إذا كنت لا تجيد العوم

د. رضا حمود

فمن الحكمة أن لا تدع التيار يجرفك...

د. رضا حمود- المانيا

عنوان المرحلة في هذه المنطقة ...نعم كم من الملايين الذين لم يجيدوا العوم وجرفتهم تيارات الحقد والقتل والاعتداء على كرامات الناس من المحيط الى الخليج... وللاسف الكثير يدعي اننا بخير ونتباهى ايضا بمذلتنا وخذلاننا وانحطاط عصرنا .... يتباهى الكثيرون في وقت تنخر في جسد هذه المنطقة كل انواع السراطانات من فساد وحقد وقتل وتضليل وانتقام وبحيرات من الدم جرتها علينا التفرقة والتجزئة والصراع على السلطة والجاه والمال .... واليوم اريد ان اذكر كل من انجرف وراء هواه كم من الالاف من الابرياء ذبحوا من جراء انجراف الكثيرين وراء تيارات لا تؤمن الا بالتفرقة والقتل والعنف والتكفير والغاء الاخر والتآمر على كل انواع المقاومة ... هل تذكرون التآمر الداخلي على الجيوش العربية في حرب فلسطين الاولى ...هل تذكرون التآمر على عبد الناصر وعلى كل رموز المقاومة ...كم من الزعماء والامراء والملوك وكم من المليارات دفعت لوقف مسيرة الرئيس عبد الناصر التحررية في المنطقة وكم من التيارات التي جرفت هذه المنطقة في الخمسينات والستينات ولا بد من ان اذكركم ايضا بمجازر ايلول الاسود وقبلها نذكركم بمعركة الكرامة التي لم يحافظ على كرامتها الا القليلون في هذه المنطقة ايضا ....ونذكركم بمرحلة ما بعد عبد الناصر كيف ان الرئيس السادات جعل مصر وخلال سنوات تنسلخ عن العروبة وكيف تحولت اللاءات الثلاثة المشهورة للرئيس الراحل عبد الناصر لا صلح لا اعتراف لا تفاوض الى انبطاح امام المطالب الصهيونية بالرغم من انتصار جيش مصر البطل وشعب مصر الابية في معركة عبور القناة ...وكيف ان الرئيس السادات ترك الجيش السوري بعد ان حرر الجولان وحيدا في المعركة ليجابه آلية عسكرية تعتبر من اقوى الاليات العسكرية العالمية وحلفائها من امريكان وغيرهم ....ونذكركم بمجازر صبرا وشاتيلا في لبنان وقبلها تل الزعتر والذبح على الهوية في شوارع بيروت وازقتها وتقسيمها الى شرقية وغربية ودمار كل لبنان وكل هذا باياد لبنانية وعربية وصهيونية .....وها هو المشهد يتكرر في العراق الحبيب ايضا فلا داعي لنذكركم بما جرى في العراق لان مسرح عمليات التقتيل والتفتيت والتخريب والتجزيء ما زال مستمرا وواضحا وضوح شمس في يوم صيفي من ايام بلادنا الحبيبة .... ولا داعي لنذكركم ما فعله الصهاينة في الداخل الفلسطيني المحتل من تذبيح وتهجير لشعب باكمله ....ولكنني اود ان اذكركم بانتفاضة الشعب الفلسطيني البطل انها ثورة الحجارة التي كتبنا عنها مرارا وتكرارا بعد ان حاول الكثيرون ان يطمسوها ويشوهوا سمعتها العطرة في تاريخ حقدهم وانحرافاهم في تيارات لا تعرف سوى التفرقة والقتل والانتقام .... انها ثورة التلاحم الوطني الفلسطيني التي اهلتنا لنربح المعركة الاعلامية على الصعيد العالمي ...لكن للاسف دفعت المليارات لانهاء هذه الحالة المتميزة في تاريخ الصراع ضد الصهيونية العالمية ....والعودة الى حالة التقوقع والاقصاء والشرذمة وكم من مئات الالاف بل الملايين الذين انجرفوا ايضا في تيارات متعددة وهم لا يعرفون العوم فغرقوا بظلمة الافكار والتفرقة والانتقام واغرقوا المنطقة باكملها ببحيرات من الدم والدمار ....وكم من الاخوة الاكراد وغيرهم قد ذبحوا وشردوا وهجروا في جميع اصقاع الدنيا ايضا نتيجة تيارات التفرقة والتقسيم التي فرضتها معاهدة سايكس بيكو في المنطقة ؟؟؟

وهل يعتقد الجمع منا الان باننا قد تخطينا مرحلة سايكس بيكو ؟؟؟ لا نحن بالحقيقة في مرحلة العن من مرحلة ما بعد الحرب العالمية الاولى والثانية .... لا اريد ان اعدد كل مزايا عصر انحطاطنا ...لكنني

اعود واكرر اخيرا الى جميع احبائي من المحيط الى الخليج والى اي طرف او جهة او دين او مذهب او قبيلة او عائلة انتمو بان لا تدافعوا الا عن الحقيقة والحق ولا تنجرفوا وراء اهداف اصحاب المصالح في تقسيم شعوب المنطقة ومجتمعاتها الى محميات اثنية واجتماعية متناحرة متقاتلة ...كما انني اريد ان اذكركم اخيرا كم هو عدد الفقراء والمساكين والمحتاجين في هذه المنطقة وكل هذا نتيجة عدم اجادتنا للعوم فجرفنا التيار في الاتجاه المعاكس لتراثنا الانساني والحضاري والثقافي والتهينا بافناء بعضنا بعضا ...فهل ترون اخواتي واخواني كم هي عميقة هذه الجملة اذا كنت لا تجيد العوم فمن الحكمة ان لا تدع التيار يجرفك ... وكل هذا يثبت لنا قطعا بان ما جنيناه على انفسنا واوطاننا هو اكثر بكثير مما صنعته بنا يد المؤامرة التي لا يريد الكثيرون ان يصدقوا انها موجودة وفاعلة في كل زاوية من زوايا المنطقة ....