وصف للأوضاع في بانياس بعد أربعة أشهر من الثورة

أدباء الشام

وصف للأوضاع في بانياس

بعد أربعة أشهر من الثورة

مدينة بانياس

وصف موجز لحال مدينة بانياس بعد أربعة أشهر من بدء الثورة السورية المباركة

وبعد ما يقارب الشهرين ونصف على اجتياح قوات الأمن الغادرة والجيش المسلوب الإرادة لمدينتنا الحبيبة

تعريف عام بمدينة بانياس

 مدينة بانياس مدينة سورية ساحلية تقع في الغرب على شاطئ البحر الأبيض المتوسط

بين مدينتي طرطوس واللاذقية

تعداد سكانها يقارب من 75 الف نسمة

حوالي 40 الفا من السنة

والباقي من الطائفة العلوية وعدد قليل من النصارى

محاطة بسلسلة جبال يسكن أغلبها ابناء الطائفة العلوية النصيرية مع وجود ثماني قرى سنية هي :

المرقب -علقين-بستان النجار-بساتين إسلام-البيضة-العديمة-عين الخريبة-بيت جناد.

يعمل أهلها بالزراعة والصيد بشكل رئيسي مع بعض المهن الحرة الأخرى.

مع وجود نسبة كبيرة من المثقفين من الاطباء والمهندسين والأساتذة وغيرهم.

يوجد في البلدة منشأتين ضخمتين هما مصفاة بانياس لتكرير النفط وهي الأكبر في سوريا وكذلك محطة لتوليد الطاقة الكهربائية.

التمييز الطائفي في بانياس

لكن البلدة تعاني من تمييز طائفي مقيت بدأ منذ تولي حكم البعث ومن ثم أبناء الطائفة العلوية لشؤون الحكم في سوريا

حيث أقيمت عدة أحياء لأبناء الطائفة ضمن أراضي مستملكة من أبناء البلدة السنة.

وأعطيت لهم دون وجه حق أو تعويض كما حصل في أراضي تحولت فيما بعد لحي القوز وحريصون والمروج والقصور.

كما أسندت لهم جميع الوظائف الحكومية سواء الخدمية كالبلدية والمالية ودائرة النفوس والعقارات

أو المنشآت الضخمة السابقة ذكرها.

فعلى سبيل المثال تستوعب كلا المنشأتين حوالي ثمانية آلاف عامل

يوجد من السنة ما لا يزيد عن مئة عامل فقط

أغلبهم من المهندسين والعمال الأكفاء

مصادر الرزق في بانياس

لذلك فان أغلب أبناء البلدة يعتمدون في تحصيل أرزاقهم على ثلاث مناح :

1- الذين يملكون حرفا أو مراكب صيد أو أراضي زراعية وهؤلاء يعملون بما لديهم

2- الشباب الذين لا يتمون تعليمهم ولا يملكون أرزاقا بالبلدة يلجأ أغلبهم الى السفر في السفن التجارية  كعمال بحريين

3- الطبقة المتعلمة من أطباء ومهندسين وأساتذة يلجأ جلهم إلى السفر إلى منطقة الخليج العربي أو إلى أوروبا بحثا عن فرص العمل.

بانياس في ظل الثورة السورية المباركة

منذ بداية الثورة السورية المباركة كانت بانياس من أولى المدن التي خرجت تتظاهر ضد نظام الحكم إن لم نقل أولها

وكانت المطالب بداية تتمحور حول الظلم الواقع على الأهالي بسبب التمييز الطائفي

وقد شارك في هذه التظاهرات جل أهل البلدة من عوام الناس ومثقفيها طبعا من السنة 

وقد أخذت المظاهرات منحى مميزا مع استلام مجموعة من أبناء البلدة المخلصين المثقفين لزمام إدارة حركة التظاهر هناك

أولى المظاهرات خرجت بتاريخ   18/03/2011

ما لبثت قوى الأمن بإرسال التهديد تلو الآخر والوعد تلو الآخر لأهالي البلدة مع عدم تمكنها من فض هذه التظاهرات بسبب مشاركة كل أبناء البلدة فيها

بتاريخ 10/04/2011

أرسلت قوى الأمن بعض عناصرها بلباس مدني وبسيارات مدنية اقتحمت البلدة صباحا عند خروج الناس من المساجد بصلاة الفجر لتطلق النار على المصلين ليستشهد الشاب أسامة الشيخة ويجرح خمسة آخرين

كان قد سبق ذلك مساء تعطيل متعمد لشبكة الهواتف الأرضية والخلوية

خرج الناس بعد هذه الحادثة الى الشوارع وقاموا بإغلاقها بما توفر لديهم من متاريس

بعد عصر ذلك اليوم  10/04/2011 تحاول قوة من قوات الأمن مدعمة بعناصر مما يسمى الشبيحة من الطائفة العلوية اقتحام البلدة

فتصطدم مع شباب الاحياء السنية وتمنع من الدخول ليستشهد أربعة من شباب البلدة ويجرح ثلاث وعشرون من أبنائها

لتغلق المدينة متمثلة بالأحياء والقرى السنية المجاورة من شباب البلدة وتحاصر من الخارج بقوات الجيش مدعمة بالدبابات وعناصر الأمن والشبيحة وذلك لمدة سبعة وعشرين يوما .

