أيها النظامان الروسي والصيني

أ.د. ناصر أحمد سنه

لن تنسي ثورة الشعب العربي مواقفكم المُخزية

أ.د. ناصر أحمد سنه - كاتب وأكاديمي من مصر

[email protected]

بداية لابد من التأكيد: إن من نكد وشؤم هذه الأنظمة العربية الطاغية المُستبدة، الفاسدة المُفسدة التي قمعت الشعوب العربية وإحتلتها وقتلتها ونهبتها وأذلتها وباعتها في سوق النخاسة.. أن تجعل البعض يضطر إلي مخاطبة أمثالها. آملاً منهم موقفاً مسانداً، كـ "المستجير علي ملعب السياسة الدولية "القذر" من الرمضاء بالنار".

كما لا تظنن، أيها النظام الروسي والصيني، أن لديكما مكانة معنوية أو حتي مادية، سوي أحتكاركما منذ حربكم العالمية الثانية لما يسمي "حق النقض/ الفيتو". ورقة تساومون بها في سوق النخاسة الدولي. وتتلاعبون بها لخدمة مطامعكم، وتحقيق انتهازيتكم، بقطع النظر عن المواقف المبدئية أو حتي مصالح الشعوب الأخري. لكن "المعاملة ستكون بالمثل".

أيها النظام الروسي والصيني: لماذا لم تقفوا موقفاً إيجابياً مع بدايات ثورة الشعب الليبي ضد الطاغية الليبي وكتائبه ومرتزقته الذين دمروا العباد والبلاد ، وتركوا ليبيا "المختار" خراباً يباباً.

ثم لما أنتصرت الثورة أتيتم صاغرين، خوفاً علي "مطامعكم في كعكة النفط الليبي" .. معترفين بالمجلس الوطني الإنتقالي اليبي وبثورة الشعب الليبي الحر الأبي. وساعين للإبقاء أو تجديد او تطوير عقودكم "الإستغلالية" السابقة مع النظام الليبي الفار الهارب البائد.

أيها النظام الروسي والصيني: لماذا لم تقفوا موقفاً إيجابيا مع ثورة الشعب السوري، ضد نظامه الشمولي، وقاتليه وشبيحيته، وجلاديه، ومعتقليه، ومُهجريه، وعارضتم إدانته.. دولياً.

ثم لما تنتصر الثورة السورية ستأتون أيضاً صاغرين، خوفاً علي "مطامعكم في كعكة التبادل الإقتصادي والنفوذ في المنطقة" .. معترفين بالمجلس الوطني الإنتقالي السوري وبثورة الشعب السوري الحر الأبي. وساعين للإبقاء أو تجديد او تطوير عقودكم "الإستغلالية" السابقة مع النظام البعثي الفار الهارب البائد.

أيها النظام الروسي والصيني: لماذا تقفوا متفرجين "مستمتعين" بالمذابح التي تجري للشعب اليمني. وقد ضرب أروع الأمثلة في سلمية ثورته وهو الذي لو شاء، بما يشيع لديه من سلاح، لجعلها دموية حتي النخاع.

أتظنون أن الشعوب العربية والمُسلمة وبخاصة الشعب الليبي والسوري واليمني سينسي لكم هذه المواقف الإنتهازية، بل المعادية لحق الشعب العربي في نيل حريته وكرامته وعدالته وإنعتاقه من طغاته ومستبديه.

هل ننتظر من هؤلاء موقفاً مشرفاً؟؟

من أنتم حتي ننتظر منكم موقفاً مشرفاُ. وأنتم النظم الشمولية القمعية الفاشستية التي تسوس شعوبها بالحديد والنار، وتسوقهم سوق القطيع، حتي تعترفوا بحق الشعب العربي في الحرية والتحرر الكرامة والعدالة.

فهذا النظام الروسي، وريث الدب السوفيتي السابق والبائد ايضا، وقمعه للحريات وإحتلاله سبعينيات القرن الفائت لجمهورية أفغانستان. وها قد خلفته أمريكا في هذا الإحتلال وتعاوناً ضد شعب هذا البلد المقهور المظلوم المسكين.

أين هذا النظام الروسي من حق تقرير المصير لشعوب الجمهوريات السوفيتية السابقة وبخاصة جمهورية الشيشان؟؟. بل نراه يعيث فسادا فيها ويُنصب حكومات عميلة وموالية له لا تحظي برضا الشعب عنها. ونراه يشن حرب أستنزاف للشعب الشيشاني ومقدراته وثرواته.

هذا النظام الروسي يتدخل تدخلاً سافراً، ومازال، في الشئون الداخلية لجمهوريات كازخستان وقيرغيزيا، واوزباكستان وتركمانستان وأبخازيا وجورجيا الخ

هل ننسي لك، أيها الدب الروسي العنصري، موقفك المعادي لأستقرار منطقة البلقان بعد تفتت الأتحاد اليوغوسلافي كما تفتت أتحادك السوفيتي؟. أننسي موقفك العنصري، و"أنتم عرق وعقيدة واحدة"، المساند للسلاف الصرب وصربيا، وطغاتها وسفاحيها "ساوبودان مليسوفتش"، ورادوفان كارازادتش" وغيرهما في حربهم ومذابحهم ومجازرهم البشعة في "البوسنة والهرسك" بحق المسلمين ثم الكروات. وكذلك في جمهورية "كوسوفا"المستقلة حديثاً، بحق المسلمين الألبان.

