مقتطفات وآراء
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
طبعا الكل اليوم في مشارق الأرض ومغاربها كانت أعينهم متجهة على باب العزيزية في طرابلس , والجميع كان متخوفاً من مفاجآت لدى القذافي في قلعته الحصينة تلك , وقد كنت على يقين أن هذا التخوف لامبرر له والسبب في ذلك يعود إلى :
أولاً: الأنظمة المستبدة والمجرمة لاتثق بأحد ممن حولها ولذلك تتبع اسلوب تحريم النظر ومعرفة ماهو موجود في قلعتها حتى يبقى ذلك وهماً في نفوس المجتمع ينسج حوله الأساطير , والتي بدورها تصبح مصدر الخوف وأن هذا المكان يمتلك من القوة بحيث لايمكن أن يفكر أحد ما باقتحامه , مع أن حقيقته عكس ذلك وهو يكاد يكون شبه مفرغ من العتاد العسكري الضخم حتى لايشكل مصدر قلق على النظام الطاغي والناتج من انعدام ثقته ولو كان من أقرب المقربين لديه
والثاني سببه ناتج عن المشاهدة الحقيقية عندما دخلت ثلاث دبابات أمريكية للقصر الجمهوري في بغداد , على أن عناصر الحماية لايمتلكون إلا أسلحة خفيفة لم يستطيعوا مجابهة ثلاث دبابات فقط , وكان سقوط النظام وسقوط بغداد
والثالث وهو الأهم : من المعروف أن بطانة الطاغية ومجرميه يساندونه لسببين المصلحة والخوف , وعندما تصل قناعتهم أن السببين في خطر , ينقلبون عليه ويفرون ليتركوه وحده في معركته , والطاغي هو من أشد الناس جبناً , وبدوره يبحث عن مجرى يلمه ويندفن فيه مع الجرزان وما حوت تلك المجاري
وكان وعي الثوار الليبيون لهذه الحقائق ظاهرة لهم بتجاوزهم هذا الوهم والخوف ودخلوا المقر الوهمي فوجدوه خاوياً من كل قوة من المفترض أن تكون فيه , فبارك الله فيهم ونرجو من الله تعالى أن يتحقق نصرهم عندما يحققون الهدف الأسمى والذي من أجله قامت الثورة في ليبيا , وتحية من الأعماق لشعب ليبيا الحر الأبي وسكان طرابلس في تصرفاتهم الراقية , ولم نجد عندهم الحواسم كما حصل في العراق من نهب وسفك الدماء وتدمير كل شيء
من دروس الثورة الليبية لثوارنا الأعزاء في سورية , أن النصر قادم وأن آلة القمع والقوة عند النظام القمعي والشمولي والمجرم سينهار قريباً جداً , وأنه لايمكن إخماد ثورة شعب رفض النظام مهما بلغ اجرام هذا النظام , وتماسكه الموجود هذا ماهو إلا كبالون سينفجر في أي وقت تحت وقع الثوار وعزيمتهم وإصرارهم على النجاح , وحتما انتصار إخواننا في ليبيا جعلت الروح المعنوية عند النظام اليوم في الحضيض , ويجب استنفار كل الطاقات في كل المحافظات لضرب ماتبقى من معنوية غير متدهورة عند هذا النظام المجرم , قبل أن يستجمع قواه المعنوية , وكم الجميل أن يكون يوم الجمعة القادم هو جمعة اعدام النظام
موقف آخر
محاولة عربية لانقاذ النظام
انعقاد المجموعة العربية يوم السبت وقد يكون هناك خطة عربية كما صرح بذلك السيد رئيس الوزراء القطري اليوم , لوقف حمام الدم في سورية والخروج من الحالة الراهنة , كحل سياسي في اصلاحات يقودها هذا المجرم وأعوانه في نظام دمشق
أعتقد أن هذه المبادرة ستلاقي دعماً عالميا لحرصهم على بقاء النظام الحالي ولكن بصورة أضعف مما هو عليه , وليس بعيدا عن اشتراك تركية وإيران وبدعم صهيوني لانقاذ بشار ومن معه ولكي يبقى على الأقل حتى نهاية مدته الرئاسية لتجري انتخابات بعدها والكل يعلم نتيجة تلك الإنتخابات
وقد يتلاقى مع هذا الطرح هو تشكيل المجلس الإنتقالي والذي سيشترك في تنفيذ خارطة الطريق هذه , وينتهي الأمر بالمصالحة وبوس الشوارب وعفى الله عما مضى ولنبدأ من جديد تحت نفس الدولة الأمنية ونفس دولة الرئيس
وقد نصل لنفس الحالة اليمنية عندما وافقت أحزاب اللقاء المشترك على الخطة السعودية لانهاء الأزمة في اليمن , وأحزاب المعارضة والممثلة بكيان المجلس الوطني المزمع تشكيله , ستمثل أحزاب اللقاء المشترك , وكون سورية محادية للكيان الصهيوني فسوف يكون الضغط كبيراً على الطرفين لقبول خارطة الطريق هذه, وقد نجد الكثير من الأحزاب المعارضة للنظام ستقبل فيها مقابل امتيازات ومكتسبات حزبية وسياسية , وبالتالي سوف يكون تأثيرها كبيراُ على الثورة وقد تؤدي لانقسامها وتشتتها , هي حقائق يجب التفكير فيها ووضعها أمام الثوار في سورية لكي يتقوا الخطر قبل وقوعه وحتى لايقف عائق أمام تحقيق أهداف الثورة.