المالكي يحرس حدود نظام البعث السوري

م. محمد حسن فقيه

م. محمد حسن فقيه

[email protected]

طيلة السنوات الماضية ملأ المالكي الدنيا فرقعة وضجيجا ، وهو يتهم النظام السوري ومعه النظام الإيراني بتصدير الإرهاب عبر الحدود السورية ، وتدريب عناصر القاعدة وتسليحها ، ثم إرسالها إلى العراق لتقوم بعمليات إرهابية ضد العراق أو القوات الأمريكية  ، وطلب تدخل الأمم المتحدة لإيقاف الدعم السوري للبعثيين العراقيين والمنظمات الإرهابية التي تنفذ عملياتها داخل العراق .

 والمالكي هذا غني عن التعريف فقد كان لاجئا بين  سورية وإيران ، وكان يتمتع في سورية  بامتيازات رفيعة  من بشار الأسد ومن قبله والده وأجهزة مخابراتهما .

 وبعد ترتيب غزو العراق من أمريكا بالتعاون والتنسيق مع إيران - بحسب التصريحات الرسمية للمسؤولين الإيرانيين -  ودخول المالكي وزمرته بحماية الدبابة الأمريكية ، بعد أن مرغ هو وشلته كرامتهم تحت الحذاء العسكري الأمريكي ، الذي أتوا به  ليدمروا العراق ويشعلوا الحرب الطائفية ، ويقيم قواعده على طول العراق وعرضها ويسيطر على بترولها ويسرق خيراتها ، ويتحكم في جميع أمورها  وسياساتها .

وطالما هدد المالكي برفع شكوى إلى الأمم المتحدة ضد التدخل السوري في شأن العراق قبل أن يتدخل المعلم الأكبر من طهران ليلملم الأمور بين التابعين .

* المالكي كان يتهم النظام السوري بتصدير الإرهاب إلى أراضيه ، واليوم  يضع يده بيده ويحرس له حدوده الشرقية ضد أبناء الشعب السوري ، والشرفاء من أبناء جيشه ، الذين رفضوا توجيه بنادقهم لصدور أبنائهم وإخوانهم فانحازوا الى الشعب ، وانشقوا عن هذا النظام المجرم الفاشي .

* لقد كان المالكي عاجزا عن حماية حدوده ، من تصدير الإرهاب وتهريب السلاح وتسلل المجرمين من سورية إلى العراق ! أما اليوم فقد أصبح قادرا على حماية حدوده ومنع حدوث أي تسلل من أبناء شعب سورية الشرفاء هروبا من القمع والقتل ، خدمة لنظام الفساد  والاستبداد البعثي في سورية .

* المالكي يسعى حثيثا لاجتثاث البعث من جذوره في العراق ، بما فيهم الشرفاء الذين ساهموا في بناء العراق ودافعوا عن حماه ضد الفرس والإسرائيليين والأمريكان ، وفي نفس الوقت يضع يده بيد البعث السوري ليتآمر معه ضد أبناء الشعب السوري الشرفاء والأحرار الذين استقبلوا مئات آلاف العراقيين بجميع أطيافهم ومذاهبهم والذين فروا من أجواء الفتنة والعنف في العراق بعد الغزو الأمريكي  بصحبة المالكي ورفاقه المناضلين تحت الراية الأمريكية والتعليمات الفارسية .

* المالكي يدّعي  بأنه وقف  مع  أمريكا ضد نظام دكتاتوري مستبد ، طموحا لنظام ديموقراطي حر ! إلا أنه اليوم قد وضع يده بيد نظام دكتاتوري مستبد ظالم سفاح ، ضد شعب أبي يثور وينتفض على واقع فاسد  لينال حريته ويسترد كرامته .

