في معادلة الثورة السورية

د. ميشيل سطوف

عندما يصبح الرأي ابن "الشجاعة"

د. ميشيل سطوف

* الثورة السورية : الانعطاف الحاسم ، رحيل الوريث وإعداد البديل

* شارع الثورة – الأم والمعلم : توأم البسالة في العطاء والنضج في الوعي

* فوضى المؤتمرات والهيئات : بين المواكبة الطبيعية لمسيرة الثورة وبين الرسائل الخاطئة

* لتقديس الكلمات الكبيرة مخاطرها المحتملة وللإنحباس في لوغاريتم الذات أخطاره الأكيدة ، وليس من السهل علينا – نحن أصحاب الشعر الأبيض ، أو على معظمنا كي لا نظلم إمكانات وانفتاح البعض - أن نحتفظ بعزيمة الشباب وأهم لوازم المرحلة .. والتاريخ النضالي لأيّ منّا مهما كان غنيّاً لا يجعلنا معصومين عن الخطأ في الاجتهاد أو في السلوك أو في الأداء .

* لا حوار مع من لا يؤمن و لا يريد الحوار .. والثورات الزاحفة تفرض التفاوض حين تنضج موازين القوى ..

* من بدهيات الحوار والتفاوض أن يكون المعنيون مفوضين ومكلفين بتحقيق أهداف محددة لا مساومة عليها ، وليس مجال اجتهاد أو مبادرة لهذا أو لذاك .. حيث ندرك جميعاً الفروق بين التنظير وتقديم النصح للثوار وبين استبدالهم في أية محطة خارج التفويض أو الإدارة .

* الحوار المفروض والمطلوب ممن يجتهد أو يميل للحوار مع ( النظام ) هو الحوار الشفّاف مع القادة الميدانيين لدراسة اللوحة ،على أرضية الخلاص الوطني ، واستخلاص ما يلزم من واجبات وطنية وثورية تصبّ في نهر المسيرة الثورية .

قال المتنبي :

الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أولٌ وهي المحلُّ الثاني

وإذا هما اجتمعا لنفس ٍ حرّة ٍ بلغت ْ من العلياءِ كلَّ مكان ِ

 لاشكَّ أنّ المتنبي الحكيم أصاب الحقيقة في معادلته الشهيرة هذه . لكنّ الحقيقة ذاتها تبقى نسبيةً ، مرهونة بشروطها ومحكومة بمنطق الواقع . فالآراء والرؤى والاجتهادات المطلوبة في واقع الثورة السورية المتطور ، و مهما بلغت من أهمية وضرورة وبلغ أصحابها من صدق وحماس وإرادة وماض ٍ ورمزية ، تبقى وحتى إشعار آخر وليدة فعل الثورة السورية الزاحفة وابنة شجاعة وتضحيات الشارع الذي لا ينام ودم الشباب الذي لا يساوم ..

 إننا نعتقد أننا مدعوون جميعاً في دخولنا الطور الثالث للثورة السورية أن نلتزم بهذه الطبعة المعدلة لمعادلة المتنبي لنستطيع أن نخدم مسيرة الثورة ( لنفس ٍ أو أمة ٍ حرّة ) دون مغامرة أو أخطار ودون أن يعني هذا الالتزام أي تقييد لحرية المناضلين المنخرطين في نضال الشعب السوري من أجل الحرية الكبرى وضد الاستبداد أو القسر . فالواقع العياني السوري يكشف كم يمكن لشجاعة الشباب أن تجمع وتراكم من نضج الرأي المطلوب بما هو أوفر حظّاً من استعدادات " أصحاب الرأي " للتسلح بالشجاعة ونضجها المواكب ، حيث يتضح أنّ حماسة الشباب الاستشهادي البطل لم تفتقر يوماً ومنذ انطلاقتها للرأي السديد والإبداع الخلاّق ، متمثلاً بالتسميات الموفقة لكل " جمعة " بدءاً من " الجمعة العظيمة " لدرجة أني أومن بقوّة أنّ الثورة السورية هذه ستكون موضع وموضوع دراسات لاحقة كثيرة و استخلاص دروس غنية ..

