المعارضة السورية وإيران

د. فراس الديري

اللعب مع الشيطان الإيراني

من المحرمات وحذار حذار من نار المجوس...!

د. فراس الديري

مع كل تشرذم المعارضه و "تخبيصها" بالشأن الوطني السوري كنا دوماً نقول صبراً جميل وبالله المستعان.. فأننا لانريد الانشطارات والانقسامات داخل بيوت المعارضه لتطوير وحده الصف ووحده الكلمه . وعلى الرغم من كل الأخطاء التي ارتكبها المعارضون كنا دوماً ندعو الى التركيز على هدف اساسي الا وهو " اسقاط النظام". وتجوازنا وبلعنا الكثير ولكن حينما يكون الخطأ استراتيجي فلا بد من طرح الموضوع للتوعيه حتى "لانطلع من جوره ونقع بجوره اعمق". 

ولندخل في لب الموضوع. لماذا يحاور بعض أركان المعارضه ممثلي نظام الآيات الإيراني في اوروبا. ومع قناعتي بان الاستماع  لا ضرر فيه وقد يكون مفيد فان بعض المعاشره

فيها ضرر ، فمن ينام مع الكلاب لابد ان يصيبه القمل. ومن يعتقد او يظن للحظه ان باستطاعته تحييد او تغير السياسه الايرانيه في حلفها مع نظام الاسد فانه مخطأ وسيرتكب حماقه ثمنها باهض. 

اولاً، ان هؤلاء الذي يدعون انهم يرفضون حوار النظام التزاماً منهم برغبات الثوره لان النظام قتل شعبه يجب عليهم بشكل مبدئ رفض الحوار مع ممثلي الحرس الثوري الإيراني الذي شارك بقتل الشعب السوري وهذا ثابت. هذا وقد دعم النظام الإيراني النظام السوري بالسلاح والعتاد والخبرات والخطط القمعيه لاستخدامها ضد الابرياء من شعبنا الأبي .فالالتزام بصوت الشعب الذي يقول " لاحوار  مع القتله" هو شئ مبدئي لاخلاف عليه. 

ثانيا ، إن الشعوبيه الايرانيه والنزعه القوميه الفارسيه والعقده التاريخيه الساسانيه تجاه الفاتحين العرب والحقد المجوسي على العرب يسبق كل المصالح بعين طهران. فمصلحه طهران لها الأولوية . ان سقوط النظام المجرم الذي ارتمى في حضن طهران ورضع من ثدي الآيات في قم اصبح في عداد الابن الوفي الذي ليس له بديل. لقد لعب نظام الاسد  الاول الورقه الايرانيه حين كان يمسك بها ، فدعم الإيرانيون ضد إخوتنا العرب في العراق فمد ايران بالسلاح والعتداد لقتل إخوتنا العراقيين. هذه الخيانه كانت وستظل اساس لوفاء طهران لنظام الاسود في دمشق. اضف الى ذلك فلقد كانت سوريا حلقه الوصل الاساسيه بين طهران وحزب الله وهو كما يعلم الاغلبيه مرتبط عقائديا بحكم الفقيه وهو أدات إيرانيه بكل معنى الكلمه. اما اليوم فقد اصبحت سوريا ورقه بيد ايران لعده اسباب لن نخوض فيها. وهذه الخدمات تجعل من نظام الاسد نظاما لاتبديل عنه لإيران فهو جزء من الكماشه الشعوبيه في المنطقه.

على المستوى الديني يعتقد نظام الاسود في دمشق انه اقنع ملالي طهران وقم بشيعيه النظام. وقام عبر العقدين السابقين بتنفيذ فكر  تصدير الثوره الإسلاميه الايرانيه وتشييع العالم العربي ذو الاغلبيه السنيه. ففتحت الحسينيات في انحاء سوريا. وضخت ايران الشيعيه أموال طائله لدعم انتشار التشيع في سوريا وصل الحد لدفع الرواتب لمن يعلنون تشيعهم. وفتحت دمشق باب الزياره للمراقد الدينيه ذات الرمز الخاص للشيعه مثل مرقد السيده زينب (رض). فاصبح هناك عشرات الآلاف من الإيرانيون في دمشق ومنح منهم الجنسيه السوريه أملا منهم لحمايه النظام اذا 

دارت الدوائر. ومع ان إخوتنا الشيعه واصحاب المذهب الاثني عشري يعلمون اصول النصيريه وخروجها عن المذهب والاسلام في معتقداتها فقد وجدت ايران ان المصلحه الاستراتيجيه تسمح بل تفوق كل المقايس للوصول للغايه. وبذلك يكون الطرفان قد مارسا "التقيه" من اجل الهدف والسياسه. لا اريد احد ان يفسر هذا التحليل على انه ذو صبغه طائفيه. فانا مؤمن بان لافرق بين الشيعه وأهل السنه و مؤمن بإسلام واحد لايفرق في فكري وقلبي وعقلي بين الاثنين. لقد درجت التحليل انطلاقاً من الدوافع السياسيه التي تربط طهران ونظام الاسد وسلوك الاثنين بعيد كل البعد عن روح الاسلام و سماحته. إذن فان من الناحيه العقائديه نظام الاسد يشكل جسر اساسي للثوره الإسلاميه الايرانيه في مد أقدام الاخطبوط الفارسي لتشيع المنطقه.

