كيف يكون سقوط الشرعية

د.عبد الغني حمدو

كيف يكون سقوط الشرعية

وهي بالأصل سقوط شرعية من لا شرعية له؟!

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

من لاشرعية النظام الحاكم في سورية منذ نصف قرن يستمد هذا الإجرام المنظم والذي يمارسه ضد أبناء الشعب السوري

وهنا السؤال المهم

هل النظام الشرعي والذي يمثل الشرعية يحتاج لسفك دماء الأبرياء ؟

فالسفينة عندما تجري فوق الماء لن تسير لوحدها , وإنما تحتاج لمن يدير دفتها وقيادتها للوصول بالشحنة التي فيها للمكان الذي تعم فيه الفائدة على المنقول منه والناقل والمنقول إليه

فلو كان قائد السفينة قرصانا صعد إليها واستولى عليها في منتصف الطريق , فسيضطر للقتل والتعذيب والإقصاء لمن هم بالأصل على متن السفينة والتي تعمل لصالحهم أو يملكونها , وبالتالي فإن من يستفيد من حمولة السفينة هم فقط القراصنة ويخسر الفرقاء الشرعيون الثلاثة كل شيء , المورد والناقل والمنقول إليه

فلو قارنا بين الحالتين في حال وصلت السفينة للمكان المحدد إليه , وبين استيلاء القراصنة على السفينة سنجد أمامنا الحالات الإفتراضية الآتية :

في الحالة الأولى تتمثل شرعية ملاكي السفينة وربانها شرعية مطلقة , هذه الشرعية المطلقة تقودهم لرحلة ممتعة في البحر , وعمل طيب يفضله عمال السفينة ورزق وافر للعوائل , وإن جرح شخص منهم أو نزف دمه أثناء عمله فيكون علاجه واجب شرعي على الطاقم الطبي في السفينة , وعندما يصلون المكان المحدد يجدون المعنيون في ذلك المكان في استقبالهم والترحيب فيهم

بينما في حالة استيلاء القراصنة على السفينة , فأول عمل سوف يقومون فيه  هو :

التخلص من الشخصيات والأفراد المؤثرة في السفينة , والمريض منهم سوف يرمى في البحر حياً والجريح سوف يقتل ويرمى طعاما للأسماك إن لم يأكلوه هم بأنفسهم , ويحتجزون بعضهم رهائن وآخرون يكونون خدما ومملوكين لهم مدى الحياة , وكل من يعترض عليهم في المستقبل يكون مصيره التصفية الجسدية ولا ينجو منهم سوى الذي تسعده الظروف ويتمكن من الفرار , وبعد أن يأخذ القراصنة كل الذي يشعرون أنه ذو فائدة من السفينة وعندما تصبح عبئاً عليهم يغرقونها في البحر

فالذين يمثلون الشرعية يهتمون بالسفينة وصيانتها وتزيينها وتطويرها وتحسين الخدمات فيها حتى تكون منافسة لغيرها

بينما القراصنة لايهتمون في السفينة ولا بصيانتها ويتركونها تتآكل حتى تهتريء وتموت في أعماق المحيطات , أو على الساحل ليأتي آخرون يرون فيها فائدة لتعم الفائدة منها مرة أخرى

فلو مثلنا السفينة واعتبرناها هي الجمهورية العربية السورية  بشرعيتها بعد الإستقلال وشعبها يقودها بأمان وشرعية مطلقة , وفي عام ال1963 صعد قراصنة إليها وكانت النتيجة متطابقة تماما مع الحالة التي آلت إليها السفينة ومن بداخلها وأصحابها والمستفيدون منها وتطورها كسفينة القراصنة بالذات

فمعمر القذافي مثلاً عندما وصل للقناعة التامة بأن هذه السفينة  ومن فيها قد وصلت لدرجة ستكون عبئاً عليه كزعيم للعصابة  عصابة القراصنة والتي انتزعوها من أهلهلها الشرعيين , اتبع الطريقة الواحدة في المماطلة لتدمير السفينة بيد عصابته وبيد البرابرة والقراصنة من الذين كانوا معه يدعمونه في عدم شرعيته على السفينة ويصفونه بالمالك الشرعي لها

وفي سورية فالقراصنة والذين استولوا عليها دمروا كل شيء فيها وعندما صدئت  واهترأت وذلك من خلال ممارستهم التي مارسوها كمالكين غير شرعيين , كل سبل القراصنة السابقة الذكر فقد حان عندهم الوقت لكي يرموا هذه السفينة في أعماق البحر مستعينين بالقراصنة أمثالهم من الإيرانيين وحزب اللات وإسرائيل وغيرهم ممن باع ضميره وعقله لهؤلاء القراصنة

وشعار الجمعة اليوم كان سقوط الشرعية , فهو تعبير صحيح عندما يكون سقوط شرعيتة  عندما ينحرف عن الشرعية الحقيقية ولكن هو بالأصل لاشرعية له, وقد يأخذ من الصدق جانباً في أن دول العالم تعترف بشرعيته والآن بدأت بسحب تلك الشرعية منه , بينما في الحقيقة فهو يمثل النظام اللاشرعي والغاصب للوطن السوري ومن فيه

وكنت ممن الذين يسألون نفس السؤال والذي ورد ومازال يرد على لسان الكثير من أبناء الأمة :

لماذا يقتلوننا شيبا وشباباً ونساءاً وتهجيراً وتنكيلاً واغتصابا ؟

ولم يخطر الجواب عندي إلا عندما طرح شعار اسقاط الشرعية

فلو كان نظاماً شرعيا فهو في الغنى عن كل هذه الممارسات الإجرامية والتي هي ضد الإنسانية , ولكن نظراً لعدم شرعيته فهو يمارس كل سبل الإجرام والإهمال والتخلف والتفتت لكي يثبت عدم شرعيته وهو أول من يعلم ذلك , ولا سبيل أمامه إلا سبيل الممارسات الفاشية والسادية ضد شعبه , والمازوخية تجاه القوى الخارجية لغض الطرف  عن عدم شرعيته , كما رأيناه واضحاً في موقفه تجاه إسرائيل فهو يشعر بالفخر من ذلها له , ويشعر بالفخر أيضا في أموره السادية ضد الشعب والذي اغتصب شرعية وجوده بوسائله الإجرامية المعهودة والمخترعة

فعلى الشعب السوري أن لايتنازل عن حقه في شرعية ملك السفينة , وأي تحاور أو جلوس مع هؤلاء القراصنة معنى ذلك أن الشعب وهو المالك الحقيقي للشرعية قد أعطى لهم شرعية مطلقة

فالحوار هنا يعني حداً فاصلاً :

فالإمتثال إليه يعني كل جرائم القراصنة هي شرعية , ولا يمكن محاسبتهم لاقانونياً ولا أخلاقياً

أما رفض الحوار بالمطلق فهذا يعني أن القراصنة سيحاسبون على كل جرائمهم قانونياً وأخلاقيا , لأنهم لايمتلكون الشرعية في ممارسة هذه الجرائم وحتى لو صنفت بجرائم ارتكبت دفاعاً عن النفس , ففاقد الشيء لايعطيه , وما بني على باطل فهو باطل أيضاً.