فجأة يتحول هذا الموقف العدائي والجار المتهم بتدريب الإرهابيين وإثارة القلاقل ، وتصدير عناصر القاعدة إلى  العراق ، وتنفيذ التفجيرات والاغتيالات وزرع العبوات الناسفة ، وتهريب السلاح من العراق إلى سورية في بداية المظاهرات ! يتحول هذا النظام المستبد الفاشي من عدو إلى حليف استراتيجي سري ، تقدم له الخدمات الجليلة بحراسة حدوده ، لمنع هروب أبناء الشعب السوري من بطش ألة القمع السورية التي تحاصر المدن المتاخمة للحدود العراقية ، والتي تربطها مع مناطق الجوار في العراق روابط عشائرية ونسب ومصاهرة ، خدمة للنظام المستبد في دمشق حتي يتمكن من اعتقال وقتل وقمع هؤلاء المتظاهرين العزل ، الذين خرجوا يطالبون بالحرية والكرامة .

والتساؤل  المثير عن السبب لهذا الإنقلاب الدراماتيكي الغريب في الموقف بين النظامين السوري والعراقي ما أسبابه ودوافعه ...

لا شك بأن الدافع الذي يقف وراء التحول المفاجئ والحلف السري هو تعليمات المعلم الأكبر من طهران ، والذي يجمعهما معا المشروع الصفوي لاكتمال حلم  ولي الفقيه صاحب مشروع الهلال الشيعي ، ودخول إيران ( الإسلامية )   بكل قوتها وزخمها ضد الثورة السورية للقضاء عليها وإجهاضها حفاظا على نظام ( البعث ) السوري ، الذي فتح لها البوابة العربية لتنسلّ منها إلى جميع البلدان العربية لتنفيذ بروتوكولاتها المجوسية ، ومخططاتها العدوانية والتوسعية ، ومشاريعها الصفوية في المنطقة . 

إن هذا الموقف المخزي للمالكي ضد أبناء الشعب السوري ، موقف مشين لا يمت لأخلاق العرب وشيم العروبة  وحق الجوار، ولا يستند لعرف أو دين أوقيم أو خلق  ، وهو مدان من منظمات حقوق الانسان والمجتمع الحر ، وله دلالاته ومؤشراته الخطيرة على مدى تبعية المالكي وشلته الصفوية الحاكمة لنظام إيران الفارسية ، وتنفيذ تعليماتها بدقة متناهية ولو انتهك بسبب هذه السياسة الطائفية الحاقدة حقوق الانسان وراح ضحيتها الأبرياء العزل من نساء وشيوخ وأطفال ، انتصارا لنظام قمعي مستبد ظالم .... كان بالأمس القريب عدوا لدودا للعراق ... ويصدر لها الإرهاب والخراب والدمار .

من غرائب الأمر أن المالكي يتطوع اليوم لحراسة حدود نظام البعث السوري وهو يدعو لاجتثاث البعث العراقي ، وفي نفس الوقت تتوغل إيران مئات الأمتار داخل الأراضي العراقية ، وتقصف من أيام قرى شمال العراق بنيران دباباتها ومدافعها دون أن يرد عليها ويدافع عن أرضه ، أو يحمي حدوده الشمالية منها ، لا بل لم يندد  حتى تصريحا أو تلميحا ، ضد هذه الاعتداءات الصادرة من المرجع الأكبر والأب الروحي . وأنّى له أن يدافع أو يندد أو يتكلم ، وإيران هي التي ألقت بكل ثقلها لتجديد تسليمه رئاسة الوزراء مع عدم فوز كتلته  وعدم استحقاقه القانوني ذلك  .

فهل يستحق أمثال هؤلاء قيادة العراق ، وهو يسكت عن انتهاك حدود بلاده ،  ويحمي نظام البعث في سورية ضد شعبها الذي يطالب بالحرية استجابة للتعليمات الإيرانية ، وهو يطالب باجتثاث البعث في بلاده ؟!

إن الشعب السوري سيختزن في ذاكرته القوية ، هذه السياسات التآمرية ، والمواقف الخيانية ، والتصرفات المخزية ، للأيام القادمة والتاريخ ، بعد انتصار الثورة السورية قريبا بإذن الله ، رغم كيد الكائدين وتآمر الحاقدين وظلم الطغاة المستبدين وقمع السفاحين المجرمين .