 لماذا هذا الحديث ؟ ولمن هو موجّه ؟ إنه حديث الذات الوطنية لذات الوطن بعد أن قطع حراك الشباب المنتفض الثائر المصمم ، مع مطلع شهر جويليه / تموز طور الاحتجاج فطور الانتفاضة وأدخل البلاد بجدارة وتصميم في طور الثورة الشاملة التي استلمت راية المبادرة وحققت انجازات استراتيجية كبرى ما انفكت تتراكم اقتراباً من باب الانتصار على جماعة الاستبداد ومافيا الفساد ..

 أكاد لا أدري كم استوعبنا - نحن السياسيين المعارضين المخضرمين – أو استوعب بعضنا كامل أبعاد تسمية " جمعة سقوط الشرعية " بما تعنيه من قطيعة تامة مع مرحلة عهد مارق سقط من منظار مفهوم فلسفة الثورة وتصميم شبابها .. وما واكبها وتبعها وتبع الخطاب المذكور من تعبيرات ومواقف تجاه الحوارات المطروحة ، ليس بالتأكيد كرفض " لمبدأ وأهمية الحوار الوطني " بل للمفاهيم المطروحة للحوارات المناوراتية و الاستتباعية التي تعني في أذهان جماعة الحكم ( وقد تعني في سلوك وطروحات بعض المعارضات التي مازالت تراهن – من منطلق التخّوف على البلاد من تجبّر هكذا نظام شرس ٍ يهدّد بحرب أهلية و لا يعرف قمعه ومغامراته في مواجهة الشعب أي خطوط حمراء - على إمكانية الشروع بإصلاح هذا النظام أو بمساهمته القسرية وولوج التفكيك البطيء السلمي والآمن لقواعد ارتكازه .. ) عزل أو احتواء الحراك ، في الوقت الذي يعلمنا التاريخ أنّ ثورة تقف في منتصف الطريق أو تعلّق ديناميتها دون تحقيق أهدافها هي ثورة فاشلة بالإجهاض ..

 لقد عرف شهر جوان / حزيران ومطلع جويليه تطورات هامة على كافة الصعد والجبهات و شهد مبادرات عديدة الجهات والتصورات ... نضع عناوينها الأساسية فقط :

على جبهة الحكم : تعاظم عزلة جماعة الحكم التي استهلكت معظم أسلحتها الهجومية وعديد أساليبها الدفاعية بما في ذلك محاولات تشويه الثوار وتخويف المجتمع والمنطقة والتجييش الطائفي للوصول إلى فزّاعة الحرب الأهلية .. وذلك بفضل صمود الثورة ووعي الشارع المنتفض ..

انكشاف فاقع لهزالة وعقم أداء زعيم النظام في إدارة الأزمة وقد فقد الحدّ الأدنى من الهيبة أو المصداقية رغم كل التكريس الإعلامي الممجوج لتلميع صفحته .. الأمر الذي سيقود حكماً إلى ارتداد مفاعيل الأزمة إلى داخل بيت الحكم ، حين تنتهي مناورات الحوار والخط الثالث ( المباشر والمستتر ) إلى انسدادها الطبيعي ..

على جبهة الثورة : الثورة المستمرة في سورية ، هي العنصر الوحيد الثابت في وضوحه ومساره ومسيرته والمعسكر الوحيد الذي يوفّر عناصر الانسجام بين الوسيلة والهدف ( أو الوسائل والأهداف ) ، وضوح الوسيلة المتميزة بالسلمية والعزيمة والتصميم والهدف المتمثل بسقوط " الشرعية المزعومة للنظام " ورحيل بشار أسد رمز النظام ومسؤوله الأول وسليل التوريث المارق .

ولقد أثبتت قيادات التظاهر على صعيد التنظيم والتصعيد والبيانات وترتيب الشعارات وبوصلة الثورة بعد مرور الفصل الأول الأصعب ( لحمل ) الثورة وولوج الفصل الثاني الواعد ، قدرة مشهودة ونضجاً سياسياً فاق بموضوعية كل التوقعات من جهة ، والعديد من القوى والشخصيات السياسية والثقافية والفكرية المعارضة التي تعبّر عن رؤاها وتكتيكاتها تباعاً من جهة ثانية ، ناهينا عن بؤس وهامشية مساعي " الخط الثالث " الذي أفرزته جماعة الحكم ، تشويشاً وتضليلاً ..

