بشار زلازل وأفغانات... وحرب على الإسلام

م. محمد حسن فقيه

م. محمد حسن فقيه

[email protected]

صرح الأسد في مقابلة مع صحيفة التيليغراف  بتاريخ 29 /10 / 2011 بتصريحات  نارية ،   ليوجه رسالة بشكل غير مباشر للجامعة العربية تحسبا واستباقا من إصدارها  قرارا بإيقاف عضوية سورية في الجامعة العربية ، أو اعترافها بالمجلس الوطني السوري  ، لأن بشار قبل غيره يعرف مدى القمع الوحشي والبطش الهمجي  وحجم الجرائم والمجازر التي ارتكبها ، والذي تمارسه عصاباته من أكثر من سبعة أشهر ضد مواطنيها الشرفاء الذين خرجوا يطالبون بالحرية والكرامة والإنسانية .

ما نقرأه بين السطور من هذه التصريحات الإرهابية ، يشعرنا بمدى الإحباط واليأس الذي يحيط ببشار وعصابته  ، والرعب والتشنج والإرتباك الذي يتلبسهم ، حين حاول أن يهدد فيها الغرب ويحذر من زلزال يحول منطقة الشرق الأوسط إلى دمار وأفغانات جديدة ، وأن سورية ليست مصر وليست ليبيا وليست تونس ... وليست اليمن ، كأن سورية كوكب فريد يتيم ، سقط من أعالي السماء ، ليس له ند ولا شبيه ، إلا أن ما يلفت النظر في تصريحاته تلك إعلانه بأن ما يحدث في سورية هو حرب بين القوميين العرب والإسلاميين ، ثم أكد دعواه تلك بأنه يحارب الإخوان المسلمين من خمسينيات القرن الماضي ! ؟

لم يأت بشار بتصريحاته تلك بأمر جديد ، وهي لا تختلف كثيرا مع بعض التصرف عن خطابات بن علي أو القذافي أو ابنه سيف أو حسني مبارك أو علي صالح ، فجميعهم يحاولون توجيه رسائل لإسرائيل أولا ، وللغرب ثانيا إذا تخليتم عني فإن البديل هم الإسلاميون ، لقد حاولها بن علي عندما دس بعض عناصر أمنه الملثمين ليقوموا بعمليات قتل وترويع ومتهما هذه العناصر التي بثها بأنهم أصوليون وإرهابيون أو من ... القاعدة ! .

وقالها حسني ونائبه عمر سليمان بشكل علني ومكشوف لأمريكا عندما طلبت منه الرحيل ، قال إن كان قراركم التخلي عني ، فإن البديل عني هم الإخوان المسلمون .

وقالها القذافي وولي عهده سيف الإسلام ، إذا تخليتم عني فإن البديل هم الإسلاميون المتطرفون ، لا بل عناصر القاعدة .

ومثله فعل علي صالح حتى مكن عناصر القاعدة من السيطرة على أكثر من مدينة في الجنوب ثم هب ليحررها من قبضتهم !

لقد أصبح هذا الخطاب بائدا ومنقرضا ، والذي يحاول فيه الطغاة والمستبدون دغدغة مشاعر الغرب ، والضرب على الوتر الحساس في محاولة إرهاب الغرب بالبديل الإسلامي القادم .

أما عن الزلزال الذي هدد به بشار فلا أدري عن أي زلزال يتكلم ، ولما لم يقم هو أو أبوه من قبله  بهزة خفيفة ضد الكيان الصهيوني يوم انتهك السيادة السورية مرت ومرات ، سواء بضرب بطاريات الصواريخ والدفاع الجوي السوري في البقاع ، وقبلها إحتلال بيروت ، وبعدهما ضرب المفاعل النووي السوري في دير الزور، واغتيال مديره العميد محمد سلمان في طرطوس واغتيال مغنية في دمشق ، والرصاص الصهيوني المصهور على قطاع غزة ،  واختراق جدار الصوت فوف القصر الجمهوري في اللاذقية حين كان بشار بداخله ... وغير ذلك الكثير ... في كل مرة كان موقف النظام الأسدي  بمنتهى الجبن والذل ، يشعر معه أبناء سورية الأباة الشرفاء بالهوان والمرارة ، عندما يخرس هذا النظام البائس أمام الطبيعة العنجهية  والعجرفة الصهيونية ، ولا يطلق رصاصة واحدة تجاه الصهيوني المحتل ، وهو النظام المقاوم ... والممانع ... والمدافع ... وصانع الزلازل والأفغانات ! .

إذا كان هذا الزلزال سيدمر إسرائيل ويفتت أمريكا كما بين ذلك رئيس أركان الجيش الإيراني بالتناغم مع تصريحات بشار الزلزالية ، فإننا نحث بشار ونستعجل حلفاءه لتفجير الأوضاع وصناعة الزلزال ، حتى تتحررفلسطين وتزول دولة إسرائيل ووتتفتت الإمبراطورية الأمريكية وتتوحد الأمة العربية ! 

