المتظاهرون السوريون مجموعة مجانين

م. عبد الله زيزان

م. عبد الله زيزان

[email protected]

قدر الله أن أكون بمدينة صحار العمانية وقت بدأ فيها الحراك الشعبي ضد بعض الفاسدين والظالمين...

بدأت القصة بمجموعة صغيرة جداً من الشباب... ربما كانوا بالعشرات لا أكثر... رفعوا لافتات تطالب بإنهاء الظلم ومحاسبة بعض المفسدين في السلطنة...

كان موقفاً رهيباً لدى الكثير... فالخوف من المساس برؤوس كبيرة في الدولة كان يدفع الشعب للصمت عن الفساد لسنوات طويلة...

ومن مسافة ليست بالبعيدة عن المظاهرة أوقفت سيارتي...

وسألت أحد المواطنين: ماذا يفعل هؤلاء وماذا يريدون؟؟؟...

فكانت المفاجأة... قال: هؤلاء مجموعة مجانين وسرعان ما سيهربون من أمام قوات الأمن وسيتم اعتقالهم...

عجبت لوهلة... هل المطالبة بالحقوق ومحاسبة الفاسدين بات نوعا من الجنون... أم أن الخوف المسيطر على ذلك الشاب دفعه لاتهامهم بالجنون!!!

بعد أيام قليلة جدا... وبعد إصرار هؤلاء القلة على الاستمرار بالخروج وبعد أن فشلت القوات الأمنية من تفريقهم... بدأت القرارات السلطانية تصدر...

رفع الرواتب بنسب عالية جدا...

توظيف عشرات الآلاف من العاطلين عن العمل...

إقالة الحكومة ومن فيها من رموز الفساد...

صرف رواتب لكل العاطلين عن العمل...

كانت حزمة كبيرة من القرارات التي أدخلت السرور على قلب كل عماني...

عشرات المعتصمين باتوا مئات ثم ألوفاً...

قدر لي بعدها أن أسأل ذات الشخص الذي وصف المتظاهرين بالمجانين نفس السؤال... فكان الجواب: هناك الكثير من الفاسدين... لقد نهبوا البلد... لقد حولوها إلى مزرعة لهم ... لقد ، لقد...

وبات يسرد لي جوانب الفساد والأرصدة البنكية لبعض الفاسدين...

حينها قلت أن مجموعة "مجانين" كما وصفهم البعض استطاعوا استنهاض الشعب وكسب مجموعة من حقوقهم... استطاعوا أن يحرروا شعبهم من الخوف، بات الجميع يتكلم عن الفساد والمفسدين دون تردد أو خوف...

والآن ما يحدث في سوريا مشابه تماما لما حدث هناك...

فقليل من صبية درعا أشعلوا فتيل ثورة سورية مباركة...

وأيضاً في سوريا، وصف من خرج في تلك المظاهرات بالمجانين والمغامرين... فأرواحهم يحملونها بين أيديهم... يواجهون نظاما له تاريخ طويل ملطخ بالدماء... لم يدققوا كثيرا بنتائج أفعالهم... ولم يحسبوا ما سيحل بهم في حال وقعوا فرائس بين أيدي المجرمين...

هؤلاء "المجانين" استطاعوا كسر حاجز الخوف لدى الكثير...

وبفضلهم بات النظام خائفا على أركانه... بدأ بتقديم التنازلات والرشاوى للشعب... الواحدة تلو الأخرى... ليشعر حينها الكثير أنهم كانوا هم المجانين... ومن خرج في درعا وغيرها من مدن سوريا هم العقلاء... هم الوطنيون... هم الأحرار...

يتزايد الآن مؤيدو الثورة... ويتزايد الشعور بأن الثورة باتت تؤتي أكلها... وأن النظام بدأ يترنح أمام مئات الألوف من الشباب الثائرين...

لنا أن نتخيل الآن كيف سيكون موقف النظام حين يصبح جمهور الثوار ملايين يتدفقون في الشوارع!!!

ولنا بعدها أن نتخيل شكل المتقاعسين والجبناء بعد سقوط النظام، وكيف سيكونون كالأقزام أمام إنجازات الثورة السورية المباركة...