هل في سوريا جيش وطني؟

د. عطية الوهيبي

د. عطية الوهيبي

الجيش الوطني هو الذي يحافظ على الوطن، ويدافع عن سمائه وأرضه ومائه، ويذود عن عقائد شعبه وأخلاقه وقيمه ومقدساته، فهل أدّى الجيش السوري هذه الرسالة المنوطة به؟

لقد حكمت سوريا منذ نصف قرن من الزمان عصاباتٌ قرمطية باسم الوحدة والحرية والاشتراكية، ولبست ثياب الممانعة والصمود والثورية، ومقارعة الهيمنة الصهيونية، وجعلت حزب البعث رباً يعبد من دون الله تعالى رب البرية، وقال أحد أبواقها:

آمنت بالبعث رباً لا شريك له

 

 

وبالعروبة ديناً ما له ثانٍ

 

وغدا حزب البعث القائد والموجه للدولة والمجتمع والشعب بموجب المادة الثامنة من الدستور، وركب القرامطة صهوته، وقادوا المجتمع السوري إلى ردّة لا أبا بكر لها، وأسسوا مليشيات قرمطية، زُودت بأحدث الأسلحة سميت كذباً وزوراً: الجيش العربي السوري، فالقرامطة الجدد هم عمادها وسنادها وقادتها، ومن نازعهم أو خرج عن طريقهم فلأمة الهبل، ويزوره الموت الزؤام على عجل، ويُرمى بالخيانة والعمالة والدجل.

وها كم بعض إنجازات هذا الجيش، ولا جرم أنها تكتب فيها المجلدات والأسفار ولا يوفيها حقاً بعض أسطار:

        1)        سلّم وزير الدفاع هذا الجيش حافظ أسد هضبة الجولان للصهاينة عام1967م من غير حرب ولا قتال، وأعلن هذا السفاح الدجال سقوط القنيطرة عاصمة الجولان قبل تثنين وسبعين ساعة من تسليمها للصهاينة الأنذال، وأمر الجيش بالانسحاب الكيفي، ففر القادة والجنود أبطال الممانعة والصمود، ولبسوا ثياب النساء، وولوا الأدبار، وهرب قائد الجبهة المغوار (أحمد المير) على ظهر حمار، وتركوا مدافع الميدان والدبابات والمدرعات وصنوف الأسلحة كافة في مرابضها بشحمها ولحمها هدية للصهاينة، ولم يثبت في خطوط الدفاع سوى ثلة قليلة عصت أوامر القيادة، فقضى بعضهم نحبه شهيداً، وحكم على من نجا منهم بالخيانة العظمى، لأنهم خالفوا أوامر وزير بائع الجولان.

        2)         رُبِّي هذا الجيش على سب الذات الإلهية والجحود والكنود، والتمرد على أوامر الله القوي الودود، فالصلاة أمر محرم، وإطلاق اللحى من الكبائر في هذا الجيش القرمطي البعثي الثائر، وصيام رمضان نوع من أنواع التمرد والعصيان، يُديم احتلال الصهاينة للجولان، (والله والملائكة والأنبياء دمى يجب أن توضع في متحف التاريخ) كما قال أشقى الأشقياء إبراهيم خلاص في مقال له في مجلة (جيش الشعب) نشره في شهر نيسان عام 1966م تعالى الله عما يقولون علوا كبيراً.

        3)        في عام 1973م سلم هذا الجيش في حرب تشرين التحريكية بقيادة حافظ الأسد رئيس الجمهورية رقاه الصهاينة والأمريكان من وزير الدفاع إلى رئيس جمهورية بعد بيع الجولان، سلم أربعين قرية علاوة على هضبة الجولان، وغدا الصهاينة على مرمى الحجر من دمشق، ولم ينسحبوا منها إلا بعد اتفاق فصل القوات عام 1974م ومن بنوده المهمة الحافظ على أمن الصهاينة في الجولان، وقد كان.

        4)         في عام 1976م وجه الجيش القرمطي البعثي بقيادة حافظ أسد ضربة موجعة للمقاومة الفلسطينية في تل الزعتر والمخيمات الفلسطينية، إذ سير هذا السفاح الألوية إلى لبنان ومن ضمنها جيش التحرير الفلسطيني في سوريا، وأُشيع أن هذه القوات ذهبت إلى لبنان لدعم المقاومة الفلسطينية في حربها ضد الكتائب المارونية التي تحالفت مع الصهاينة، ولما وصل هذا الجيش المقاوم إلى لبنان حاصر المخيمات الفلسطينية، وصب عليها الوابل المدرار من حمم اللظى، وانشق جيش التحرير الفلسطيني على نفسه، وانضم  إلى المخيمات يدافع عنها، وحصد الجيش القرمطي ما لا يقل عن 40000 من الفلسطينيين غدوا كعصف مأكول افترسهم هذا الوحش القرمطي الغول.

