انشقاقات

أدباء الشام

أعلن بيان على الإنترنت أصدره الضباط الأحرار، وهم مجموعة أسسها منشقون عن الجيش السوري؛ أن انشقاقات كبيرة وقعت في حرستا (ريف دمشق)، وإن قوات الأمن والمسلحين الموالين للأسد (الشبيحة) تطارد المنشقين، حيث حدث هناك أول اشتباك معلن بين الجيش والمنشقين في محيط دمشق، وفق روايات السكان.

وفي هذا السياق، قال مصدر في لواء الضباط الأحرار لصحيفة الشرق الأوسط اللندنية إن أعداد المنشقين عن الجيش بشكل عام جد كبيرة، وإن النظام يحاول التعتيم على الأمر بشتى الطرق والوسائل. وكشف المصدر، الذي فضل عدم ذكر اسمه، أن الضباط الأحرار بصدد تنظيم أنفسهم على الأرض بغرض مواجهة قوى الجيش التي تعتدي على المدنيين العزل.

انشقاقات في الرسن:

وفي الرستن، قال سكان ونشطاء ان قوة سورية مدرعة طوقت مدينة الرستن شمالي حمص بعد انشقاق عشرات من افراد الجيش في المنطقة وذلك في احدث عملية لمواجهة السخط داخل القوات المسلحة خلال الانتفاضة الشعبية في سورية التي بدأت قبل خمسة اشهر.

ومنذ سقوط نظام العقد معمر القذافي في ليبيا تحدث سكان ونشطون عن تزايد عمليات الانشقاق داخل الجيش السوري وتزايد الاحتجاجات الشعبية في الشوارع ضد نظام الرئيس السوري بشار الاسد. وذُكر انه حدثت انشقاقات في محافظة دير الزور الشرقية ومحافظة ادلب الشمالية الغربية ومناطق ريفية من حمص ومشارف العاصمة دمشق حيث خاضت قوات الاسد معارك مع منشقين يوم الاحد.

وذكر سكان ان امرأة تدعى أمل كرمان (45 عاما) قتلت واصيب خمسة اشخاص اخرين مضيفين ان عشرات الاشخاص اعتقلوا في مداهمات جرت من منزل الى منزل في البلدة التي يبلغ تعداد سكانها 40 الف نسمة.

وقال اثنان من السكان في الرستن لوكالة رويترز ان القوات السورية نشرت 40 دبابة خفيفة وعربة مدرعة و20 حافلة مليئة بالجنود والمخابرات العسكرية في الساعة 5.30 صباحا على مدخل الطريق الرئيسي للرستن على بعد 20 كيلومترا شمالي مدينة حمص وبدأت في اطلاق نيران الاسلحة الالية الثقيلة على البلدة.

وقال أحدهما وعرف نفسه باسم رائد في اتصال هاتفي: "نشرت الدبابات على جبهتي الطريق السريع الذي مازال مفتوحا وأطلقت زخات من نيران المدافع الالية على الرستن". وذكر ان عمليات الانشقاق بدأت في البلدة حين اقتحمتها الدبابات قبل ثلاثة اشهر لقمع احتجاجات شعبية ضخمة ضد الاسد في هجوم سقط فيه عشرات المدنيين القتلى.

وأكد أبو محمود عضو اتحاد تنسيقيات الثورة السورية لتلفزيون "العربية" أن عدداً هائلاً من المدرعات يطوّق بلدة الرستن شمالي حمص بعد انشقاق عدد من الجنود لم يستطع إحصاء عددهم. وأضاف أبو محمود نزوح عدد هائل من سكان المنطقة قبل تطويقها خشية اقتحامها من قبل قوات الأمن الأمر الذي أصبح صعبا الآن على بقية السكان بعد فرض طوق أمني محكم على المدينة.

وبلدة الرستن هي عادة مصدر مجندي الجيش الذي ينتمي اغلب افراده العاديين الى السنة ويهيمن عليه ضباط من الطائفة العلوية التي تمثل اقلية في سورية والتي ينتمي اليها الرئيس السوري تحت قيادة شقيقه الاصغر ماهر الاسد. وينتمي مصطفى طلاس الذي شغل منصب وزير الدفاع لثلاثة عقود حتى تقاعد عام 2006 الى الرستن.

حرستا:

وفي دمشق قال مقيمون ان عشرات من أفراد الجيش انشقوا وفروا الى الغوطة وهي منطقة بساتين واراض زراعية بعدما اطلقت القوات الموالية للاسد النار على حشد كبير من المتظاهرين قرب ضاحية حرستا لمنعهم من تنظيم مسيرة الى وسط العاصمة.

وقال أحد سكان حرستا لرويترز بالهاتف: "الجيش كان يطلق نيران الرشاشات الثقيلة طول الليل في الغوطة وكان يلقى ردا من بنادق اصغر".

وجاء في بيان على الانترنت للضباط الاحرار وهي مجموعة تقول انها تمثل المنشقين ان "انشقاقات كبيرة" وقعت في حرستا وان قوات الامن والشبيحة الموالين للاسد تطارد المنشقين.

وهذا اول انشقاق يجري الابلاغ عنه حول العاصمة حيث تتمركز القوات الاساسية للاسد. ونفت السلطات السورية مرارا حدوث اي انشقاق في الجيش. وطردت وسائل الاعلام المستقلة منذ اندلعت الانتفاضة ضد الاسد في اذار/ مارس.

اغتيال ضابط منشق:

وقال نشطون ان قوات الامن قتلت يوم الاثنين ضابطا سابقا قام بدور رئيسي في تنسيق الانشقاقات بالجيش. وقالوا ان مصطفى سليم وهو ضابط سابق بالقوات الجوية في الاربعينات من العمر قتل بالرصاص عندما تعرضت سيارته لكمين قرب بلدة كفر نبل بمحافظة ادلب المجاورة للحدود التركية.

وقال احد النشطاء لرويترز في اتصال هاتفي "كان اغتيالا مستهدفا. وأصيب شخص كان يرافقه في السيارة بجروح بالغة لكننا تمكنا من الوصول اليه في المستشفى. ووقع الهجوم قبل الافطار مباشرة. لا نعرف ان كان من أطلقوا النار عليهم من شرطة الامن ام من جنود الجيش".

كما دخلت قوات مدعومة بالدبابات بلدة قاره على الطريق السريع ذاته الى الجنوب من مدينة حمص التي تشهد احتجاجات يومية وقال نشطاء ان هذا الهجوم اسفر عن مقتل أحد السكان واعتقال العشرات في مداهمات من منزل لمنزل.

وقال محلل سياسي سوري في دمشق طلب عدم نشر اسمه خوفا على سلامته "هذه الهجمات بالمدرعات على المناطق البعيدة تهدف الى سحق الاحتجاجات واحتواء أي انشقاقات في الجيش".

وأضاف "السيطرة السياسية للنظام على الجيش كانت تبدو محصنة.. لكن لم تعد كذلك.. بعد أن رأى أفراد الجيش المساجد وهي تقتحم والمصلين يهاجمون والماذن تقصف".

وتزامن سقوط القذافي فيما يبدو مع تنامي الضغوط الدولية على الاسد بسبب حملة القمع التي يشنها على المحتجين وعقوبات الاتحاد الاوروبي على قطاع النفط السوري.