على جبهة المعارضة من : ( قوى سياسية تقليدية ، ومعارضين تاريخيين معروفين ، وناشطين في الداخل والخارج ..ووجوه إعلامية ..)

من المعروف أنّ المعارضة السورية بمسماها العام وبمختلف أشكالها وتعبيراتها حرمت طيلة العقود الماضية من أدنى هامش للحركة أو حتى للتنفس ، ناهينا عمّا أصابها بحكم سياسات الأسد من تمزيق وتفتيت واختراق ، وتعرّضت لمختلف صيغ القمع والملاحقة والتشويه ، دون القفز فوق ما لحق بالتيار الديني من عنف تجاوزه ليشمل مدناً بكاملها ( بغض النظر هنا عن خطأ و مسؤولية البعض الذي استخدم العنف من هذا التيار في نهايات السبعينات ومطلع الثمانينات ) .. وليبقي سيف قانونه الشهير ( قانون الإبادة عملياً ) على كل مشتبه به ..بيد أنّ هذه المعارضات استطاعت أن تبقى حيّة رافضة للاستسلام لاستبداد النظام ونشطت وجودها كلما سنحت الفرصة ودفعت أثماناً غالية ، وبذات الوقت لم تستطع أن ترقى إلى وحدة التحليل والمقاربة والخطاب تجاه الوضع السوري ، كما بقيت قياداتها و بما في ذلك عديد نشطاء المجتمع المدني أسرى العقليات الذاتية والأساليب القديمة القاصرة مما انعكس ومازال في حدود ملحوظة على مساعيها لمواكبة مسيرة الانتفاضة الشعبية وعلى مقاربة تصورات التفاعل معها ، سواء تعلّق الأمر بالداخل أم الخارج أم بالعلاقات الانتقائية بين مكونات كلّ منهما ..فكانت فورة المؤتمرات واللقاءات المتتابعة في الخارج ثم في الداخل ، وكانت الانجازات والثغرات ومازالت ..

وفي الوقت الذي عليها أن تتفاعل عميقاً مع قادة الثورة وأن تنسّق و تحسن استكمال فضاءاتها وتساهم في طرح البديل الجدير والقادر على انتزاع ثقة الداخل السوري و الخارج العربي والدولي .. فقد أصبح لزاماً على كلّ مكوناتها الصادقة أن توحّد مقاربتها للوضع وأن تندمج كليّاً في مسيرة الثورة ذات الأسس والأهداف البسيطة المعروفة والتي تحظى بموافقة ومباركة الجميع

على صعيد المجتمع الدولي : في الوقت الذي مازال نظام أسد يتمتع بعديد الغطاءات العربية والصهيونية والخارجية المعروفة ، ويبقي سيف( ادعاء استقواء المعارضة بالخارج ؟ً ) مسلطاً على الثورة والمعارضات السورية الوطنية .. وفي الوقت الذي أثبتت هذه المعارضات وهذه الثورة خطّها الاستقلالي ورفضها التدخلات الخارجية بمفاهيم أو خلفيات الاستعمار والهيمنة والاحتواء فإنها معنية بردّ هذا السيف عليه ورفضه تماماً ، حيث أنّ مصلحة الشعب السوري ونصرة ثورته هي قبل كل شيء في وقف وسحب الغطاءات الخارجية عن هذا النظام ، وفي الاستفادة والانفتاح دون عقدة أو انعزالية على كافة قوى الحرية ومنظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية وشعوب العالم ، وفي المقدمة الجماهير العربية طلباً لتفهمها طبيعة ثورة الشعب ضد أشرس أنظمة الاستبداد والفساد ، من أجل الحرية والكرامة ، وموقعها في مسيرة النضال البشري الحديث و لدعمها مطالب الشعب المشروعة 

في أهم العناوين المطروحة :

* إن الحديث عن تعديل الدستور وإلغاء المادة الثامنة أصبح جزءاً من الماضي وشعاراً ملتبساً ، فالدستور المفصّل أصلاً لم يحترم يوماً ، كما أن حزب السلطة الملاييني الذي يستغل لتغطية الديكتاتورية فقط هو أول ما يستعد النظام للتضحية به ، وليس للمعارضة أن تشتري تنازلاً فارغاً بكل المقاييس .. فالمطلوب هو دستور عصري جديد يقوم على أسس الحريات والمواطنة واحترام إرادة الشعب في التعددية و التداول على السلطة. وسواء تعلّق الأمر بتعديل الدستور أو بتغييره حتى ، في ظل الاستبداد والهيمنة الأمنية ، لا معنى له حيث تبقى " أولية النفوس – الحرّة – على النصوص " .