        5)        في ثمانينات القرن الماضي اجتاح هذا الجيش المدن السورية وأثخن قتلاً وذبحاً فيها عندما طالبت بالحرية وارتكب المجازر المروعة والمذابح المفزعة، وقتل في حماة وحدها ما لا يقل عن 40000.

        6)        في عام 1980م ارتكبت سرايا الدفاع بقيادة السفاح رفعت الأسد شقيق السفاح حافظ مجزرة سجن تدمر الرعيبة عندما أنقضت السرايا القرمطية على ألف معتقل من العلماء والمفكرين والدعاة وحصدتهم حصداً، ودفنتهم في مقابر جماعية.

        7)        في عام 1982م اجتاح الصهاينة جنوب لبنان، وأخذوا يستأصلون شأفة المقاومة الفلسطينية التي أقضّت مضاجعهم، وأسالت مدافعهم، ولم يحرك الجيش السوري ساكناً، بل شرب بعض قادته من القرامطة القهوة مع قادة الجيش الصهيوني، وسرعان ما انقضت طائرات الصهاينة على مواقع صواريخ سام السورية ودمرتها، وسرعان ما سحقت اللواء المدرع (51) عن بكرة أبية، وكان بقيادة عقيد قرمطي من آل (المعلا) فر إلى الديماس قرب دمشق، وأمر بعم المقاومة، فلم تطلق قذيفة واحدة على الصهاينة الذين سحقوا اللواء المدرع (47) وكان قد قدم من مدينة حماة بعد تدميرها ليحل محل اللواء المدرع الدمر (47) وعندما أطلق أحد الجنود وهو من معرة النعمان حوكم بالخيانة العظمى، ورُقّي قائد اللواء المدرع (51) من رتبة عقيد إلى رتبة عميد مكافأة له على هربه إلى الديماس، واختفائه في جحر فأر هناك.

        8)        كان الجيش الصهيوني يهاجم القوات السورية في أثناء وجودها في لبنان من غير انقطاع، ويدمر قواعد الصواريخ والرادارات والألوية المدرعة، وكان الجيش السوري يتلقى الصفعات ساكناً ساكتاً يدير خدّه الأيمن إذا صفعة الصهاينة على خدّه الأيسر، ويقول قادته في كل مرة: نحتفظ بحق الرد إلى أن انسحب، هذا الجيش من لبنان بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني المرحوم رفيق الحريري عام 2005م.

        9)        أغارت الطائرات الصهيونية الحربية والمروحية على مواقع عسكرية قرب دير الزور عام 2008م يقال إنها منشات نووية، ونزل الصهاينة على الموقع وكأنهم في نزهة فقتلوا وأسروا وسلبوا ونهبوا ورجعوا إلى قواعدهم سالمين من غير أن يطلق الجيش السوري عليهم طلقة واحدة.

      10)      أسهم قادة الجيش السوري القوميون العربيون في في دعم إيران الصفوية في حربها الظالمة التي شنتها على العراق عام 1980م وكانت تهدف تصدير الفكر الصفوي إلى العالم العربي والإسلامي، وقد أمدت القيادة السورية إيران بصواريخ سكود التي كانت تحصد أرواح الشعب العراقي في بغداد وبالخبراء والمستشارين مكافأه للجيش العراقي الذي صد الصهاينة عن دمشق عام 1973م عندما كان حافظ الأسد يختبئ في جحور الجراذين في جبل قاسيون حدثني بذلك عقيد في الجيش العراقي.

      11)      أصبحت سوريا في عهد هؤلاء القرامطة ولاية صفوية يسرح فيها الفكر الصفوي ويمرح من غير حسيب ولا رقيب، وهذا ما آثار حفيظة الشعب السوري المسلم الغيور الجسور، وقد كان سبباً من أسباب ثورته على هذا النظام القرمطي الغشوم الظلوم.

      12)      من أعظم انجازات الجيش السوري الذي احتفظ بحق الرد طويلاً على الصهاينة قيامه برد سريع عاجل ناجز على الشعب السوري الذي اقتربت ثورته من شهرها السادس من أجل نيل الحرية والكرامة كغيره من الشعوب بعد أن ذاق خلال خمسين عاماً أفانين العذاب وألوان الأذى، فهرع هذا الجيش بعد أن تلقى أوامره من السفاح بشار ابن حافظ السفاح الجزار يحاصر المدن والقرى والأرياف من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق، يرتكب المجازر الرهيبة، والمذابح الرعيبة ويشرد أبناء سوريا إلى الآفاق، ويدمر المساجد ويحاصرها ويمنع صلاة الجمعة والجماعة فيها، وهاهو يدمر مدينة حماة وغيرها من المدن السورية كما دمرها في ثمانينات القرن الماضي صمت عربي ودولي غريب مطبق وتآمر عجيب رهيب محدق على هذا الشعب المصابر الجسور المقدام المنصور بعون الله تعالى.

فهل يقال بعد هذا كله وهو غيضٌ مِن فيضٍ وقُلٌّ من كُثْرٍ: إن في سوريا جيشاً وطنياً مقاوماً ونظاماً قومياً ممانعاً؟! سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم.