يا بشار إني لك ناصح أمين أن ترحل
د. عامر أبو سلامة
كانت النصيحة بجمل كما يقولون, وكثير من الناس اليوم لايحبون الناصحين, وأرجو- يابشار أن لاتكون منهم- فتسمع هذه النصيحة, فترحل بلا تردد.
إرحل... لأنك عاجز عن أن تقدم شيئاً مفيداً لهذا البلد الميمون؛ فضلاً عن أنك يمكن أن تكون رجل إصلاح, أوقائد نهوض, ذلك أنك جربت زيادة على عشر سنوات, فلم تفعل شيئاً, ولم تقدم أي جديد يعود نفعه على الشعب والبلد, بل العكس هو الحاصل, والتراجع واضح, والوعود كثيرة, ولعبة العصا والجزرة, هي اللغة السائدة..... فارحل.
جاءتك فرص على طبق من ذهب, واستبشر بك كثير من المعارضين, فضلاً عن المقربين والنفعيين, على أن تكون رجل مرحلة, إلاً أنك لم تستثمر هذه الفرص, وغلبت سلطان القوة, وأبطنت سوء النية, وتعاملت مع هذه الفرص, بلغة اللف والدوران, والوعود الصوتية, فإذا بدا منك شيء, تمثل في الشر المستطير, والخطر القادم, لتثبت أنك رجل عاجز, عن أن تدير دولة, وتطوي صفحة الماضي_ على مراراتها وآلامها_ كما طلبوا منك, ليساعدك على لعب دور إيجابي, ألا أن الحقد غلبك, وكان اللؤم أكبر من الطموح, إذ سيطر عليك وجعلك حبيس أوهام قمعية كنت تظن أنك بها يمكن أن تدير دولة؛ وتكون محبوب جماهير, وتدخل التاريخ من أوسع أبوابه, ولكن هيهات!! فالله تعالى لايصلح عمل المفسدين.... فارحل.
يجب أن ترحل, لأن الأجيال التي بذلتم كل جهودكم, من أجل أن تقنعوها بكم, هاهي تخرج تطالبكم أن ترحلوا, ذلك لأنهم عرفوا فسادكم, واطلعوا على عوراتكم, وكشفوا زيفكم, وتبين لهم جرمكم, وظهر لهم ضلالكم, فالجماهير تصبر, ولكنها ترقب وتلاحظ, ومن ظن غباء الشعب, هلك, لأنه يقوده إلى لغة سيئة من خلالها يحكمهم, فيقع بالكوارث والطامات, وهذا الذي حصل في سورية, فالشعب خرج ولن يرجع, حتى ترحل, ليعيش حياته بعيداً عن ظلمكم وقهركم, وأنانيتكم ونهبكم, واسئثاركم وقمعكم, وخوفكم وسجونكم, وفسادكم وويلكم, وإذا ظننت أن الشعب, يمكن أن تضحك عليه بكلمة تلوكها, من خلال خطبة لايفهم منها شيء,لاتسمن ولاتغني من جوع, فأنت واهم, وتعيش غير الواقع..... فارحل.
بعد كل هذه الدماء التي سالت على يديك, ويد بلاطجتك, في كل المحافظات السورية, كيف يكون لك وجه تقابل به الشعب, وكيف لشعب أبي مثل الشعب السوري, أن يقبل بك, وقد فعلت به مافعلت, والدم لايصير ماء, كما في المثل الشعبي الدارج, فليس لك من وجود بين أبناء هذا الشعب, المجروح المكلوم.... أم ذبحت فلذة كبدها, أب قتلت ولده ومثلت به, امرأة رملتها لما قتلت زوجها, البكاء في كل بيت, آهات في كل زاوية, أنات في كل حارة, جراح نازفة في كل بلدة وقرية, فيلقاتل شعبي......فارحل.
عليك أن ترحل, لأنك سلطت( الشبيحة) ورجال مخابراتك, ليهينوا الشعب, ويدوسوا على رقابهم في الشوارع, ويمشوا على رؤوسهم وبطونهم, أمام بيوتهم, وعلى مرأى ومسمع القاصي والداني, وجبلت النفوس على حب من أحسن إليها, أما من يهينها ويدوسها, ويسيء إليها, فلا مكان له في قلب, ولايمكن أن يكون قائد شعب.
إن احترام الشعب, شرط لبقائك رئيساً له, أما وقد فعلت به أعاجيب التنكيل, وألوان التعذيب, فقد فقدت شرعيتك, والناس ماعادوا يطيقون رؤيتك, ولايتحملون شرك, وضاقوا بك ذرعاً, وصرت مصدر إزعاج لهم, ومبعث قلق للشعب..... فارحل.
إن من يمنع شعبه من أن يقول كلمة, يرى صوابها في صالح العباد والبلاد, هذا طاغوت لاخير فيه, ودكتاتور لايستحق البقاء على كرسي الحكم, وظالم فرعوني شعاره( ماأريكم إلا ماأرى), من هذا المنطلق قمعت المظاهرات السلمية, وقتل وجرح آلآف من أبناء هذا الشعب الأعزل, وجلد كثير من أصحاب الرأي, وشهر بالأحرار واتهموا بالعمالة, ووصفوا بأنهم جراثيم, وعوملوا معاملة ملؤها الخشونة, وطافحة بالرعونة, دافعها تكميم الأفواه, وكبت الحريات, وحكم الناس بالحديد والنار,فمن كان كذلك فهذا عدو الشعب لاحاكمه......فارحل.
إن اعتقدت_ يابشار_ أنك بالحلول( الترقيعية), فتقيل محافظاً, أو تنقل مدير مخابرات, أو تزيد المرتبات, وما إلى ذلك من إجراآت,تستطيع أن توقف هذه الثورة, وذلك الحراك الجماهري, وتحول الأمر لصالحك, فأنت واهم, وتعيش عالم الأحلام, التي تأمل بها, أن تستمر في الحكم, ذلك لأن المرض عصي, لايزول إلا بزوال نظامك, والمشكلة متجذرة بكل مفصل من مفاصل نظامك, فماذا ترقع حتى ترقع؟!! فارحل.
لايغرنك تصفيق المصفقين من حولك, فكم طير المصفقون من رأس, لأنهم لايقولون الحقيقة, ولا ينصحون, فهم مورطون, وبعدما يقع من يورطونه, يصيرون متفرجين, ويتحولون إلى شامتين, واقرأ التاريخ القديم والمعاصر, لينبأك عن حقيقة هؤلاء المطبلين المزمرين, لتجد أنهم يفرون أول الناس, ويهربون دون التفات إلى الوراء, فلا تعول عليهم واتعظ بغيرك, قبل فوات الأوان, خصوصاً وإن من ينعم النظر في خريطة سورية القادمة سياسياً, وقرأ القضية قراءة تفحص, يدرك تمام الإدراك, ما معنى أن أقول لك: إرحل.