وهناك موقفه السلبي من "القضية القبرصية"، وإنحيازه ـ ككثيرين غيره ـ للشطر اليوناني من الجزيزة المُقسمة. دون الإعتراف بالشطر التركي منها، أو حتي المساهمة الجادة في جهود توحيد الشطرين: التركي والقبرصي. والذي وافق عليه القبارصة التراك ورفضه ـ بتعسف ـ اليوانانيون.

وهذا النظام الصيني الذي قمع شبابه وقتل طلابه وسحقهم بالمدرعات والدبابات في "ميدان السماء". بسبب مناداتهم "ببعض الحرية والتحرر" من سجن الحزب الشيوعي الصيني ونظامه القمعي. 

هذا النظام الصيني الذي  لايكل ولا يمل، من أرتكاب المذابح الدموية البشعة في "تركستان الشرقية/ إقليم سكينكيانغ", ليخمد أي صوت ينادي بحق تقرير المصير والحرية والتحرر والإنعتاق من الإحتلال والهيمنة الصينية علي الإقليم المسلم.

العار كل العار..علي هذه النظمة وأمثالها. الأنظمة المنافقة العارية من كل أوراق التوت التي تداري عوراتهم المكشوفة. إنهم سبب أساس في كل هذه المشاكل والمشكلات. ليتهم يخرسون ويصمتون.. لسنا بحاجة إليهم ولا إلي تصريحاتهم وشعاراتهم. لكن سنقف بالمرصاد  لمواقفهم التي تكيل بكل مكيال.

أننتظر من هؤلاء وأمثالهم موقفا مساندا لحريتنا وتحررنا وكرامتنا وعادلتنا الإجتماعية، واهم من يتصور ذلك؟. لكن، علي أية حال، في ظل هذه "القرية الكونية" المتشابكة المصالح والمفاسد في آن، لن يستطيع شعب أو دولة أو حضارة أن تعيس منعزلة أو بمعزل عن الآخرين.

إن لهؤلاء النظامين (الروسي والصيني) شبكة من العلاقات وجملة الروابط الإقتصادية والسياسية والثقافية في منطقتنا العربية والإسلامية. فـ"العين بالعين، والسن بالسن، والمعاملة ـ للأنظمة المعادية لحقوقناـ بالمثل". ولتجد هذه الأنظمة مواداً خاماً غير موادنا الجيدة والمتاحة والرخيصة، ونفطاً غير نفطنا الجيد والمتاح والرخيص، بل وأسواقاً، يسوقون فيها سلعهم، غير أسواقنا الشاسعة، الكبيرة العدد، العظيمة الإستهلاك. ولقد أثبتت المقاطعات الاقتصادية فضلاً عن الثقافية والفكرية ـ علي المستوي الشعبي علي الأقل، فعلها الفاعل والمؤثر. وأسالوا إن شئتم الكيان الصهيوني والأمريكي والدنماركي والفاتيكاني وغيرهم ممن يتخذ مواقفا مادية لحقوقنا وتطلعاتنا كأمة عربية مسلمة. ولتعلم ، هذه النظمة، أن بسياساتهم الخرقاء إنما يضرون شعوبهم من حيث يظهرون انهم يعملون علي رعاية مصالحهم.

وأخيراً.. لا يتحذلق متحذلق ويقول: من أنت حتي تتحدث بهذه اللهجة ونيابة عن الشعب العربي المسلم. والرد المنطقي: ومن انت حتي ترد مقولتي "ملكياً أكثر من الملك، ومزايداً اكثر من المزايدين". فلنحتكم إلي الشعب العربي المسلم في أستفتاءات.. لكن حرة ونزيهة وشفافة لا كالتي كان تزورها الأنظمة البائدة التي تمت الثورة عليها، وكنسها إلي مزبلة التاريخ.

تحيا الأمة العربية الإسلامية.. عزيزة كريمة حرة ولو كره الكارهون.

تحيا الأمة العربية الإسلامية.. قوية مهابة، لها مكانها ومكانتها، تعامل بالمثل.

تحية إلي كل شباب وشابات، ورجال ونساء الثورة العربية الكبري.

تحية إلي أهلنا وأشقائنا في تونس وليبيا ومصر واليمن وسوريا الخ.

تحية إلي كل الجرحي والمصابين والمعتقلين والمُهجرين والمُشردين.

وتبقي التحية موصولة للشهداء، من الشباب والأطفال والرجال والنساء، الذين رووا بدمائهم أروع صفحات تاريخ الثورات السلمية علي الإطلاق. تحية إلي كل من سقط شهيداً من أجل رفعة وكرامة وحرية وتحرر الأمة العربية الإسلامية. فدفعوا من دمائهم الذكية الثمن المُستحق لحريتها، وعزتها، وكرامتها.. رغم أنف النظامين الروسي والصيني، ومن لف لفهما، وسلك دربهما، وانتهج نهجهما.