وعلى ذكر أفغانستان ، فإن هذا النظام الإستبدادي هو آخر من يحق له التكلم عن أفغانستان ، فقد كان موقف أبيه  مؤيدا مع الإحتلال السوفيتي ضد أبناء ومواطني الشعب الأفغاني ، ويوم الإحتلال الأمريكي يتباهى بشار بالتعاون مع المخابرات الأمريكية وتقديمه لها المعلومات الإستخباراتية عن مكافحة الإرهاب ( الإسلام ) ، بينما يعلن حليفه الإستراتيجي الوحيد ( إيران ) باسم رئيسها أحمدي نجاد ... وغيره من مسؤولي الإمبراطورية الفارسية  ، بتقديم العون والمساعدة المباشرة لأمريكا في احتلال العراق وأفغانستان  .

وأما الفرية الأكبر والتي حاول أن يلقي بها الدكتاتورالصغير بشار ، مصورا بأن ما يحدث من ثورة شعبية عارمة في سورية هي معركة بين القوميين والإسلاميين ، كأنه يستغبي شعب سورية الذكي الواعي المتعلم المثقف ، كما يستغبي العالم كله وهو يسمع ويرى ويشاهد كل يوم صور المظاهرات والمتحدثين والناطقين والمحللين ، وهذا موضوع أتفه من الرد عليه لأن القوميين العرب أنفسهم هم من يرد عليه كل يوم ، كما أن كلامه عن القومية وتمسحه بها هو منطق مضحك غريب ، فمتى تحلى هذا النظام بمواقف قومية أوانتصرلقضايا الأمة العربية ، سواء في عهده أو عهد أبيه ، لقد كان موقف أبيه موقفا مخزيا وخيانيا من الحرب العراقية الإيرانية ، حيث تمثل العراق القومية العربية ويحكم فيها صدام باسم حزب البعث ، لا بل إن مؤسسي حزب البعث ومنظريه كانوا جميعا في العراق عند صدام حسين ، بينما تمثل إيران دولة إحتلال عدوانية باسم القومية الفارسية التي تحتل عربستان وجزر الإمارات الثلاث وتشن حربها على العراق البعثية ، وكان موقف النظام السوري في عهد الأب وهو الأمين العام لحزب البعث العربي الإشتراكي مؤيدا لنظام إيران الفارسي بمزاعم دولة دينية ( الجمهورية الإسلامية ) ، ضد العراق وصدام حسين الذي يحكم باسم حزب البعث العربي الإشتراكي أيضا ، والأمين العام لحزب البعث في العراق ، والأنكى من ذلك أن العراق بعد الإحتلال الأمريكي وتحت حكم المالكي ذو الإتجاه الإسلامي الطائفي المتطرف ، والذي يحارب البعث ويتبنى اجتثاثه من جذوره  قد أضحى اليوم حليفا لبشار، يمده بالسلاح والأموال والميليشيات ضد المواطنيين السوريين المطالبين بالحرية والديمقراطية !

أليست قمة التناقض ومنتهى المهازل ؟ ! .

وإن كان بشار يخوض من خمسينيات القرن الماضي حربا ضد الإسلاميين والإخوان المسلمين -  قبل ولادته بعشرين سنة تقريبا – من عهد والده وأسياد والده قبل ذلك ، فلم استضاف حماس على أرضه واعتبرهم رمزا للمقاومة الفلسطينية ضد الإحتلال الصهيوني ، وهم إسلاميون ... لا بل إخوان مسلمون ، ومثلها جماعة الجهاد الإسلامية ، أم أنه يستخدمهم  كورقة للمفاوضات ليضحى بهم كبش فداء عند إتمام الصفقة مع بني صهيون – بحسب ويكيليكس - كما تحالف بشار مع تركيا في عهد الإسلاميين ( حزب العدالة والتنمية ) ، بينما تنازل والده صاغرا ذليلا عن لواء إسكندرون لحكام تركيا العلمانيين السابقين .

هل أولئك المتخاذلين والخونة من الفاسدين الذين يصطفون مع النظام البائس من سنة وعلويين ومسيحيين ودروز ... وأرمن ... وأكراد ... والبوطي ... وحسون ... وأضرابهم ... وأشكالهم ... وأذنابهم ... هم من القوميين العرب ؟ !

 وهل عارف دليلة ووحيد صقر وسمر يزبك العلويين ، ومنتهى سطان الأطرش ووئام عماشة  وفيصل القاسم الدروز ، وميشيل كيلو و ريمون يوحنا ومي سكاف المسيحييين ،  وبرهان غليون وحسن عبد العظيم والطيب تيزيني العلمانيين ، ومشعل تمو وجان كورد ولافا درويش  الكرد ....  هل هؤلاء الذين يدعمون ثورة الحرية ضد الظلم والطائفية والفساد والإستبداد ، هل هؤلاء  إسلاميون ... أو إخوان مسلمون ؟ !

لقد أثبت بشار حقده على المسلمين من أبناء وطنه الذين  يحكمهم بالقمع والعسف والاستبداد ، وأعلن حربه عليهم في بلد غالبيتها الساحقة من المسلمين ، في نفس الوقت  لم يقنع عاقلا بأنه من القوميين العرب ، وأنه  مناصر لقضايا العروبة والأمة العربية ... بل اقتنع جميع الشرفاء والأحرار بأنه وعصاباته أعداء للإسلام  والمسلمين ، والعرب والقوميين ، والعلمانيين والليبراليين ، والشعب والمواطنيين ، وشرفاء وأحرار سورية بجميع طوائفها واثنياتها أجمعين .