب رفعت الأسد، الذي كان نائباً لشقيقه حافظ الأسد والذي كان أحد الذين مكنوا الرئيس السابق من السيطرة على الحكم في انقلاب عام 1970, بتنحي ابن شقيقه هذا الرئيس السوري ويقول أن الطائفة العلوية باتت متيقنة من أنه بات غير قادر على الاستمرار وان عليه التنحي فإن هذا يعني أنه لم يعد مع بشار الأسد أحد اللهم باستثناء أشقائه وأخواله وبعض المستفيدين من شركاء هؤلاء في سرقة أموال سورية والتسلط على مقدرات شعبها.
في لقائه من صحيفة الـ«فيغارو» الفرنسية قال رفعت الأسد، الذي اختلف مع شقيقه حافظ الأسد في وقت مبكر عندما لمس منه أنه يهيئ إبنه باسل لخلافته في موقع رئاسة الجمهورية ورئاسة الحزب ورئاسة كل شيء, أيضاً ان الطائفة العلوية لا تؤيد بشار الأسد وأنها غير مقتنعة به ولكن ما يمنعها من أن تقول رأيها أن كل من يقول رأيه من بين أبنائها تجري تصفيته جسدياً بتهمة أنه يعارض النظام وأنه يسعى إلى إطاحته بالقوة.
وحقيقة أن ما قاله رفعت الأسد فيه ليس القليل من الصحة بل كل الصحة فالرئيس السابق حافظ الأسد بقي يعتقد وهو اعتقاد صحيح أن القيادات البارزة عسكرياً من أبناء هذه الطائفة هم الذين يشكلون الخطر الحقيقي عليه وعلى نظامه وأن الأشد خطراً من بين هؤلاء اثنان هما :الأول صلاح جديد الرجل الهادئ المثقف وقائد الكلية العسكرية التي تدرب فيها حافظ الأسد نفسه والثاني محمد عمران العسكري المميز الذي شغل موقع وزير الدفاع بعد انقلاب (ثورة) آذار عام 1963 والذي هو أول من زرع بذرة الطائفية في القوات المسلحة السورية.
تم التخلص من اللواء صلاح جديد بإيداعه السجن مع نور الدين الأتاسي الذي كان رئيساً للجمهورية قبل ذلك الانقلاب الذي قام به حافظ الأسد على الحزب وعلى الحكم والذي أطلق عليه «الحركة التصحيحية» وإبقائه في سجن المزة الشهير نزيل زنزانة انفرادية إلى أن تم نقله من هذا السجن إلى القبر مباشرة أما اللواء محمد عمران فقد أرسل له زعيم إحدى المنظمات التي تدَّعي أنها فلسطينية بأمر من المخابرات السورية امرأة لتقوم باغتياله في منزله في طرابلس اللبنانية حيث كان من هناك، بعد أن فرَّ من دمشق ولجأ إليها, يقوم بأنشطة في صفوف كبار ضباط طائفته لإطاحة
النظام القائم الذي كان يرى أن هناك من هو أولى به من تلك الزمرة الحاكمة.
وبالطبع فإن «الحركة التصحيحية» أخذت في وجهها، كما يقال, الدكتور إبراهيم ماخوس الذي كان من أكثر وزراء خارجية سورية ألمعية وحيوية والذي يقيم منذ عام 1971 لاجئاً سياسياً في الجزائر كما أخذت في وجهها أيضاً كل ضباط الطائفة العلوية الذين كانوا يوالون صلاح جديد ومجموعته وكذلك فقد أخذت لاحقاً غازي كنعان ومحمد سليمان وآخرين يعرفهم الشعب السوري ويعرف أنهم أُزيحوا عن مواقعهم لتأمين الطريق لنظام الوراثة لتحالف عائلة حافظ الأسد مع عائلة مخلوف.
ولهذا فإن ما قاله رفعت الأسد (أبو دريد) يجسد حقيقة موقف الطائفة العلوية وهي حقيقة يجب أن تأخذها المعارضة السورية بعين الاعتبار وذلك حتى لا يدفع الخيرون والوطنيون من هذه الطائفة ثمن جرائم نظام لا علاقة لهم به ولا علاقة له بهم بل حتى لا يدفع العلويون، الذين لا يزال كثيرون منهم إما نزلاء السجون وإما فارين إلى الخـارج, الثمن مرتين مرة خلال حكم حافظ الأسد وأولاده وأخوال أولاده ومرة بعد إسقاط هذا النظام وهنا فإنه لا بد من الإشارة إلى أن هناك من لا يزال يرى بأن الخلاص هو بانقلاب عسكري إنقاذي بمشاركة عدد من الضباط العلويين يكون مجرد
مرحلة انتقالية نحو انتخابات رئاسية وتشريعية حقيقية ونزيهة لتنعم البلاد بعدها بالديموقراطية والتعددية السياسية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.