دلائل حتمية على انهيار النظام قريباً
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
عندما نتتبع مسيرة الثورة السورية وفي نفس الوقت الجهة المضادة لها نستطيع أن نستخلص مراحل ومواقف تعطينا الدليل الحتمي على بداية النهاية للتخلص من هذا النظام المجرم في سورية
فالحراك الشعبي بدأ في حوران كما يعلم الجميع وإن سبقه قبل ذلك تمارين في دمشق وكانت بداية أول حراك في سورية , وقد يعبر عنه عفوياً , ولكن هتافات أهل الحريقة في دمشق وقتها كانت الشعار الأول للثورة وبداية كسر حاجز الخوف كأنها أزالت أول حجر من سور برلين والتي عبرت عن الكبت الداخلي في نفوس الشعب السوري تجاه هذا النظام المجرم
وليس الغريب في الأمر أن تكون بداية الحركة من حوران مع وجود رموز قوية داخل النظام هي من حوران بالأصل , ليعقبها مباشرة التحرك في اللاذقية , وهكذا امتدت لباقي المحافظات السورية
خلال الفترة الماضية راهن النظام أمام مؤيديه أن هذه التظاهرات لاتمثل إلا قلة في المحافظات النائية , ولم يعترف فيها حتى الآن , والغريب في الأمر اليوم إعلان وزارة داخلية النظام والذي يحثون فيه المواطنين في دمشق على عدم الاستجابة للدعوات الداعية للمظاهرات حفاظاً على سلامتهم
ليس المهم أن تنادي بحقك في الحرية ولكن المهم أيضاً أن تمتلك المصداقية أمام نفسك وأمام الغير حتى تبرهن أن ماتسعى إليه هو حق استلب منك وأنت تجاهد لاستعادة هذا الحق
فالثورة السورية وثوارها الأشاوس عبرت مواقفهم كلها عن مصداقية هدفهم وسعيهم لتحقيق هذه الأهداف ويبذلون في سبيل ذلك الدم والنفس والمال ويتعرضون لأبشع أنواع الجرائم .ومع سلمية تحركهم وعدم تعرضهم لمؤسسات الدولة أو المجتمع بأي سوء
وفي المقابل راهن النظام على صدقية تعرضه للمؤامرة الخارجية أولاً مع أن كل الدلائل على الأرض أثبتت , أنه هو الصديق والعزيز عند تلك الدول والتي اتهمها بالمؤامرة وعلى رأسها اسرائيل , والتي حاولت بشتى الوسائل حمايته من السقوط , فانهارت مصداقيته والتي كان يتغنى فيها بالممانعة والتصدي , ثم حاول أن يثبت صدقية قمعه في أنه توجد هناك عصابات سلفية أو مندسة أو تخريبية , وفشل في هذا الإدعاء أيضاً
مع مضي أكثر من خمس شهور وهو يراهن أصدقاؤه المعلنين والباطنيين على أن هذه الثورة لاتمثل إلا فئة قليلة من الشعب تريد بعض الطلبات وأنه قادر على قمعها , وعندما بلغت مصداقيته الحضيض , في أن اعطى اسبوع أولاً وثانياً خلال شهر رمضان , مع ارتكابه لأبشع الجرائم , وقف عاجزاً بكذبه ونفاقه وإجرامه أن يقنع أقرب المقربين إليه , وأمام اصرار هذا الشعب العظيم على تأكيد صدقية ثورته , راهن على فقدان أي صدق في مسعاه فسقط سياسياً على المستوى الداخلي والخارجي
وحتى وصل لدرجة أن كل ماينطق فيه النظام من الرأس للذنب كله بعيد عن الصدق ولا يقولون إلا الكذب ولا يعدون وعداً يصدقون فيه , كما استغرب الأمين العام للأمم المتحدة من وعد بشار الأسد له بوقف العمليات العسكرية ضد المتظاهرين ولكنه أخلف في وعده
وزير الخارجية الإيراني يخشى الآن من سقوط النظام ويرهب الناس من فراغ سياسي ويدعو لحل الأزمة عن طريق الحوار , ويقول أحد المعلقين الإيرانيين على الوضع فيقول نحن وقفنا مع الثورات العربية لأن الغالبية من تلك الشعوب لاتريد النظام بينما في سورية لاتوجد هذه الأغلبية , والقصد من كلامه متى ماوجدت الأغلبية سوف نتخلى عن بشار ونقف مع الشعب
واعتراف وزارة الداخلية السورية اليوم والدعوة لعدم التظاهر لهو دليل قاطع على أن التظاهرات أصبحت قوية لدرجة لاتنفع معها القوة وإنما يحاول جاهداً تخفيفها بالرجاء ويدعي الخوف على الناس , بينما كل إعلامه وكلابه ينكرون وجود مظاهرات إلا على نطاق ضيق جداً
وأخيراً لقد سقطت مصداقية هؤلاء المجرمين أمام أنفسهم وأمام كلابهم وأمام الشعب السوري , وأمام العالم أجمع
بينما مصداقية الثورة أصبحت راسخة الجذور قوية البنيان هادرة كأمواج البحر العاتية , ووضحت الصورة للأعداء قبل الأصدقاء , في أنها ثورة شعبية تريد أن تخرج من الظلمات إلى النور ومن العبودية إلى الحرية , لكل الشعب السوري وبدون تفريق أو تمزيق أو إقصاء كما يسعى النظام لجر البلاد لفتنة طائفية كعرضه لتأليه النظام والإعتداء على المساجد والمصلين والشعارات الطائفية .