أول الغيث قطرة .. ثم ينهمر

نسيبة بحرو

نسيبة بحرو

أول الغيث قطرة .. ثم ينهمر ، وكم الآمال كبيرة بقطرة سقطت لتبشر بهطول الغيث الذي طال انتظاره .. هذا الغيث الذي سيروي أرضاً مغتصبة .. تشربت بدماء الشهداء وسقيت بدموع الثكالى والأمهات .. فأخرجت الحرية طاهرة زكية .. وقد سرت فيها أسمى معاني البطولة السورية ..

قرار الجامعة العربية بتجميد العضوية.. والذي صدر يوم السبت بتاريخ ( 12 / 11 / 2011 م ) هو قطرة الغيث الأولى والتي جاءت بعد تسعة أشهر من الصمت العربي والدولي رغم الحصار والنار ، رغم الظلم والتعذيب والقتل والتنكيل بالشعب السوري رجالاً ونساءً وأطفال..

تسعة أشهر من اللقاءات والاجتماعات بين مختلف الجهات وأطياف المعارضة والتنسيقيات .. تكتنفها آمال وتطلعات الشعب المكلوم الذي ما توقف عن الخروج يومياً بمختلف مدن سورية وأريافها .. في مظاهرات سطر من خلالها التاريخ قوة شعب عظيم ، وقف لوحده وبسلميته أمام أشد وأعتى الأجهزة الأمنية سطوة وجبروت وطغيان .. حتى تمكن بفضل من الله عز وجل ثم بارادته الجبارة وصدق ايمانه من تحقيق الخطوة الأولى على طريق النصر ..

غداً سنرى كيف ستضيق دائرة الخناق حول بشار الأسد وزبانيته ، بينما ستتوسع دائرة الفرج  حول أحرارنا الثوار من الشعب السوري وممثليهم من التنسيقيات والمجلس الوطني .. وسنرى كيف سيبدأ النظام السوري الظالم بالتهالك أكثر فأكثر من خلال اصداره لقرارات ، وقيامه بأعمال هوجاء لا تتبع لمنطق أو عقل.. مما سيعجل من سقوطه المحتوم ..

فهو ساقط لا محالة .. إلا أنه لازال متشبثاً بقشة بائسة متمثلة في وهم السلطة والجاه الذي ورثه عن أبيه تعنتاً وطغياناً .. ويعزز هذا الوهم في نفسه الأبواق وأصحاب المنافع والمصالح والمنافقون .. الذين ومع صدور قرار الجامعة سينفضون من حوله شيئاً فشيئاً .. ليرى نفسه وقد تبدد وهمه وانكسرت قشته ليسقط  نحو الهاوية .. لتتلقاه مزبلة التاريخ فيلقى زملائه الذين سبقوه إليها ولحق بهم ، دون أن يتعظ ويعتبر .. ولعله يكون العظة والعبرة لمن بعده من الطغاة .

أين كنا وأين أصبحنا .. ولا زلت أذكر كيف كنا نتطلع إلى كلمة حق تقف مع ثورتنا وكأنها نصرمبين .. فكيف بنا اليوم وقد أصبحت قضيتنا محور الإعلام ، وتضامنت معنا الشعوب قلباً وقالباً في مختلف أرجاء العالم.. وأصبحت رؤيتنا هي التي تحدد مستقبلنا باستجابة الجامعة العربية لمطلبنا بتجميد العضوية  ...

لقد هبت رياح التغيير فأوقدت ارادة الشعوب .. وكسرت شوكة الطغاة .. وهاهي تهب على الجامعة العربية التي وقفت أخيراً موقف الحق .. عسى أن تكون بداية مواقف مشرفة لها تستمدها من الربيع العربي للشعوب .