* إنّ المطلب الأول في وعي ومطالب وخارطة طريق التغيير الوطني الديمقراطي السلمي .. يفرض نفسه ويبقى :إنهاء ولايةٍ لا شرعية للوريث المفروض بشار أسد ، وطي هذه الصفحة نهائياً ، لولادة جمهورية ديمقراطية جديدة وحديثة ، كان من المفترض والضروري أن ينادى بها ويرّكز على محوريتها منذ البدء في عام 2000 ، ولقد نادينا به في حينه مع قلّة من المناضلين الذين أدركوا معاني ومخاطر التوريث . وتأتي " جمعة : ارحل " كحدّ فاصل بهذا الخصوص .. إننا نعتقد بقوة أنّ إنهاء الوراثة هو المدخل الطبيعي لإسقاط النظام وليس العكس .

* دعم ثورة الشباب والشارع السلمية والواضحة بكل السبل ، باعتبارها " الأم الحقيقية " التي تغذي بحليبها الأحمر النقي كل الولادات والمبادرات والاجتهادات التي عليها بالضرورة الاتساق الحيّ مع نبض الثورة ، لا بديلاً و لا قيادة أو وصيّاً ..

* أما وقد انتهى اللقاء التشاوري لسمير أميس – بعد لغط كثير حول غلبة سلبيات الاجتهاد حوله - بدون هيكلة مسؤولة للمتابعة ، وقبول بعض رموزه الانخراط في " هيئة التنسيق الوطني لقوى التغيير الديمقراطي " من جهة ، وأمّا وأنّ هذه الهيئة مازالت تقتصر على بعض قوى التغيير الديمقراطي في الداخل وبعض فعاليات الخارج..وأنّ خطاب المتحدثين باسمها مازال ينطوي على فكرة قاصرة وهي : أن الدعوة للحوار ( المشروط ) ومسألة المؤتمر الوطني الجامع تبقى في يد النظام ومبادرته ، وبما يشوّش على مبدأ التكافؤ في التفاوض ، وعلى هدف التفاوض الرئيس وهو التغيير السلمي الشامل لهذا النظام ، كما ينطوي على رسالة خاطئة تستغلها جماعة الحكم كفسحة متاحة للاستمرار بالقمع الدموي والأمل بمخارج لأزمته .. وبما يستدعي منها التوضيح الحاسم والمأمول حول طبيعتها ودورها كجزء داعم للثورة ومتفاعل وملتزم بمنهجيتها وخطواتها .

وأما أنّ المؤتمرات الخارجية قد أدّت دورها الأولي .. وتلاقى نشطاء الانترنيت في إئتلاف دعم ثورة 15 مارس ، وكذا عشرات لجان دعم ثورة التغيير الديمقراطي تتابع تحركها ونشاطاتها .

و أما وقد طرحت الثورة شعار رحيل بشار أسد بعد شعار سقوط الشرعية وخرجت الملايين العديدة في عموم القطر مؤكدة ردها على خطاب بشار أسد ومشاريع السلطة ومناوراتها المجرّبة ومرسّخة - رغم الدماء النازفة وقوافل الشهداء والمعتقلين ، بل بفضل هؤلاء توسعها الذي يؤشّر إلى المزيد من الزحف المبارك حتى تحقيق مطالب الحرية والكرامة والدولة المدنية الديمقراطية الحديثة ..

فإنّ الانعطاف الحاسم الذي نشهده على صعيد الثورة من جهة وعزلة النظام الذي استهلك الكثير من رصيد قمعه وصموده في وجه الزلزال الأخلاقي والسياسي والاقتصادي الذي يعصف به ، أصبح يفرض ضرورة الارتقاء القريب إلى صيغ تنظيمية وتنسيقية متقدمة ، سواء على صعيد اللجان الثورية في الداخل أم على صعيد لجان دعم الثورة في الخارج أو مجمل المؤتمرات والصيغ التنظيمية القائمة ، ليس فقط لتوفير كل ما أمكن من شروط مباشرة لتقدم الثورة بل للإجابة السريعة والناضجة على مفتاح المستقبل المنتظر : ألا وهو البديل وعنوانه ..

