بشار الأسد والقرد الصغير

علي الأمين

علي الأمين

يحكى أن بعض الباحثين قاموا بتجربة علمية لدراسة سلوك الحيوانات الفطري عند الشعور بالخطر المحدق. و تتلخص التجربة بأنهم وضعوا قردة مع وليدها في حوض زجاجي فارغ عميق، و جعلوا الماء يتدفق رويداً، رويداً داخل الحوض، وصار الماء يرتفع و أزمة القردة تزداد عمقاً، و للتذكير فقط، فأزمة القردة مضاعفة بسبب و جود ابنها الغالي معها. 

وصل الماء إلى صدر القردة فدفعها خوفها لوضع وليدها على رقبتها، ولكن الماء لم يتوقف أبدا بل استمر في الصعود حتى صار يلامس فمه، فوقفت القردة على رؤوس أصابع قدميها و رفعت وليدها عالياً فوق الماء، غير أن هذا الماء العنيد لم يتوقف فغطى انفها بينما وليدها مازال معلقاً فوق الماء آمناً بين يديها.

غير أن استمرار تدفق الماء جلب معه ساعة الحقيقة، و حانت لحظة لا يمكن أن تُكذَّب نتائجها الفطرية التي تتكشف باتخاذ القردة قرارها المصيري بالحياة مهما كلف الأمر، فكان قرارها النهائي هو أنها أنزلت وليدها و داست عليه بقدميها ووقفت على رأسه باعتباره أصلب جزء من جسمه.

وفي الحالة السورية نرى بوضوح أن الشعب السوري يشبه وضعه وضع هذه القردة المسكينة، بينما ابن القردة يشبه ما يسمى بالجيش السوري ظلماً و عدواناً بقيادة الطغمة الحاكمة برئاسة بشار الأسد. و سبب المقاربة أن بعض السوريين مازالوا يعتقدون أن الماء لن يغرقهم، و أن "الوطن – بشار" لن يقتلهم بالرغم من المنغصات الإجرامية للجيش الأسدي، و ربما يحاول البعض استمالة أو استعطاف الجيش بالصراخ الفارغ من مضمونه الآن بـــ" الجيش و الشعب يد واحدة" و الحقيقة أن الجيش يقتل الشعب بيد واحدة إلى هذه اللحظة.

فالوضع السوري يتلخص بأن الشعب ما زال يحلم باستيقاظ بعض أفراد عصابات الأسد المسماة "جيش الأسد" من نوبة التنويم المغناطيسي الأسدي ليحميه، لا ليبيده لقاء طلبه الحرية، بينما وفي الجانب المقابل ننبلور إرادة حياة النظام بتنفيذ القتل و التنكيل و إتباع سياسة "اقتل واقتل حتى تقتل الجميع و تجلس على جثثهم منتصراً." فالقرد هنا لا يبكي مثل ابن القردة المكلومة، بل وبالرغم من أنه محمول على أكف الراحات وتتم معاملته على أساس انه الابن المدلل و رمز المستقبل وما إلى هنالك من خزعبلات مندسة من قبل النظام السوري المجرم، فهو يغرس خناجره ورصاصه المتفجر في صدر من يحمله.

لقد استفاد النظام الغاصب للسلطة في سورية من عدم فهم بعض الشعب لحقيقة حب الوطن ، فصار قرده العاق - جيشه المجرم يقتل الشعب بدم بارد متناسياً أن لصبر الشعب حدوداً، و أن الماء ما إن يصل إلى منافذ الحياة لديه، فسيقوم هذا الشعب الخانع باختصار الوطن بحياته الشخصية و سيدوس على رأس النظام و جيشه مهما كلف الثمن حتى ولو استجلب العالم كله لأرض الوطن ليعينه عليه.

فما بال بشار الأسد يعتقد انه في مأمن من مصير القذافي و تشاوتشيسكو؟ هل يعتقد انه أغلى على الشعب السوري من القرد على أمه؟ ساء ما يحكم هو و زمرته الإرهابية. إن على بشار الأسد أن يضع في رأسه انه هو وجيشه المجرم و مفردة "وطن" ذات المعنى الحزبي البعثي السخيف يمكن أن يكونوا محرمات يبتعد عنها الشعب الذي قرر أن يضع يده في يد إبليس ليخلص من الشيطان الرجيم.