انهيار الاقتصاد يدفع المحايدين للمطالبة بإسقاط النظام السوري

أدباء الشام

انهيار الاقتصاد

يدفع المحايدين للمطالبة بإسقاط النظام السوري

هل فكر النظام السوري الأمني بأن عدد المتظاهرين الحالي سيتضاعف تدريجياً بسبب انتقال الحياديين من ذوي الدخل المحدود كالعمال و أصحاب الحرف والمتعيشين وغيرهم من صغار الكسبة، إلى الجهة الأخرى نتيجة البطالة و ضغط مطالب الحياة الضرورية ؟

كما نرى ونلمس إن الوضع الاقتصادي الآن مشلول تماماً، فقد أعلن وزير الاقتصاد والتجارة السوري محمد نضال الشعار أن الاقتصاد السوري تضرر كثيراً جراء الأزمة التي تمر بها سورية ويحتاج إلى وقت لتحسينه، فيما رجح تقرير غربي أن تلجأ دمشق إلى المساعدات الخارجية لمنع الاقتصاد من الانهيار.

بطبيعة الحال، تواجه سورية تحديات اقتصادية واجتماعية حرجة. فمعدلات الفقر فيها لا تزال مرتفعة فواحداً من كل ثلاثة سوريين يعيش تحت خط الفقر و يدخل مئات الآلاف من الباحثين عن وظيفة سوق العمل سنوياً ،فيما الفوارق الاجتماعية والمناطقية آخذة في الازدياد، والعقد الاجتماعي الذي كان سائداً في الثمانينات والتسعينات وكانت الدولة تضمن بموجبه فرص عمل للخريجين وتقدّم خدمات عامة مجانية وغذاءً رخيصاً لسكانها، لم يعد قائماً.

وهذه التحديات الاقتصادية التي تواجه سورية تغذي الغضب المتنامي للسكان، والذي أدى بالأصل ،إلى احتجاجات انطلقت في الجنوب وامتدت إلى مناطق واسعة كان سببها سياسة أمنية قمعية تسيطر على جميع مفاصل الحياة. 

و لكن ثمة عدة عوامل اقتصادية تثير القلق في شكل خاص، جزء منها هو من طبيعة الاقتصاد السوري والباقي نشأ كرد فعل و نتيجة لما تشهده البلاد من اضطرابات و هي: 

1- مع نسبة النمو السكاني المضطردة التي تصل إلى 2.5 في المائة سنوياً، يدخل حوالي 250 ألف باحث عن وظيفة سوق العمل سنوياً. يؤمن القطاع العام 20 ألف فرصة عمل جديدة سنوياً و القطاع الخاص 40-60 ألف فرصة عمل و القطاع الزراعي حوالي 40 ألف فرصة عمل و الباقي إما يهاجر أو يبقى عاطلاً عن العمل ،حيث تتجاوز نسبة البطالة بين الشباب 30 في المائة. 

2- أدّت مواسم متتالية من الجفاف إلى انخفاض إنتاج القطاع الزراعي بنسبة 25 في المائة، وهو القطاع الذي يؤمّن فرص عمل لنسبة 20 في المائة من القوى العاملة.

3- تتحدث الإحصائيات عن 35.8% من الشباب بين 15 و24 عاماً يعملون وهذه الفئة العمرية تشكل 22% من السوريين.

4- نسبة الشباب العامل في القطاع العام وصلت إلى 10.3% وما تبقى لتساوي النسبة هم بعض العاملين في القطاع الخاص والذي يضم 66.3% من الشباب العاملين، والبقية يتوزعون على القطاع التعاوني والمشترك والعائلي والأهلي.

5- بوادر انهيار الليرة السورية، حيث تشير تقارير اقتصادية لخسارتها 12 بالمائة من قيمتها خلال 4 اشهر تقريبا، رغم تعهد عدد من التجار والبنوك لرئيس الجمهورية بأن يعملوا على دعم الليرة السورية في أي وقت تطلب ذلك، إلا أن خبراء الاقتصاد يشككون في مصداقية هذه الوعود معتمدون على مقولة اقتصادية شهيرة "رأس المال جبان" وأي تعهد خارج المصلحة المباشرة هو ليس أكثر من مجاملات لتحقيق مكاسب من النظام.

6- يُعدّ الاتحاد الأوروبي مجموعة من العقوبات الاقتصادية الجديدة التي ستطال الشركات السورية المرتبطة بنظام الرئيس بشار الأسد وإضافتها إلى قائمة العقوبات الأوروبية، حسبما أفادت مصادر دبلوماسية أوروبية. و أوضحت المصادر أن دول الاتحاد الأوروبي تفكر بتشديد العقوبات على سوريا لإرغام النظام على وقف القمع ضد الاحتجاجات المطالبة بإسقاطه. 

7- تعطيل المشاريع الاستثمارية الكبرى لدول الخليج العربي و مستثمرين دوليين آخرين حيث تؤكد شخصيات من قطاع الأعمال أن الاحتجاجات ضد الرئيس السوري عطلت ثلاثة مشاريع استثمارية خليجية كبرى في سوريا على الأقل. 

8- انخفاض احتياط النقد الأجنبي و الخشية من عدم القدرة على تمويل المستوردات، خصوصاً بعد موجة سحب الإيداعات من البنوك الخاصة التي قدرت بالمليارات ،و يذكر أنه في بداية السنة الجارية قدر الاحتياطي الأجنبي بـ 17 بليون دولار، وهو ما يكفي في ظروف عادية لتمويل سبعة شهور من الواردات فقط. 

كل تلك العوامل و المستجدات ستؤدي إلى نتائج سلبية بعيدة و قريبة المدى مع جمود الإصلاحات الموعودة و عدم فعالية أي قرار حكومي و تزايد القمع و توسيع العملية العسكرية. 

وأقرب هذه النتائج، أن تشهد البلاد موجة ارتفاع للأسعار و قلة في المحاصيل الزراعية و أيضاً زيادة بطالة جديدة تنتج عن توقف العديد من المعامل و الشركات الخاصة عن العمل كلياً أو جزئياً و توقف التوظيف خوفاً من المستقبل. 

وكما يقول علماء النفس الاجتماعي فإنه، و نتيجة لظروف المعيشة السيئة، خصوصاُ للمنتقلين إلى البطالة بعد عملهم، يتولد عند هؤلاء ميل لا شعوري إلى التطرف بالأفكار تجاه المجتمع المحيط و نقمة و غضب على الدولة و تصبح عندها خياراتهم أضيق و أضيق. 

وإذا أسقطنا هذا التحليل العلمي على مجتمعنا السوري فنستطيع القول بأن تلك الخيارات هي: 

1- إما المجاهرة بمعارضة النظام و اللامبالاة بالقوانين و الأنظمة 

2- أو الالتجاء إلى التطرف الديني 

3- أو سلوك طريق الإجرام خصوصا السرقة و النهب 

4- أو الهجرة خارج الوطن بشكل شرعي أو غير شرعي 

وبعد كل ما سبق، لندع النظام السوري الحاكم و الذي طالما قلل من خطورة التظاهرات، أن يقوم باحتساب الأعداد الضخمة للمتظاهرين و المعارضين الجدد الذي لن يسكتوا عن سوء حالاتهم بسبب البطالة و العَوز و الحاجة.

(المصدر: الشبكة العربية العالمية)