سفير جهنم وسفيرتها!

أ.د. حلمي محمد القاعود

أ.د. حلمي محمد القاعود

[email protected]

أما السفير فهو السيد جيمس وات سفير المملكة المتحدة – بريطانيا العظمى سابقا- في القاهرة ، والسفيرة هي السيدة آن باترسون ، سفيرة الولايات الأميركية المتحدة في القاهرة .

الرجل والمرأة يفترض فيهما أنهما يعملان لتوطيد العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين القاهرة وعاصمتيهما ، ويحاولان تقليل أو تصحيح عناصر التوتر والتباعد بين مصر وكل من بلديهما . لكنهما حريصان كما يقول الواقع على إشعال الخلافات بين القاهرة من ناحية ، ولندن وواشنطن من ناحية أخرى .

السيد جيمس مشغول بإشعال النار بين المواطنين المصريين ، ويقف مع المتمردين الطائفيين الصرب ، ضد الشعب المصري . والسيدة آن لا تتوقف عن استقبال خصوم الإسلام والمسلمين من أفراد الجمعيات الأهلية التي تدعي الاهتمام بحقوق الإنسان ، وتذهب إلى الكنيسة والصعيد، وتقابل شيخ الأزهر لتحقيق المطالب الابتزازية لحكومتها وللمتمردين الطائفيين الصرب في مصر ، وكانت في طريقها مؤخرا إلى العريش لولا تدخل السلطات ومنعها من الزيارة لدواع أمنية ..

السفير والسفيرة ،  يشعلان النار في وطن يفترض أنه حر مستقل ، وله سيادة وقيادة ، مستغلين ما يقوم به الخونة من قادة التمرد الطائفي الصربي من تحرش بالأغلبية المسلمة المسالمة ، وافتعال مشكلات واهية وادعاءات باطلة ، للتدخل في شئون دولة ذات سيادة ، بينما نظيراهما في لندن وواشنطن لا يستطيعان أن يفعلا هناك ما يفعلانه هنا .

السفير  البريطاني عمم رسالة ألكترونية على مجموعة من الصحفيين والكتاب بتاريخ 14أكتوبر 2011، تحت عنوان "سرطان الكراهية" .. يدعي فيها أن المذبحة التي قام بها النصارى لجنود الجيش المصري يوم الأحد 9/10/2011 على بوابة ماسبيرو سببت هزة قوية في النقاش السياسي بمصر وأحدثت موجات من الصدمة عبر أنحاء العالم . بالطبع هو مشغول بقتلى المتمردين الطائفيين الصرب ، ولم يذكر شيئا عن شهداء الجيش الذين قتلهم المتمردون الطائفيون الصرب ، ويتساءل :كيف يقع حدث مثل هذا في بلد الغالبية العظمى من السكان فيه يؤمنون بالتسامح الديني والعلاقات السلمية داخل المجتمع ويعيشون هكذا فعلا؟

ونسي أن يقول إن الأغلبية متسامحة إلى حد السذاجة والعبط لدرجة أن تسمح باستباحتها ، ووضعها في موضع المتهم وهي الضحية في حقيقة الأمر  ، ويشير السفير المحترم إلى أن الحكومة تحركت بسرعة وأعلنت أنها سوف تصحح التمييز القانوني ضد مسيحيي مصر، ووعدت بإجراء تحقيق في أحداث 9 أكتوبر. ويضيف : يجب تنفيذ المساواة أمام القانون عمليا بواسطة المحاكم ومسئولي الحكومة. وأعتقد أيضا – كما يقول السفير -: أن هناك المزيد الذي يجب فعله لشجب وإدانة الاتجاهات البغيضة التي تتسبب في خلق التحامل الطائفي واحتقار حقوق الإنسان. ولم يقل لنا سيادته بالضبط  من يخلق هذه الاتجاهات البغيضة ؟ ثم يعلمنا السفير درسا خلقيا في أن مصر لديها وفرة من القيم الأخلاقية والاجتماعية الراسخة في ثقافتها المسيحية والإسلامية التي ترفض الكراهية المفتقدة للعقل التي تتخذ الطائفية شكلا لها. هذه الكراهية غريبة على مصر وغريبة على الدين الحق. إنها السلوك الذي يحتقره كل الأشخاص المتحضرين وسيتحدون لمقاومته"  .

وقد أسعدني رد الأستاذ السيد هاني في الجمهورية على السيد السفير البريطاني في مقالين يفصل بينهما أسبوع، ويمكن تلخيص الرد في النقاط التالية :

 -  من أبسط الأعراف الدبلوماسية ،عدم تدخل السفراء الأجانب فى الشئون الداخلية للدول التي يمثلون دولهم فيها .. وحوادث ماسبيرو شأن مصري داخلي بحت ،  ولا يحق للسفير التدخل فيه بأي شكل من الأشكال  ..

-  المظاهرات التي تجتاح لندن من وقت إلى آخر .. ويتم التعامل معها من قوات مكافحة الشغب البريطانية بمنتهى القسوة ، حتى تسيل دماء المتظاهرين فى الشوارع .. لا يتدخل فيها أي من السفراء الأجانب .

-  أيادي جنود الجيش البريطاني ملطخة بدماء أطفال ونساء المسلمين فى أفغانستان والعراق .. ويسأل الكاتب السفير ؛ قل لي : كم عدد الأطفال الذين قتلتموهم فى أفغانستان ؟.. كم عدد المدنيين الذين قتلتموهم فى مدينة البصرة العراقية ؟.. لماذا ذهبتم إلى العراق ؟ .. هل وجدتم بها أسلحة دمار شامل ؟ .. ألا تستحي أيها السفير من جرائم القتل التي ارتكبها جنود الجيش البريطاني ضد الأطفال والنساء فى أفغانستان والعراق؟..