في هذه الفترة العصيبة أغلقت المتاجر ومنع دخول المواد الغذائية إليها حتى المواد الطبية فقد مع إدخالها الى الصيدليات والمشافي.

بتاريخ  07/05/2011

تقوم قوات الجيش والأمن والشبيحة باقتحام البلدة معتمدين على ما يقارب 25 الفا منهم مزودين بكامل العتاد القتالي ترافقهم مئة دبابة وآلية مصفحة  حيث قامت بتمشط القرى السنية والأحياء السنية في البلدة

تطلق النار بشكل غزير من الاسلحة الفردية ورشاشات الدبابات ليستشهد تسع شبان وثلاث نساء من أهل البلدة والقرى المحيطة بها

ويتم اعتقال ما يقارب أربعة آلاف من سكانها ويودعوا الملعب البلدي ليساموا سوء العذاب.

ولتنصب حواجز أمنية في كل أرجاء المناطق السنية لا يبعد الواحد عن الآخر أكثر من خمسين مترا يهان الناس فيها على يد الجنود وعناصر الأمن

وما زالت هذه الحواجز قائمة على حالها حتى هذا اليوم بعد مرور ما يزيد عن شهرين ونصف

ولتستعمر كذلك ما يزيد عن خمس وعشرين مبنى لأبناء البلد ويستوطن فيها عناصر الأمن

  بدون أي وجه حق .

حال مدينة بانياس الآن

ما زالت البلدة كما أسلفنا تخضع لاستعمار من قبل قوات الأمن والجيش فحواجز منتشرة وأبنية محتلة .

وما زال حوالي 400 شاب من أبناء البلدة في السجون عدد منهم لا نعلم عن حاله شيئا إن كان حيا أو ميتا .

أولاً : من الناحية الاقتصادية

عدد كبير من محلات البلدة ما زالت مغلقة إما بسبب اعتقال أصحابها أو بسبب تواريهم من وجه قوات الأمن نظرا لورود أسمائهم على لوائح المطلوبين للنظام أو بسبب الانتشار الكثيف لقوات الأمن امام متاجرهم مما لا يهيئ مناخ جيدا للتبادل التجاري .

ركود اقتصادي يعم البلد بسبب :

الفصل الطائفي الآن من جهة

وبسبب العوائق المقامة أمام استقدام البضائع من خارج المدينة من جهة أخرى

وبسبب الغلاء المستشري بعد فقدان العملة السورية لكثير من قيمتها الفعلية من جهة ثالثة

أو بسبب توقف أهم المصالح التي يعتاش منها أبناء البلدة وهي الزراعة والصيد .

فالصيد توقف بشكل كلي بعد استيلاء الأمن على ميناء الصيد الوحيد بالبلدة وفرض أتاوات عالية على كل مركب

كما أصيب عدد كبير من القوارب بأضرار بالغة نظرا لبقائها الطويل خلال الفترة الماضية بدون حراك راكدة في الماء .

أما الزراعة والتي تشكل قسما كبيرا من مردود البلد الاقتصادي فقد أصيبت المحاصيل  بالتلف تماما وذلك نتيجة عدد من الاسباب :

أولها انقطاع مستمر للكهرباء والماء لعدد من الأيام بل الأسابيع وبشكل متواصل منع الأهالي من الري ورش المبيدات الضرورية مما أدى الى تلف قسم كبير من المحاصيل

ثانيا تطويق قوات الجيش للبلدة ومنع الناس من الدخول والخروج لأسابيع طويلة وتهديدهم بالاعتقال منع الناس من ارتياد مزارعهم والإعتناء بها

ثالثا توقف العمل بالسوق التجاري الخاص بالمزروعات خلال فترة الحصار منع الناس من تسويق ما يمكن جنيه

هذا كله أدى بالمحصلة الى تلف كل الموسم الزراعي وخسارة البلدة لعشرات الملايين التي تحصلها من جراء تصدير المنتجات خاصة ثمرة البندورة التي تشكل عصب الزراعة هنا

شئ آخر هام أثر سلبيا على الواقع المعاشي والاقتصادي لأهل البلدة هو توقف التحويلات المالية من أبناء البلدة المقيمين بالخارج إلى ذويهم والذي كان إلى فترة وجيزة رافدا هاما من روافد الحياة الاقتصادية في البلدة

