احتفال النصر مع راية مرفوعة في ساحة العاصي في حماة

د.عبد الغني حمدو

احتفال النصر مع راية مرفوعة

في ساحة العاصي في حماة

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

حاولت بشتى الوسائل الإتصال بذلك الضابط السوري الشجاع والذي ظهر على القنوات الفضائية في ساحة العاصي في حماة في العاشر من رمضان لهذا العام , لعلي أحظى منه بكلمة خاصة تطرب مسامعي وتهز مشاعري وتجمع عندي خيوط العزيمة المتناثرة طوال حياتي لتجتمع في ضفيرة واحدة , وتصبح قوية ومتينة تعطي الأمل المفقود والضائع ليعود حاضراً في ضمير وعزيمة كل مواطن مابين المحيط والخليج

لقد باءت كل محاولاتي بالفشل , وهاءنا أجلس حزينا يائساً بائساً في أنني لم أستطع أن اعبر عن العرفان لهذا القائد الشجاع ومجموعته من الجنود الأبطال

وفوق حزني الشديد هذا وجدت نفسي مستسلماً لنوم عميق ذهب بي لرحلة طويلة في  أعماق تاريخنا الطويل ووقفت في أماكن كثيرة ومتعددة منها مايحزن ومنها  مايزيد في النفس عزة وفخرا

لم تتركني تلك الطيور الغريبة والتي أحاطت بي في سماء مكة عندما هممت بالهبوط لتحية ذلك الرجل والذي اسمه أبو رغال إنه يحمل نفس الراية إنه يشبه الصورة الموجودة على الراية لابد من ان يكون ذلك الضابط والذي يحمل راية النصر بعد تهديم الكعبة الشريفة , وعندما حالت بيني وبينه هذه الطيور الغريبة وتقذفني لمكان ليس بالبعيد , عن مكة إنها المدينة المنورة , أبو لؤلؤة المجوسي يطعن الفاروق ويحمل نفس الصورة , واتجهت شرقاً هناك رجل يحمل نفس الراية إنه يطعن الإمام علي بن أبي طالب , هو ذاته هو عينه هي صورته حتماً , وتتحول مياه دجلة بعدها بألوان شتى ألوان دماء وحبر كتب ومخططات وابن العلقمي يخلد ذكراه وتخلد رايته وبابه صامد كصمود خيانته في النجف باب العلقمي , والطيوسي

لم يكن هناك طائرات ولم يكن بعدها قد عرف الإنسان الإختراعات الحديثة , إنه نفس الضابط نفس الشخص الموجود على الراية , يستلم مالاً من كولدمائير ويقول لها هاهي القنيطرة وما قبلها وما بعدها هي هدية للضعفاء والمحرومين والمظلومين من بني صهيون

الدبابات والعربات المجنزرة وعربات القوات المسلحة  السورية , والأبطال من من الجيش السوري يصعدون عليها ويحملون نفس الصورة , ولكن أين علم سورية ؟

سألت نفسي , ولكن لابد من الهبوط بين هؤلاء الأبطال فقد حانت الفرصة السعيدة للسلام على بطل التحرير وبطل المقاومة وبطل الممانعة

هبطت بين الجنود واتجهت ناحية الضابط المغوار حتى أسلم عليه

بالفعل حييته وتقدمت إليه ووضعت يدي بيده وحاولت تقبيله من جبينه

وعندما اقتربت منه لتقبيله أبعدني عن ذلك رائحة نتنة مقرفة فاحت منه وسائل يجري بين يدي تخرج منه رائحة طيبة لم أشتم في حياة طيباً رائعاً كهذه الريحة العجيبة , فوقعت في حيرة تصعد من الأسفل ريحة طيبة ومن الأعلى ريحة نتنة مقرفة

نظرت لمصدر الرائحة الطيبة فوجدتها دماءاً تسيل من بين يدي هذا البطل الشجاع , وجال نظري خلفه فوجدت جثثاً بشرية ملقاة خلفه بالمئات , تتصاعد منها أشعة بيضاء تعرج نحو السماء , فقلت لنفسي ياإلاهي ماهذا ؟

أطفال ونساء وشيوخ ورجال وقطع متناثرة من أجزاء بشرية

فقلت أيها المغوار من أين مصدر الدم هذا ؟

فقال لي ألا ترى أولئك العملاء فقد سفكنا دمهم أنا وجنودي الأبطال , وهذه الدماء والتي تنبع من بين أصابعي هي دماؤهم

فقلت له ومن صاحب هذه الصورة والتي ترفعونها بدلاً من راية الوطن ؟

فقال هو قائد الأمة عبر تاريخها الطويل , فقلت له لقد شاهدت بطولاته كلها الآن من اليمن لبلاد الحجاز إلى العراق وبلاد الشام , وفي معارك حماة , وقبلها معارك الجولان عبر تاريخنا الطويل , ولكن لم أجد هذه الصورة في معركة اليرموك ولا القادسية ولا حطين , ولا في اسبانيا ولا حتى على حدود الهند والصين , ولا في القادسية , ولكن وجدتها في كل موقف يندى له الجبين خجلاً على الخزلان العظيم  

وصرخت في وجهه عالياً لا ... لن يكون , لقد حان القول مع الجميع فليسقط كل عميل وخائن وليحيا الشعب الحر الأبي

وانطلقت نحو الصورة وأخذتها بقوة ورميتها أرضاً وأخرجت من جيبي راية وطني الحبيب , وانهالوا علي ضرباً وفي غمرة الضجيج وصوت المدافع والطائرات لأجد أنني لم أزل أشعر بالحزن والأسى في أنني لم أستطع تهنئة الضابط والجنود على قتلهم المئات من شعب حماة وهم يحتفلون بالنصر العظيم.