كلام على نصيحة حسن نصرالله للسوريين

بدر الدين حسن قربي

للمرة الثانية،

بدر الدين حسن قربي /سوريا

[email protected]

النظام في سوريا نظام عربي مقاوم وممانع، استطاع من خلال تحالفاته مع إيران وحركات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق أن يسقط آخر المشاريع الأمريكية الإسرائيلية.  وإن التواطؤ أو العمل على اسقاط هذا النظام المقاوم الممانع في سوريا، هو خدمة جليلة لإسرائيل وأمريكا للسيطرة على منطقتنا.  ومن ثم فإني أدعو الشعب السوري الوطني القومي المقاوم الممانع الشريف المخلص الصادق أن يقرأ ما يجري في المنطقة وأن يدرك حجم الاستهداف لسوريا كوطن، كموقع قومي كشعب كنظام، كجيش كقيادة، ويتصرف على هذا الأساس.

الكلام أعلاه هو ملخص رؤية السيد حسن نصرالله للنظام وما يحصل في سورية. وهو بمثابة نصح خصوصاً لأصدقائه الإسلاميين حسب قوله في خطابه بتاريخ 24 حزيران/يونيو الجاري، أي بعد ثلاثين يوماً من نصيحة مماثلة الشهر الفارط.  ولو أردنا إضافةً، لقلنا بأنه كلام يردده علينا أيضاً آخرون غيره من عروبيين وقوميين على امتدادات أرض العرب، ممن لايرون في معاناة السوريين وقهرهم وإذلالهم شيئاً مذكوراً، طالما أن النظام على سندانه تتكسر المشاريع الأمريكية الإسرائيلية.  وهو كلام يقف بنتيجته السورييون الثائرون لحريتهم وكرامتهم وجهاً لوجه أمام خيار لايحسدون عليه مع حلفاء النظام السوري، مفاده القبول بنظام دكتاتوري قمعي دموي فاسد نهّاب للثروة وإلا فإنهم يقدمون خدمات جليلة لأمريكا وإسرائيل مما يعتبر خيانة بامتياز، رغم شهادة هؤلاء الحلفاء وتأكيدهم على وطنية الشعب السوري ومقاومته وممانعته وشرفه وقوميته.  وبالنتيجة يكون خيار الحلفاء أقرب مايكون إلى خيار السلطة المستبدة الباطشة، إما أن أحكمكم كما أريد أو أن أقتلكم وأدعسكم وأمرّغ أنوفكم وكرامتكم بالتراب. 

وعليه، فإن خيار النظام المقاوم وخيار حلفائه أيضاً يضعاننا أمام سؤالين كبيرين: كيف يصح استحواذ النظام السوري على السلطة والثروة قرابة أربعين عاماً ممثلاً بأسرة الأسد وقراباته قمعاً ونهباً ثم يكون هذا العمل مصلحة وطنية، بل كيف يكون قتل قرابة ألفين من السوريين وإصابة وجرح ضعفي هذا الرقم، واعتقال قرابة عشرين ألفاً ومحاصرة المدن والأرياف بالدبابات وقصفها بالطائرات فعلاً وطنياً، في حين أن رفض هذا الاستبداد والثورة عليه، يكون خدمات جليلة للعدو، بل كيف لايكون القامع والباطش بشعبه هو من يقدم هذه الخدمات بدلاً من طلاب الحرية والكرامة؟

إن إشكالية السوريين المشهود لهم بالمقاومة والوطنية والممانعة والشرف مع نظامهم لم تكن يوماً على مقاومته وممانعته، ولا على تحالفاته، بل هي على حريتهم وكرامتهم في وجه قهره وديكتاتوريته ونهبه،الشعب بدّو حرية، ولولا ذلك لما تحرك أحد.  وهي في جوهرها إشكالية معيارية لايراد لها أن تُرى من قبل الحليف الإيراني عموماً وحزب حسن نصرالله خصوصاً رغم أنها ليست بعيدة البتة عن إشكالية الإمام الحسين عليه السلام التي واجهها واعتقدها واستشهد من أجلها يوم كان هتافه: هيهات منّا الذلة.

إننا نربأ بالسيد حسن وغيره من أن يكونوا أنصاراً للقمع والاستبداد والنهب أياً كان حاكم الشام، وكأنهم لاتعنيهم كرامة السوريين ولا حريتهم في شيء، أو أن يكونوا بالعمائم أو ماتحتها ممن يسوّق لتعبيد السوريين بمخدّرات أياً كان نوعها للقمع والفساد. 

فمامشكلة السوريين إذا أرادوا لمقاومتهم أن تكون بلا قمع ولا استبداد، ولممانعتهم أن تكون خلواً من النهب والفساد، ولحياتهم أن تكون حرة كريمة ترفض الاستعباد، وهتافهم: هيهات منّا الذلة.!؟ ومامشكلتهم أن يثوروا على مستبديهم ومستذليهم وسارقي لقمة عيشهم، وقد انتظروهم على أرصفة الإصلاح الموعود أكثر من أربعين عاماً، أُذيقوا فيها فظائع القهر وفواحش الاضطهاد وكبائر النهب، فيسقطوهم، وشعارُهم: الشعب السوري مابينذل، ونداؤهم: الموت ولا المذلّة..!؟