رسالة قادم من حلب

أدباء الشام

رسالة قادم من حلب

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .....

اخواني الأكارم اليوم وصلت من سوريا الحبيبة ومن مدينة حلب خاصة... عن طريق باب الهوى... وسأروى لكم هنا بعضا من رؤوس الأقلام عن الوضع والأحوال ومشاهداتي هناك...

طبعا كلنا نتعجب من تأخر لحاق مدينة حلب بالثورة والحراك السياسي العام ..... واختلفت التحليلات والتفصيلات سواء من الداخل أو من الخارج، وكل أدلى بدلوه في هذه القضية، ولكن كلامي هنا سيكون عن ملاحظات شخصية بعيدة عن التحليلات وإنما أترك التفاصيل لكم......

الملاحظ أولا أن الشباب بشكل عام يغلي ويفور في حلب ولكن ضعف التنظيم والتنسيق بين الشباب هو الغالب على الساحة... وأيضا أن طبع أهل حلب التدين أو اللجوء إلى الدين في المصائب الكبرى، وحتى غير الملتزم بالمعنى الدقيق يلجأ إلى الشيخ والدين في الحوادث الكبيرة وللأسف أغلب الشيوخ في حلب يعانون من أمرين جهل سياسي مدقع وخوف شديد موروث من أيام الثمانينيات لن تقنعهم كل التبريرات في عدم تكرر مثل هذه الأمور.... وللأسف بعض من يدعي المشيخة والعلم أصبح عميلا في مثل هذه الظروف سواء شعر أم لم يشعر ....

والملاحظ أيضا عندما تزور المحلات التجارية أن كل التلفزيونات موضوعة على قناة الدنيا أو السورية وكأن الناس تريد تكذيب نفسها ... أو كالنعامة التي تدفن رأسها بالرمال... أو أن الخوف معشش في صدورهم حتى أن يضعوا التلفاز على قناة أخبارية أخرى...

والملاحظ أيضا في طبقة التجار أنهم خائفون على مصالحهم وخصوصا أنهم قد ألفوا الفساد والرشاوي وتأقلموا معه حتى أصبح جزءا من عملهم.... والانسان يخاف من المجهول القادم...

أغلب العائلات والأسر تضغط على شبابها من أجل عدم المشاركة في المظاهرات أو في أي عمال ونشاطات سياسية.... وهذا امتداد للخوف الماضي الموروث...

الكثير من الناس يصدق الروايات الرسمية في الظاهر ولكنه واقع في حيرة وتشوش في الداخل.... والبعض صرح حقيقة بأن الاعلام الداخلي قد يكون غير ناجح في اجبار الناس على التصديق ولكنه نجح في التشويش على فكر الناس وعقولهم وأوقعهم في حيرة شديدة...

ضعف انتشار النت بين الشعب هناك وخصوصا بين الطبقة غير المثقفة وهي شريحة كبيرة أوقعهم في تصديق للاشاعات والأخبار الكاذبة .... فقد سمعت عشرة روايات مختلفة عن حوادث جسر الشغور كل واحدة بطريقة مختلفة...

الشبيحة التي اعتمد عليها النظام من أولاد العشائر والعائلات المعروفة بارتباطاتها المشبوهة مع المخابرات والأعمال غير القانونية تحولت إلى عصابات منظمة في المناطق المختلفة وأصبحت تتقاسم الأحياء وتجمع الأتاوات من الناس ... مما جعلها تهتم باستمرار الوضع على ما هو عليه ...... أي تستمر المظاهرات البسيطة وبالتالي الحاجة إليهم موجودة ..... وأن لا تخرج عن سيطرت الدولة لأنهم أول الساقطين عندها... وكذلك لا يريدون عودة الاستقرار والهدوء حتى لا يستغنى عنهم عند ذلك.... ولكنهم قد ملؤا قلوب الناس حقدا عليهم وبالتالي من لا يشترك بالمظاهرة بدافع سياسي سيشترك بدافع انتقامي من هؤلاء... وقد بدأ ذلك ومنها مظاهرة المرجة التي كانت فخا لاستدراجهم ثم وسعهم ضربا من أهل المنطقة...

ضعف دور المثقفين في الوسط الحلبي بشكل عام .... وعدم قدرة الناس على التواصل معهم بشكل مستمر مقنع...

ولكن لا أريد أن أثبط الهمم فكما ذكرت سابقا الشباب يغلي ويقف على حافة الانفجار حتى قال لي أحد الشباب البسيط جدا كل شخص يتكلم من طرف الحكومة عندما تجلس معه بشكل منفرد ويطمئن لك .... يفتح صدره ويعبر عن ألمه وغيظه... فالفرج قريب والكل أدرك أنه لا عودة إلى الوراء مهما كان الثمن...

ملاحظة الكثير من الشعب الحلبي يتأمل من الحكومة التركية الحل والتدخل بشكل مفرط في الخيال أحيانا.... 

الملاحظات الثانية عند خروجي من معبر باب الهوى الحدودي لم اجد ولا سيارة تعبر حتى انني وقفت أكثر من ساعة انتظر مرور سيارة توصلني إلى الجانب التركي مع أن العارف بهذا المعبر وهذا الوقت من السنة يعلم أنه في أوج حركته في هذا الوقت... حتى تضطر للإنتظار ساعات ليأتي دورك... والملاحظ أيضا انتشار مهربي المازوت بشكل كبير أمام عيون الشرطة والجمارك السورية دون أي اعتراض .... وأيضا موظف الحدود السوري يأخذ جواز سفرك ويدخل به إلى الداخل ثم يعود ويسألك عن بعض الفيز والأختام فيه وهذه لم تكن سابقا موجودة...

وبعد عبورك الحدود إلى الطرف التركي ترى الحكومة التركية قد جهزت معسكرا للاجئين وسيارات للإسعاف ... وما زالت تقوم بتوسيع المعسكر باستخدام معدات الحفر والتسوية....

هذه بعض مشاهداتي أنقلها إليكم وأترك لكم المجال للتحليل والتفصيل...

وأرجو ان يكون فيها بعض فائدة ..