قصة رؤيا

د.عبد الغني حمدو

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

أتذكر ياصديقي علي قبل سنتين تقريباً عندما كنت مسفراً من مصر , وجئت تركية بعدها وأنا في وضع سيء جداً , وكنا ننام أنا وانت في نفس الفندق ؟

علي وماذا يعني ذلك فقد مضى لنا أكثر من سنة لم نشاهد بعضنا , وتذكرني بشيء لم يكن ليغيب عن خاطري أبداً , وماذا تقصد من قولك وعلى أي شيء تلمح في القول والهمز ؟

لا ....أبداً

ولكن لو تلاحظ مايحصل في سورية اليوم وتطور الثورة فيها , وتصميم شعبنا البطل على تحقيق أهدافه , في جلب النصر مهما كان الثمن غالياً .فقال لي أكيد لقد أثبت للعالم أجمع ولنفسه قبل ذلك أنه صمم على عدم الخوف والخروج من تحت نير هذا النظام المجرم والذي لم يترك نوعاً من الجريمة ارتكبت في تاريخ البشرية إلا وقلدها وتفوق عليها , وحتى الحمير لم تنجو من اجرامه هذا

ومنذ أن عرفتني ياعلي وأنا أدعو لثورة شاملة في وطننا العربي , ولكن هذا ليس المهم الآن , بينما المهم هو الرؤيا التي حكيتها لك في الشهر الثاني عشر لسنة 2009 عندما قلت لي ذات صباح :

أراك مهموماً ويظهر على وجهك علامات الخوف والقلق , فقلت لك نعم وسبب ذلك من حلم حلمت فيه هذه الليلة , أتذكر تفاصيله كاملة وعندما رويت لك تلك الرؤيا , و تابعت كلامي بعد أن رويت له الحلم المرعب , فقلت يبدو والله أعلم ان النظانم السوري سيسقط قريباً , ولكن لن يسلم بسهولة  , وسوف تكون هناك حرب طاحنة يذهب ضحيتها الكثير من الشعب السوري , ولن نجد لنا ناصراً من البشر , أو داعما حتى .

فقال أتذكر ذلك جيداً ولكن لم آخذه على محمل الجد فقلت في نفسي , إنما هو حلم والأحلام بحد ذاتها تعبير عما يجول في خاطر الشخص أو القليل منها تعبر عن المستقبل كما يعتقد بذلك قسم من علماء النفس

ولكن هل تروي لي ماشاهدته فقد نسيت تفاصيله , ولكن سؤالي يادكتور مالذي جعلك تذكرني في ذلك الموضوع , فمن الخير أن نتحدث بشيء مفيد لابأضغاث وأحلام , فلنكن واقعيين ومنطقيين وكفانا أوهام وأنت تعرف أنني أميل للرأي والذي يقول الأحلام هي عبارة عن ماشاهده الإنسان في حياته وفي يومه ومن ثم يراه في منامه برموز وصور شتى

فقلت له هذا جزء من الحقيقة وليست كلها , وعلى كل حال سوف أعيده على مسامعك مرة أخرى لترى تحققه على أرض الواقع خطوة خطوة

فقال قل ماعندك وأنا أسمعك جيداً

وجدت نفسي في قريتي الصغيرة وأقف وحيداً على بيدر صغير ونظري متجه لجبل يعلو قريتي , ويوجد على سفح الجبل أصنام كثيرة صنعت من حجارة كبيرة بجانبها , وعلى قمة الجبل يوجد الصنم الكبير , والناس تعودت على رؤيتها ومنظرها أصبح طبيعياً , وفجأة تحطمت القشور الخارجية عن تلك الأصنام وخرج منها رجال يحملون أسلحة وشكلهم شكل الوحوش ويقودهم الشخص والذي خرج من الصنم الكبير واتجهوا حولنا , وأخذوا يحطمون كل شيء في طريقهم , حتى وصلوا أمامي فلم أجد وسيلة لمقاومتهم إلا الصراخ بأعلى صوتي ...الله أكبر , وبتكرار التكبير تحطموا واختفى أثرهم ليعودوا مرة ثانية على شكل طيور عملاقة , فعرفت السلاح المناسب فكبرت بأعلى صوتي وطلبت ممن حولي مساعدتي في التكبير , ولكن لم يشاركني أحد , وبمواصلة التكبير تحطمت معظم الطيور العملاقة واختفى أثر الذين بقوا على قيد الحياة , وخرج الناس بعدها لأعمالهم , ولكن وجدت كثرة الناس فقلت في نفسي لعلهم مندسين, فكبرت فوجدت الكثير منهم قد تحطم , ولم يبق إلا زعيمهم هجم علي غاضباً مزمجراً يريد أن يلتهمني , وبالتكبير بدأ يسقط منه جزءاً بعد جزء من جسده , وآخر لحظة أصبح قريباً مني وهوى بيده على وجهي ولكن كنت قد سبقته بالتكبير فتحولت يده وجسمه إلى رماد , وكانت النهاية لهم بعد ذلك

فقال وما علاقة ذلك بما يجري على الأرض الآن ؟

علاقة ذلك ياصديقي العزيز هو أن الرؤيا هذه تنفذ بحذافيرها على الأرض وهناك ثلاث مراحل , تواجهها الثورة السورية في سورية , فلو ناقشتها من وجهة نظري , حيث أنا مواطن سوري , أدعوا إلى الثورة ضد أنظمة الحكم في الوطن العربي ومنها النظام السوري , فشخصي يمثل الثوار فالثورة خرجت سلمية بحتة قوبلت أول مرة من رجال الأمن , فشل الأمن في ايقافها تطورت إلى الجيش  , فأصبح المجرمون بحق الثورة السلمية ثلاث أصناف , الجيش والأمن والشبيحة , يصرخ الثوار في جميع الاتجاهات لاأحد يسمع ولا يُرى من يهتم بما يجري في سوريا وهو يمثل صراخي الوحيد وطلبي من الناس التكبير معي فلم يستجيب أحد لطلبي , وبقيت أعتمد على نفسي وسلاحي الوحيد هو الصراخ بقول الله أكبر وهو مايفعله الثوار في سورية

الجزء الأول والثاني تحقق من الرؤيا بقي الجزئ الأخير وهو :

سوف يكون هناك مرحلة سياسية تظهر للعيان أنها هو الحل المناسب وسوف يشعر الناس بالطمأنينة , ولكن وعي الثوار للمرحلة القادمة وخصوصاً في المرحلة السياسية والمقاومة واستمرار الثورة , وفي هذه المرحلة ستكون صعبة حتماً , ولكن النتيجة هي النصر النهائي والتخلص من النظام واسقاطه للأبد

فقال معقباً صدقاً يظهر ذلك مطابقاً على أرض الواقع , وأرجو أن تكون المرحلة الثالثة خفيفة على أهلنا في سورية , وعلى الثورة أن تكون حذرة جداً من الألاعيب السياسية لاخماد هذه الثورة المباركة

فقلت له ضاحكاً :

لاتقلق طالما أن الله معنا , وهذا حلمي العجيب يرسم معالم الطريق الموصل لطريق الأمان

فضحك وقال إن شاء الله .....والله أكبر