-  .. أين هو الانحياز المنهجي ضد المسيحيين فى مصر ؟ .. هل يمكن للسفير أن يقدم لنا مثالا واحدا ؟ .. ومتى حُرم المسيحيين فى مصر من حقهم فى الحماية المتساوية من قبل الدولة والمساواة أمام القانون ؟ ..

-  نسبة المسيحيين فى مصر تساوى تقريبا نسبة المسلمين فى سويسرا وهى 5,5% (تعداد المسلمين فى سويسرا طبقا للإحصاءات السويسرية 420 ألفا من إجمالي عدد السكان 7 ملايين و600 ألف نسمة) .. السويسريون شعروا بالقلق من وجود 4 مآذن فقط فى كل سويسرا ، وأجروا حولها استفتاء شعبيا ، جاءت نتيجته رفض أغلبية الشعب السويسري السماح للمسلمين ببناء مآذن لمساجدهم .. وتمت إزالة المآذن الأربعة ..! والسؤال هو : كم عدد أبراج الكنائس فى مصر ؟ .. وهل من حقنا أن نجرى مثل هذا الاستفتاء أم لا ..؟!!ثم إن فرنسا أصدرت قانونا يحظر على النساء المسلمات ارتداء "النقاب أو البرقع" فى الأماكن العامة ، كما تحظر ارتداء الحجاب فى المدارس والمؤسسات العامة ، مع أن الحجاب فريضة على كل مسلمة .. وحق لها من حقوق الإنسان التي كفلتها المواثيق الدولية ..!  فهل أصدرت مصر أو غيرها من الدول الإسلامية قوانين مشابهة بشأن مواطنيها من المسيحيين ..؟وهل خرج المسلمون فى سويسرا أو فرنسا فى مظاهرات بقنابل المولوتوف لاقتحام مقار التليفزيون وقاموا بقطع الطرق وقتل الجنود وسحلهم فى الشوارع وإحراق سيارات الجيش .. اعتراضا على هذه القوانين التي تحرمهم حقوقهم ؟..وهل سمعت أن أحدا من سفراء الدول الإسلامية فى هاتين الدولتين تدخل فى شئونهما الداخلية ، كما تتدخل أنت الآن فى الشأن الداخلي المصري ؟..

 أرجو يا سيد جيمس – يقول الكاتب - أن تعتذر للشعب المصري عما جاء فى رسالتك التى تشعل الفتنة بين أبنائه..  

هذا ملخص الرد في المقالة الأولي ، ولعل القارئ يراجع المقالة الثانية ليرى تفصيلا مهما يكشف ما يفعله سفير جهنم في القاهرة .

أما سفيرة جهنم في القاهرة " آنا باتريسون»، فلا تعرف قواميسها الدبلوماسية غير الدسائس والانقلابات والحروب الأهلية، حتى إنها « قامت» باغتيال السيناتور بول ولستون، عضو مجلس الشيوخ الأمريكي، لمجرد « معارضته للسياسة الأمريكية في كولومبيا - كما تشير وثائق « ويكيلكس» المسربة ». « وعندما تولت السفارة بباكستان، قبل شهرين فقط من اغتيال رئيسة الوزراء الباكستانية بي نظير بوتو التي طلبت منها خطيًّا المساعدة في إجراء تقييم للأمن وحمايتها؛ لأنها كانت تخشى على حياتها، فإن باتريسون أوصت الإدارة الأمريكية بعدم التعاون معها لإجبارها على التعاون مع برويز مشرف صاحب الانقلاب العسكري في البلاد» وانتهت حياة بى نظير لأنها رفضت خطة « باتريسون».وكانت باترسون أول من أضفى الحصانة الدولية على مرتزقة « بلاك ووتر» لعدم المحاكمة على ما يقترفونه من جرائم في الدول الأخرى. وعندما كانت سفيرة لبلادها في كولومبيا وباكستان قامت بتجنيد بعض الأشخاص العاملين بوسائل الإعلام الأجنبية بتلك الدول في وكالة الاستخبارات الأمريكية بهدف تنفيذ انفجارات وأعمال شغب في هذه البلاد، فضلا عن عمل توترات دبلوماسية وتنفيذ عدة اغتيالات لشخصيات مهمة»، ويبدو أنها تستعد لأداء هذا الدور في القاهرة إن لم تكن قد بدأت فعلا في التنفيذ .

إن سفير جهنم وسفيرتها يلعبان دورا لا يتفق مع طبيعة دور السفير الدبلوماسي الذي يحرص على نمو العلاقات في الاتجاه الطبيعي ، وعندما يستغلان التمرد الطائفي لتحقيق مآرب ضد الأخلاق والسيادة الوطنية ؛ فإن الواجب يقضي بترحيلهما من القاهرة ، وطلب الاعتذار من حكومتيهما إلى الشعب المصري المتسامح إلى درجة السذاجة ، وفي الوقت نفسه يجب تطبيق القانون على الخونة الذين اعتدوا على الجيش وقتلوا من أبنائه 66 جنديا عدا من أصابوهم من الجرحى ؛ حتى لا يعودوا إلى مثل هذه الجريمة مرة أخرى .

أما أنصارهم في مجلس حقوق الإنسان ( الطائفي ) وفي إمبراطورية الإعلام الطائفي الصربي وإعلام المال الحرام والإعلام الرسمي ، فسوف يأتي وقت حسابهم بإذنه تعالي !