* لقد وصلت الثورة إلى المرحلة التي تستلزم التعاطي مع مسألة البديل المنتظر ، فهو من جهة حقّ يمكن له أن ينتظر لحظة نضجه الطبيعي ، ومن جهة أخرى ، يمكن أن يكون " الحق الذي يراد به أمور أخرى " من قبل الداخل والكتلة الشعبية التي مازالت صامتة – وإن في حدود - ومن قبل الخارج خاصة ، عالماً عربياً وقوى خارجية معنية أو متطلعة ..

* إنّ فعاليات الخارج الكبيرة والمتنوعة مدعوة إلى إعفاء الداخل من سلبيات تشتتها ومن بعض الاجتهادات الملتبسة ، وملزمة وطنياً أن تنظم أطرها دون إبطاء على كل ساحة تمهيداً لتنسيقية واحدة في الخارج تتفاعل وتلتزم بتعليمات وحاجات وإيقاع الثورة في الداخل . علينا جميعاً أن ندرك أن حاجة شعبنا وثورته لفعاليات الخارج على درجة عالية من الأهمية والحيوية ، وأنّ ميدان الخارج يتسع إلى كل الفعاليات ويزيد .

* إنّ نظام العهد الأسدي الاستبدادي الفاسد والمتلاعب بالقضية الوطنية ليس نظام طائفة بعينها و لا حزب بعينه رغم ما نجح به خلال أكثر من أربعين سنة من التضليل والاستبداد والإفساد للمجتمع وللمواطن الضحية ، ومن تجييش حوله من أبناء هذه الطائفة و من مختلف طوائف ومناطق البلاد لغياب أي مشروع سياسي أو ايديولوجي خاص خارج إطار جماعة الاستبداد ومافيات الفساد المختلطة ، وبالتالي فإنّ مصلحة جميع أبناء الوطن تقتضي مشاركة و تلاحم الجميع دون أدنى إبطاء لتحرّر و لتحرير البعض من أوهامه وتخويفاته الشائعة وإدراك أن سورية لم تعد ما كانته قبل انتفاضة 15 آذار / مارس وأنّ هذا النظام ينحدر على منحنى سقوطه وزواله الحتمي ، ولاستعادة حرية المواطن وكرامة الوطن وتحرير الأرض المحتلة كما تحرير المستقبل من الأخطار التي زرعها وسقاها نظام فاشي مارق ..

* صحيح أنّ مسمى " البعث " أصبح مرتبطاً في أذهان قطاعات واسعة من الجماهير والأمة بممارسات الأنظمة التي حكمت وتفرّدت وقمعت باسمه طيلة عقود طويلة .. وبغض النظر عن أن طبيعة ما سمي بفصائل حركة التحرر العربي طبيعة متقاربة تنسحب على الجميع وتحتاج إلى دراسة موضوعية لكل تجربة أو حالة ، وأن العسكر والحاكم الفرد أو العائلة استخدموا غطاء الأحزاب المفرغة من أي مضمون أو فعل للتضليل والتمويه ، وبغض النظر أيضاً عن وجود عديد المناضلين الوطنيين والديمقراطيين / في إطار الوعي السائد في كل مرحلة / داخل هذه الأحزاب ممن دفع ثمناً من حياته في مواجهة الديكتاتوريات .. فإنّه من غير المفيد والعادل تعميم الحكم السلبي على كافة عناصر تنظيم بعث السلطة ، (ناهينا عن بعثيين كثراً ناهضوا النظام منذ يومه الأولوقدّموا تضحيات جسام عيى طريق مقاومته)،بحكم الآليات القسرية والإغرائية والتضليلية التي مارسها نظام حافظ أسد طيلة أكثر من أربعين عاماً تجاه الشبيبة والمناهج والتوجيه ، وفي واقع غياب المعارضة القادرة على حمل ما يمكن من فسحة للرأي الآخر ولتوعية المواطن التوعية الوطنية الصحيحة ، بل يتوجب توجيه وتأكيد الخطابات التي تفتح لهم أبواب وواجب الانخراط في مسيرة الشعب الثورية في لحظتها الراهنة المواتية ..