دعم سعودي لبشار لقمع الشعب السوري

محمد حسن ديناوي

محمد حسن ديناوي

كان الخبر مفاجئا لكل من يتابع الأخبار عبر الصحف والشبكة العنكبوتية حول القرض السعودي للتظام السوري ، والذي بمضمون شروطه يعتبر بمثابة مساعدة مادية أو منحة من النظام السعودي يقدم كهدية  إلى النظام السوري .

الغريب في الخبر أن الإعلام السوري ينفخ عبر أبواقه وقربه الفارغة صباح مساء بأن الحراك الشعبي والانتفاضة في سورية ماهي إلا مؤامرة .. . وتتشعب مصادر هذه المؤامرة بحسب إعلام النظام ، فمرة من دول الجوار ومرة من الإمبريالية العالمية وأمريكا وإسرائيل ، ومرة من الإخوان وأخرى من حزب التحرير أو السلفية!ّ وعند تضيق الدائرة لحصر مصدر هذه المؤامرة المزعومة يقذف البعض باتجاه السعودية أنها خلف الموضوع ، وترمى التهمة على المدعو بندرآل سعود بالتنسيق مع إسرائيل !

رغم تصريحات المعارصة والتنسيقيات بأن مظاهراتهم ما هي إلاا حراك شعبي وطني سلمي ، يطالب بالحرية والكرامة ، ويرفض أي تدخل خارجي أو الاستعانة بالأجنبي .

ولا أظن الإعلام السعودي لا يعلم عن مسيرات شبيحة بشارالمحفوظة علي اليوتيب ، والتي وصفت السعودية باليهود وتوعدتها ( يا سعودية يا يهود .... ) ، كما قامت بشتم السعودية وأمريكا وقطر بطريقة بذيئة لا يقوم بها إلا سقط الناس وسفلة الأمة .

ومازالت ترن في أذني تلك الأناشيد الثورية الحماسية التي درّسنا إياها النظام البعثي وهو يشتم هنا ويسب هناك ، ويمتدح الحزب الشمولي القائد للأمة والمجتع ويخون الحكام العرب ويتوعدهم بإلإنقلاب عليهم وإزالة حكمهم .

تقول هذه الأنشودة الوطنية العروبية معبرة عن ثقافة الحزب وأدبيات الحركة التصحيحية في عهد الأب :

ملايين ملايين يا شعبي  ................................... فجرها ثورة حزبي

أقسم ما بحيد عن دربي ...................................قنديل البعث يضويلي !

ثم يعرج على الأردن والملك حسين الهاشمي فتقول الأنشودة :

ملك حسين يا صغيّر ..................................... حكمك بدو يتغيّر

شعب الأردن متهيّر ..................................... ليغير حكم القبيلي !  

 ثم تمر الأنشودة على الزعماء العرب شتما وتقريعا إلى أن يأتي دور السعودية فتقول :

فيصل عميل أمريكا ....................................... ذهب ما راح يحميكا

بالبترول منا نكويكا ....................................... ونجعل دقنك فتيل

هذه هي ثقافة هذا النظام وأدبيات حزبه الشمولي القائد ، وهذه نظرته للحكومات العربية ، وموقفه الإنقلابي ضد الحكام العرب .

لو كانت هذه المساعدة من بلد عربي إلى بلد عربي آخر لتعينه على تجاوز أزمته الإقتصادية ، وتذهب فائدتها ومردودها إلى الشعب لكان لزاما على كل مواطن سوري، بل وكل مواطن عربي أن يقف بإجلال واحترام ليشكر السعودية على هذا الصنيع ، ولكن هل يمكن أن تذهب هذه المساعدة فعلا لخدمة الشعب السوري ؟  أم أن الفائدة ستكون محصورة حكما بالنظام لتثبيت أركانه المتهاوية ؟ .

إن استخدام هذه ( المنحة ) ليست لتثبيت أركان النظام بطريقة سياسية فقط ، كتقديم المساعدات للشعب ، والقيام بإصلاحات في مرافق الدولة ومؤسساتها ، وتنفيذ مشاريع وخدمات للشعب البائس المقهور، إنما ستذهب لشراء السلاح والرصاص لإطلاقه على رؤوس أبناء الشعب المتظاهرين  لنيل حقوقهم المصادرة بطريقة حضارية سلمية ، يشارك فيها جميع أبناء الشعب بجميع مكوناته وأطيافه من أديان ومذاهب وإثنيات .