بالمحصلة فإن المدينة تعيش حاليا واقعا اقتصاديا مريرا في كل احيائها

لقد قمنا نحن كمجموعة من أبناء البلدة بإحصاء ما لدينا من عائلات تحتاج لمساعدات اقتصادية عاجلة في الأحياء السنية في البلدة والقرى التابعة لها

لقد وجدنا انه لدينا ما يقارب 550 عائلة مكونة بشكل وسطي من ستة إلى ثمانية أفراد لكل عائلة بحاجة الى مساعدات فورية ضرورية نظرا للأسباب التي قمنا سابقا بسردها

ملاحظة :

لقد قمنا خلال الفترة الماضية بتوزيع مساعدات مالية لما يقرب من مئة وخمسين عائلة من هذه العائلات وذلك من خلال أموال قدمها عدد من أهل البر والإحسان من البلدة وخارجها جزاهم الله خيرا.

مع العلم أننا نقوم  بتوزيع المعونات على شكل قطع نقدية مباشرة نظرا لعدم قدرتنا على إحضار مواد غذائية وعينية مباشرة وتوزيعها وذلك للتشديد الأمني الهائل هنا على هذا الأمر .

ثانياً: من الناحية الطبية

المشفى العام : فالمشفى العام الموجود بالبلدة متواجد ضمن الحي العلوي

والعاملين فيه هم بالأغلبية الساحقة من أبناء الطائفة العلوية حيث لا يتواجد به إلا عدد محدد من الأطباء السنة.

وقد استعمل هذا المشفى خلال الفترة الماضية كمعتقل للجرحى مع معاملة جد سيئة من الكادر الطبي والتمريضي بل هي أسوء من أن توصف ببضع كلمات ولدينا شهادات حية على أطباء وممرضات بالأسماء من الطائفة العلوية أذاقوا المرضى الجرحى سوء التعذيب

لذلك فان ارتياد المرضى السنة الآن لهذا المشفى أصبح ضئيلا جدا إن لم يكن معدوما

المشفى الخاص :  هناك مشفى  خاص وصغير متواجد بالحي السني تابع لجمعية البر والخدمات الاجتماعية لكنه مشفى صغير جدا وكان سابقا يستخدم للولادة وبعض العمليات المحدودة لكن ونظرا للحاجة فقد بدأنا باستقبال المرضى فيه خاصة أثناء الحصار .

عند اقتحام الجيش وقوى الأمن للبلدة اقتحم المشفى من قبلهم حيث قاموا باعتقال كل من تواجد به من الأطباء والممرضين والجرحى حتى بعض الممرضات اعتقلن لعدد من الأيام حيث تعرضوا هناك لمعاملة غير إنسانية تهمتهم الوحيدة تقديم خدمات للمرضى والجرحى

ومن ثم أغلق المشفى بأمر عسكري ولم يتم فتحه إلا منذ أيام قليلة ليعمل بكفاءة منخفضة نظرا لغياب أغلب الكادر مع نقص شديد بالمواد الطبية الضرورية.

لكن رغم ذلك فنحن نحاول مع عدد من الاطباء إعادة تشغيله ليخدم أبناء المدينة وندرس حاليا ما نحن بحاجة له لتحقيق هذا الامر.

هذا وصف موجز لحال مدينة بانياس بعد أربعة أشهر من بدء الثورة السورية المباركة.

وبعد ما يقارب الشهرين ونصف على اجتياح قوات الأمن الغادرة والجيش المسلوب الإرادة لمدينتنا الحبيبة.

وأخيراً نداء إلى المغتربين من أبناء بانياس ومحبيها : إلى كل من يريد أن يمد يد المساعدة لأبنائنا وأهلنا في هذه المدينة الطيبة إن كان بدعاء في ظهر الغيب ..  أو ما يطعم به جائع  أو يكسو به طفلا  .. أو دواء يعالج به مريضا أو جريحا.

وللتذكير:  أن هناك ما يقارب 550 عائلة مكونة بشكل وسطي من ستة إلى ثمانية أفراد لكل عائلة بحاجة إلى مساعدات فورية ضرورية وخاصة مع اقتراب شهر رمضان المبارك.

طبعا مع إعلام كل إخواننا في مشارق الارض ومغاربها أن إخوانكم في بانياس وكل أنحاء سوريا قد اختطوا لأنفسهم طريقا عاهدوا به الله سبحانه أن يمضو عليه حتى إن لم يبقى منهم أحد لتحرير هذه البلاد من رجس الاوغاد وحثالات الحكام ولن يهنوا أو يستكينوا مهما كانت مشقة الطريق وعقباته حتى لو تركوا وحدهم في وجه الظالمين دون عون من إخوانهم فهم تيقنوا بوعد الله لهم بالنصر والمؤازرة

ومن أصدق من الله وعدا...........

16/07/2011  بانياس