متى سيرحل بشار الأسد؟
د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري
بالمقارنة مع الثورات في تونس ومصر وسقوط زين العابدين ومبارك بتضحيات من قبل الشعبين لم تصل لألف شهيد ونرجو من الله تعالى لهم الرحمة ونحسبهم شهداء عند رب كريم
مع مقارنة أخرى بثورتي ليبيا واليمن ففي ليبيا تحولت لحرب طاحنة بين الثوار والنظام , وفي اليمن مازالت ترواح مكانها مع أن الثورة اليمنية قد عبرت نصف عام وعدد الشهداء فيها مازال بالمئات
ببينما في سورية بلغ عدد الشهداء الآلاف والمفقودين أيضاً بالآلاف وكذلك المعتقلين , واشتركت أفعال النظام الليبي والسوري بالتعذيب البشع والقتل والإعتقالات العشوائية والإغتصاب ونهب كل شيء يطول في يد عصاباتهما
والسبب في تمايز النظامين القذافي والآسدي عن باقي الأنظمة الآخرى ناتج بالدرجة الأولى عن ماض مستمر لأربعة عقود مضت مارس فيها النظامين أبشع وأفظع وفاق أي نظام إجرامي عرف على مدار التاريخ بحق شعبيهما
فعلماء النفس والفلاسفة يشتركان في تحليل شخصية المجرم من أن القاتل والمجرم يشتد إجرامه كلما زاد خوفه من اكتشاف حقيقته أمام الناس
فبشار الأسد كان يظهر بمظهر الرجل البسيط والمتعلم والبعيد عن الإجرام والتغني بالمقاومة والممانعة وغيرها من الشعارات والتي أكسبته زيادة تصاعدية في عيون المجتمع السوري وكذلك العربي , وعندما قامت الثورة وانطلقت في سورية وجد بشار أن انتصار الثورة يعني قبل كل شيء سقوطه أخلاقياً واجتماعياً , وإن أي اصلاح يقدمه لن يرض الشعب السوري فيه , فهو لايمكن أن يقدم إصلاحاً يقضي على المنظومة الفاسدة والمجرمة التي هو زعيمها والتي نشأت في ظل من ورثه السلطة
نجاح الثورة يعني انكشاف جرائم دواعم السلطة الحاكمة في سورية , والماضي المشين والماضي الإجرامي لهذا النظام منذ أربعين سنة , والذي لم يترك فئة من الشعب إلا وأجرم في حقها
فالقذافي عندما قامت الثورة كان قد همش الجيش من قبل واعتمد على المرتزقة
وبشار اعتمد على الأمن العريقة بالفساد والإجرام , وفي نفس الوقت سلم البلد لطهران تفعل فيها ماتشاء مع إعطاء الآلاف من الإيرانيين الجنسية السورية واحتلوا مراكز قيادية متقدمة في مفاصل الدولة وعلى مستوى السماح للمبشرين الخمينيين بممارسة كامل الحرية في التغيير الديموغرافي للشعب السوري وبناء الحسينيات مراكز التأهيل الشيعي , بالإضافة لذلك سيطرة الإيرانيين على مفاصل الدولة الإقتصادية , والإهتمام الأكبر بفيلق الحرس الجمهوري ذو النخبة الطائفية واهمال الجيش النظامي ليكون في الدرجة الثالثة من حيث التأثير والقوة
وعندما قامت الثورة نشر الجيش على كامل الأراضي السورية لحماية الفئة من المرتزقة بعد أن فشل الأمن بقمع الثورة فكان أن اعتمد على مايطلق عليه بالشبيحة , وهم من المجرمين السابقين ومن العصابات الشيعية القادمة من لبنان وطهران والعراق , وبما أن هذه العصابات لاتنتمي للشعب السوري فلن يكون فيها عنصر يحمل مشاعر إنسانية تجاه الشعب السوري ولذلك نلاحظ الجرائم المرتكبة والتي ترتكب , نفس جرائم عصابات الموت الشيعية في العراق ضد أهل السنة فيها
مما سبق أعلاه يكون السؤال هنا :
هل يمكن لبشار الأسد ترك الحكم والتخلي عنه أمام المظاهرات السلمية ؟
امتلاكه لماضيه المشين هو وأركان نظامه واعتماده على المرتزقة , ومداهنة الدول العربية والقوى العالمية لهذا النظام , يمكن القول أن بشار الأسد لايمكن أن يترك الحكم طوعياً , ولا يمكن أن يقوم بأي إصلاح حقيقي , ولا يمكن الجلوس مع نظامه للحوار لأنه ليس هناك نتيجة من أي حوار على الإطلاق , فالنظام الشمولي الإستبدادي أي إصلاح بداخله يسقطه حتماً
وهن ناحية معاكسة يطرح السؤال الآتي:
ماهو فائدة المظاهرات إذاً ؟
فائدة المظاهرات واستمرارها يكمن في خلخلة قوة وجود النظام وأركانه , وهذه المظاهرات ستكون السبب المباشر في تحرك قوى مؤثرة مخلصة في الجيش السوري , والتي بدورها ستكون الداعم الحقيقي للثورة والثوار على الأرض لإسقاط النظام عنوة , فكلما ازداد القتل وعمليات الإجرام كلما زاد ذلك في تصدع أركان النظام وفقدانه لقوته ونزيفها من حيث القوة العسكرية والقوة الإقتصادية , وسوف يتطور الأمر لاغتيالات فردية وقيادات مؤثرة في النظام , وتخلي الداعمين الأساسيين للنظام اقتصادياً عنه , عندما يشعرون بأن الخطر محاط فيهم وأنهم مهددون بالقتل والتصفية والإغتيالات والتي ستنفذ على أيدي الأفراد والذين انشقوا عن الجيش السوري والمنشقين لاحقاً فهؤلاء ليس أمامهم إلا المقاومة بالسلاح , وليس لهم خيار إلا القتال , لأن حياتهم مرهونة بدفاعهم عن أنفسهم , ودمهم مباح في حال تم إلقاء القبض عليهم من قبل أعوان النظام , بالإضافة إلى استمرار القتل والنهب والتعذيب سيجد كل سوري نفسه مضطراً للدفاع عن نفسه , وفي هذه الحالة ستجد الفئات المؤيدة أن حياتها مهددة ومصيرها مجهول والنظام لن يكون قادراً على حمايتها فستتخلى عنه , ولعلها هي التي ستقتله ومن أقرب المقربين لآركان النظام
ولا يمكن العودة للوراء بالنسبة للثوار فالعودة يعني الفناء , والتقدم والإصرار يعني النصر والنجاح والسعادة في ظل نظام قادم هو لكل أبناء الوطن وليس ملكاً لفرد أو عائلة أو عدة عوائل.