مع ابتعاد سوريا عن بعدها القومي العربي وخصوصاً بعد ثوره الكرامه  والعزله الدوليه لكلا النظاميين فان كلا الطرفيين الإيراني والأسدي سيستمران برقصه التانغو حتى يسقط احدهما الارض قريباً وقد يسقط كلاهما.

لقد تدخل الإيرانيون الشعوبيون بالشأن القومي العربي وهددت بشكل مباشر او غيره

 دول الخليج العربي من باب التوسع الإيراني الشيعي وركبت الفكر الشيعي مخفيه وجهها القومي الشعوبي المعادي للعرب بنفس الطريقه التي ركبت عصابات الطائفيه منذ ١٩٦٣ الفكر القومي للتسلق والبقاء في السلطه.

ان الإيرانيين ومنذ آذار ٢٠١١ وحتى اليوم لم يخفوا دعمهم المطلق لنظام الأجرام في سوريا فبالإضافة لما ذكرته سابقاً فقد حركت ايران أذنابها في بغداد لتقديم كل الدعم المادي واللوجستي لدمشق وفيما اذا اندلعت حرب أهليه سوريه لاسمح الله فان عصابات الاسد ستعتمد بشكل كامل على الدعم من خلال العمق الإيراني العراقي وبدون شك البعد اللبناني الإيراني. وكمثال ثان على الدعم وللضغط الايراني فقد قامت حكومه طهران بحرمان حركه حماس من الدعم المادي بسبب موقفها من الثوره السوريه. وهذا الحرمان سيستعمل ضد اي معارض سوري فيما اذا وصل الى مركز القرار في سوريا المستقبل "لتمريق" الاجنده الايرانيه على حساب. السياده الوطنيه.

ان العزله الايرانيه وعدائها للغرب بغض النظر عن اسبابه وتأويلاته يجعل من يحاورها و يدخل معسكرها عدواً مباشراً وموقع شك للغرب  ودول الخليج العربي والدخول في مثل هذه المعاكسات لا هو من مصلحه الثوره او المعارضه او حتى سوريا المستقبل. ودليلاً لما قلته فان الرئيس ساركزي ربط الشأن السوري بالوضع الإيراني قبل ايام. ولقد أراد المحور العربي والغربي فك الارتباط السوري الإيراني منذ فتره لاضعاف ايران اكثر منه لاضعاف سوريا. وقد ينتقد البعض هذه الفكره ولكن لابد ان اذكر بان الثقل الدولي هو غربي وهذه حقيقه واذا أردنا سوريا ديمقراطيه متطوره يجب ان نحافظ على العلاقات الثنائيه مع الدول المتقدمه لبناء سوريا المستقبل. هذه العلاقات تكون على اساس المصالح المشتركه دون الانتقاص من السياده السوريه.

ان مااريد ان اقوله هو ان السياسه والطبيعه الايرانيه تقوم على اساس ايران اولا وادعاءات طهران بحمايه المصالح الإسلاميه الدوليه هو شبيه لاكذوبه حمايه المقاومه والردع التي استخدمها نظام دمشق. اضف الى ذلك الحلف الاستراتيجي بين النظامين اصبح عبر السنيين حلف حياه او موت لكلاهما خاصه مع تزايد عزلتهما. ان العقائديه الايرانيه قائمه على التوسع خارج حدود ايران بما يعرف بتصدير الثوره ونشر التشيع والذي سيضعف اذا ما رحل نظام الاسد.

انه ليس من واجب احد في المعارضه الدخول في احلاف سياسيه بالنيابه عن الشعب السوري او نظامه السياسي القادم فلا احد مخول بهذا العمل ولااحد مخول برسم ستراتيجيات السياسه الخارجيه السوريه المستقبليه. ونجزم بذلك لعده اسباب اهمها انه

لايوجد معارضه سوريه موحده متفق عليها من عموم السوريين داخلا وخارجا. ولا يوجد جسد موحد لمعارضه معترف عليها عربيا او دولياً هذا من جهه. ومن جهه اخرى فالمرحله التي تمر ثورتنا العظيمه لم تصل الى مستوى الذروه او البلوغ للقيام بهذه التحركات.

ان نظام طهران قد يرغب ان يقسم ويضعف المعارضه السوريه لخدمه مصالحه ومصالح النظام المجرم في دمشق التي طالما تتقاطع في اكثر من محور كما سبق وذكرنا هذا وقد يتورط البعض في مسار الحوار مع طهران عن جهل سياسي وعدم احتراف قد يتحول فيما بعد الى ولاء قُبِض ثمنه مادياً من طهران 

مما يؤدي الى خذل الثوره والعمل في معسكر القتله وقد يستمر هكذا حلف حتى مابعد سقوط النظام مما قد يشكل اختراقاً مبكراً للسياده السوريه من جديد ويفتح الباب لمجموعه داخل سوريا الجديده لرعايه المصالح الايرانيه بكل أنانيتها وشعوبيتها وحقدها.

أني أنبهه واحذر اي معارض سوري من الدخول في لقاآت مشبوه مع ايران فهذا خط احمر ويتجاوز الخطوط السياسيه الى الأمنيه المخابراتيه.

ان التورط في اللعب مع الشيطان الإيراني هو من المحرمات وكل من يقدم على ذلك يجب 

ان يوضع موقع الشك. و حذار حذار من نار المجوس.