صندوق دعم الثورة السورية مادياً
م. عبد الله زيزان
[email protected]
لا يخفى على أي متتبع للأحداث في سورية ما يتعرض له الشعب
السوري الآن من قمع وترهيب... فقد تفنن النظام السوري في إبداع كل ما هو جديد وخبيث
لكسر إرادة الشعب...
فجرب القتل، لكن الشعب لم يأبه للموت، وكان شعاره " الموت ولا
المذلة "...
وجرب التعذيب، فكانت ردة فعل الشارع قوية مدوية... لم تخفه هذه
الوحشية التي لم توفر طفلاً صغيراً ولا شيخاً كريماً...
فكان رد الشعب في كل حالة تعذيب مزيداً من الغضب والتمرد
والعصيان...
حينها لجأ النظام في معركته لكسر إرادة الجماهير بالحرية إلى
الضغط على الشعب بأموالهم وممتلكاتهم... فعمد إلى تكسير السيارات وهدم وسرقة
المنازل ونهب المحلات... يريد بذلك إيصال رسالة إلى الثوار أن ثورتكم هذه ستكلفكم
الكثير... ليس فقط بالأرواح وإنما أيضاً في الممتلكات... وهي لعبة خبيثة... فمن نجا
من القتل والتعذيب خسر الكثير من ممتلكاته وأمواله التي ربما كدح لأجلها سنوات
عمره، ليجد بيته أو سيارته قد دمرت ببضع دقائق...
رغم أن أسلوبه في قطع الأرزاق وتدمير الممتلكات قد تواصلت لعدة
أسابيع إلا أن ذلك لم ينجح (حتى اللحظة) في إيقاف عجلات التغيير التي ينشدها
الأحرار...
ومن منطلق الآية الكريمة "إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما
تألمون" فإن الأوضاع الاقتصادية المتردية يتأثر بها النظام أيضاً، فبات من المعروف
أن النظام الآن يعيش مرحلة صعبة في ظل هذه الأوضاع الاقتصادية، وبات انهياره
اقتصادياً مسألة مؤكدة إذا ما استمرت الأحداث بنفس الوتيرة بحسب خبراء اقتصاديين
غربيين...
وانهياره الاقتصادي يعني بالضرورة انهياره السياسي والاجتماعي
وبالتالي سقوطه بشكل كلي... فكل محاولات آل مخلوف وغيرهم من أصحاب رؤوس الأموال
المستفيدين من النظام لوقف النزيف الاقتصادي بضخ ملايينهم دعماً للاقتصاد المتهالك
وحفاظاً على قيمة الليرة السورية ما هو إلا "ترقيع" لن يصمد طويلاً...
وحتى إيران الداعم القوي للنظام السوري لن تستطيع دعم الاقتصاد
السوري طويلاً كما فعلت في السابق حين اشترت ملايين الليرات السورية حفاظاً على
قيمتها ومنعاً من انهيارها... فإيران هي الأخرى تعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة، أضف
إلى ذلك المشاكل الاجتماعية التي تعصف بها ممثلة بالحراك الشعبي المناوئ لقمة الهرم
الإيراني...
فإذا ما أضفنا التراجع الاقتصادي في سورية إلى نفقات العمليات
العسكرية الكبيرة التي يقوم بها الجيش والأجهزة الأمنية، فان سورية قد "تصل إلى
مرحلة الإفلاس" بحسب (كريس فيليبس) كبير الخبراء في الشأن السوري في وحدة المعلومات
الاقتصادية نقلاً عن صحيفة (الفايناشيال تايمز).
إذاً الوضع في سورية بين الشعب الثائر والنظام الغادر هو كلعبة
عض الأصابع... فمن يصمد فترة أطول سينتصر...
وهنا يأتي دور المال وأهميته في نصرة الثورة ودعم صمود الثوار
في الداخل وتثبيتهم على مواقفهم الجبارة... فهم يقدمون أموالهم وأنفسهم رخيصة في
سبيل وطن حر كريم... وهم بثورتهم هذه يحطمون حلماً فارسياً لا حدود له بالتوسع في
المنطقة العربية...
فسورية اليوم تعد الخط الدفاعي الأول عن العروبة والإسلام بوجه
الأطماع الفارسية والصهيونية... أفلا يستحق ذلك من أثرياء العرب والمغتربين السورين
وقفة جادة لدعم المتضررين وأهالي الشهداء؟؟ خاصة إذا علمنا أن المعركة في سورية
الآن معركة مصيرية بين معسكر عروبي أصيل ومعسكر فارسي دخيل...
نتيجة كل ما سبق أن إنشاء صندوق لدعم الضحايا في الداخل
السوري بات أمراً ملحاً أكثر من أي وقت مضى، وهذا الصندوق يأتي لدعم أسر
الشهداء الذين فقدوا معيلهم الرئيسي ولكل متضرر من هدم بيت أو تكسير سيارة أو نهب
مقتنيات، دون التركيز على المجرم المسبب لما سبق، سواء أكان المجرم هو النظام
السوري كما يعلم الجميع أو (المندسون) كما يحلو للنظام تسمية المتظاهرين وهم براء
من ذلك، حتى يكون هذا الصندوق علنياً لا يؤثر على العلاقات بين الدول التي لم تدرك
بعد أن النظام السوري قد انتهى وبالتالي تخشى على مصالحها من التضرر في حال خروج
النظام السوري من أزمته، وهيهات له أن يخرج...