الست شاهندة مقلد والكذب على الواقع

أ.د/ جابر قميحة

أ.د/ جابر قميحة

[email protected]

سبق أن استضافت السيدة منى الشاذلي بتاريخ 9/7/2011 في برنامج العاشرة مساءً .... استضافت السيدة شاهندة مقلد التي شغلت الحديث كله عن شخصيتها الثورية وجهادها هي وزوجها في مواجهة الإقطاع .

وقد نقضنا  ما قالت بمقال عنوانه " عفوًا يا شاهندة مقلد " .

**********

  وفي عيد الفلاحين ( مساء الجمعة 9/9/2011) استضافها مقدم برنامج ( مساء السبت ) على مدى ساعة كاملة . وقد خرجتُ من حديثها بعدة ملاحظات موضوعية أهمها الملاحظتان الآتيتان :

    1- حرصها الشديد على أن تنفرد بالبرنامج كله على مدى الساعة ، دون أن يشترك معها أحد ، أو السماح بمداخلات هاتفية من الخارج .

    2- أن حديثها مشحون بالأكاذيب والمبالغات في تصوير شخصيتها الذاتية ، وجهادها العملي في محاربة الإقطاع من أيام طفولتها . وطبعًا لم تذكر أنها كانت تتعامل بحذائها مع آل الفقي ، وربما امتطت واحدًا من الذين ركعوا ( بالأمر السيادي ) من آل الفقي أو أنصارهم لتركبهم شاهندة أو أنصارها كالمطايا .

**********

    كانت تتحدث بزعم أنها زعيمة اتحاد الفلاحين الذي يتبعه حاليًا 28 ألف فلاح . ومما قالت – مع محظة أنني أترجم لهجتها العامية إلى عربية سليمة : " وحرصًا على نشر فكرة هذا الاتحاد وكسب أنصار له كنت أسافر بالقطار من القاهرة إلى أسوان للدعاية لهذا الاتحاد .... لم أكن أركب الدرجة الأولى ، ولكني كنت أركب الدرجة الثالثة ، وكانت تغص بأعداد ضخمة من الفئران ، حتى استطعت أن أسجل من الفلاحين لهذا الاتحاد 28 ألف فلاح " .

**********

ولكي تجعل صفة الفلاح أصيلة في رجال ثورة يوليو 1952 قالت : " والحمد لله كل رجال الثورة أبناء فلاحين ، لا أبناء إقطاعيين ، وكذلك ثوار 25 يناير في التحرير " .

والواقع يقول أن الرجل الذي تولى محنة آل الفقي في كمشيش وهو عبد الحكيم عامر من أسرة كلها من كبار الإقطاعيين . وأنا أعرف أن عبد اللطيف بغدادي أحد رجال الثورة الكبار كان يملك هو وأسرته آلاف الأفدنة في الدقهلية .

**********

    وقد حاولتْ أن تصور شخصيتها " الفلاحية " ، وطابعها الثوري المعادي للإقطاع من صغرها ، فتكذب الأكذوبة الكبرى وتقول : " لما نهب اليهود فلسطين سنة 1948 م كان عمري آنذاك عشر سنوات ، فربطتُ بين استيلاء اليهود على فلسطين وطرد أهلها منها ، وبين استيلاء الإقطاعيين المصريين على أراضي الفلاحين وطردهم منها " .

    وهي أكذوبة كبرى فقد قامت إسرائيل بجريمتها البشعة وكان سني 14 عامًا ولم يخطر لا في بالي ولا بال أحد من زملائي ، أو حتى أساتذتي الربط بين هذه وتلك ، بل كان من أبناء الإقطاعيين من أدى فريضة الجهاد ضد إسرائيل وضد الإنجليز في القنال ،مثل بعض أبناء الوزير محمد باشا عشماوي ، ويوسف علي يوسف ابن رئيس الديوان الملكي في عهد فاروق .

    أما السيدة شاهندة فقد استطاعت - بعلم فياض وهي بنت العاشرة- أن تربط بين استيلاء اليهود على فلسطين واستيلاء الإقطاعيين المصريين على أراضي الفلاحين .

 ولا تعليل لهذه المعرفة الباكرة المُدّعاة  إلا " النرجسية العاتية " وتوثين الذات .

**********

    ونصَّبت الست شاهندة نفسها عالمة اجتماع وأديان فقالت بالحرف الواحد :

    - الفلاح المصري فلاح مصري

    - والمسيحية المصرية مسيحية مصرية

    - والإسلام المصري إسلام مصري

    ونحن نقول ما شاء الله يا ست لقد كنا نرفض أن يقال : الإسلام السياسي والإسلام الاجتماعي والإسلام الصوفي والإسلام الروحي والإسلام التربوي . لأن الإسلام إسلام . والسياسة وأمور المجتمع والتربية إنما هي جوانب من الإسلام الواحد ، وقد قال الله سبحانه وتعالى : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ) ( آل عمران من الآية 85 ) .

    وقال تعالى : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة من الآية 3 ) .

    ولو أخذنا بمعيارك يا ست شاهندة ..... معيار : الإسلام المصري إسلام مصري ... لأصبح عندنا عشرات من الإسلام بعدد الشعوب المسلمة ، فينتج منطقك الغالط : " عدة إسلامات " : إسلام مصري ، وإسلام عراقي ، وإسلام سوري ، وإسلام ليبي ، وإسلام تونسي ، وإسلام باكستاني ..... إلى آخره ، وكأن الإسلام زي من الأزياء التي تختلف باختلاف الشعوب .

**********

    واستمراءً لهذا " المنهج الشاهندي " نراها تزعم أن أخاها " محمد مقلد " الذي رشح نفسه في انتخابات مجلس الشعب الأخيرة اتفق معه مرشح الإخوان على تبادل أصوات الناخبين : أي يدفع كل منهما أنصاره لانتخاب الآخر ، ولكن مرشح الإخوان – على حد قول الست شاهندة – غدر بالاتفاق ، وغنم أصوات شقيقها دون مقابل " .

    وكنت أتمنى أن يسمح أو يطلب من هذا المرشح الإخواني مداخلة ولو صوتية ، ولكن السيدة الفاضلة ترفض ذلك .

    ونحن نعلم أن هناك مذكرات كتبتها – والأصح كتبت لها – تظهر فيها نفسها بمظهر البطولة والثورة ضد الإقطاع من الطفولة ، والهجوم الضاري على آل الفقي ، والصعود بزوجها إلى مرتبة الشهداء والصديقين .

    وأنا أدعو كل من يستضيف هذه السيدة المسرفة في القنوات الفضائية أن يدعو لمناقشتها واحدًا من آل الفقي ، أو واحدًا من أهل الرأي . وما أكثرهم .

**********

    وفي النهاية أدعو للست شاهندة مقلد أن ينير الله بصرها وبصيرتها ، وأن يريها الحق حقًا فتتبعه ، ويريها الباطل باطلاً فتجتنبه .

وما أصدق قوله تعالى (وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42)) (البقرة )