إن الدعم الإيراني  للنظام السوري هو دعم استراتيجي سافر ومباشر ، أما الدعم السعودي وإن اختلف عن الدعم الإيراني في شكله إلا أنه سيؤول لنفس النتيجة ، لأن الطاغوت والسفاح والمجرم يمكن أن يشتري بالأموال كل أدوات القمع والقتل والجريمة ، في سبيل بقائه جاثما فوق كرسيه ولو على تلال من جماجم الأحرار والمثقفين من أبناء شعبه الذين هتفوا ضده .   

إن الخدمات المقدمة من النظام السوري للشعب والجماهير ، نشاهدها كل يوم  من القتل والإعتقال والتعذيب ، والاعتداء على الأعراض وحرمات البيوت والمساجد ، ونهب المحلات وتدمير البيوت وحرق السيارات ... من المجازر المروعة والمقابر الجماعية وأدوات التعذيب الجهنمية ... وجثث الأطفال المشوهة بالتعذيب الوحشي قبل أن تخطف حياتها بأيدي المجرمين المتوحشين .

كان اللوبي اليهودي يجمع الأموال لدعم الكيان الصهيوني تحت شعار: ( إدفع دولارا تقتل عربيا ) ، فهل يرفع اللوبي الأسدي شعاره اليوم أمام إيران والنظام السعودي والكويتي ودبي و... : (  إدفع ريالا تقتل سوريا )  ...

تبا للدافع ... والمدفوع له ، دون شكر له  بعد تعبه ! .

إن الذي يساعد النظام السوري اليوم ، هو بمثابة من يشتري بندقية لرجل عصابة مجرم محترف ليقطع الطريق ، فيسلب وينهب وينتهك الأعراض ثم يقتل .

إن الذي يقدم الدعم المعنوي للنظام الأسدي ، هو بمثابة من يبارك له جرائمه في قتل أبناء الشعب السوري ويبيع دمائها الطاهرة الزكية في سوق نخاسة رخيص .

إن من لا يقف موقف الشرفاء ويشهد شهادة الرجال الأحرار ضد ما يحصل من قتل وظلم في سورية ، هو رجل جبان متخاذل لا يعرف معاني الرجولة ، ويساوي في صمته وتخاذله هذا بين المجرم والضحية  .

سؤال بريء : لو كان النطام السعودي يقف وراء الثورة في سورية ، وبحسب دعوى ولغة النظام السوري وروايته على لسان شبيحته الإعلاميين وأبواقه الجوفاء الفارغة ، إن السعودية  مصدرالمؤامرة على النظام السوري الديموقراطي الحر الشوروي ويسعى  إلى إسقاطه ، فلماذا يطلب النظام السوري المساعدة من نظام يتآمر ضده ويسعى  إلى إسقاطه  ويقبل بمساعدته ؟ ! .

ولماذا يقدّم النظام السعودي هذه الهدية لنظام يتهمه بالتآمر ضده مع أمريكا وإسرائيل ؟ ! .

هل يظن النظام السعودي بتقديمه هذه الهدية للنظام السوري أنه سيكسب وده ، ويشتري صمت إيران ضده ، ويساهم في إخماد لهيب الثورة السورية ، خوفا من انتقالها إلى مملكته ؟ ! . 

أم أن هناك عملية صفقة خسيسة لبيع دماء الشعب السوري ، وتثبيت أركان  بشار مقابل إنهاء الوضع في  البحرين ، والتي لا يقارن ماحدث فيها طيلة ثورتها بما خسر الشعب السوري في مدينة واحدة وخلال دقيقة واحدة فقط ! .

إن هذا الدعم المشبوه لن يفيد في تحييد عدو مخاتل ومخادع ، وسيكتشف النظام السعودي أن هذه المنحة المقدمة للنظام السوري ليست إلا الفأس الذي يقدمه لعدوه ليحفر له بها قبره ، أو حبل المشنقة الذي يقدمه  هدية لعدوه الحاقد المجرم اللئيم ! .