إلى المترددين ...أدركوا أنفسكم وأنقذوا بلادكم

د. ياسر سعد

إلى المترددين ...

أدركوا أنفسكم وأنقذوا بلادكم

د. ياسر سعد

[email protected]

النظام السوري انتهى، سقطت شرعيته وهوت مشروعيته بعد توسع المظاهرات وسفك الدماء الغزير وبعد الصور الموثقة للوحشية والعقاب الجماعي وتدمير المدن، وبعد أن أدرج بشار في قائمة المعاقبين والممنوعين من السفر، والموقف التركي الصارم والذي يرجح أنه سيزداد حزما وحسما ولتتبعه مواقف غربية وعربية.

النظام السوري يراهن على فتنة طائفية وحرب أهلية ربما تؤخر سقوطه أو قد تبقي له دورا بائسا في بلد ممزق مفتوح على تدخلات خارجية واحتمالات مأساوية. سورية وطنا وشعبا على مفترق طريق وأمام منعطف حاد، وإن كانت قادرة على الانتقال إلى مرحلة الدولة المدنية التي تصون الحريات ويتساوى فيها المواطنون وتتقدم بثبات وعزيمة للعب دور رئيسي وقيادي بناء في المنطقة، إذا أحسنت المعارضة خطابها وارتقت في سلوكياتها وحسم المترددون أمرهم.

المترددون والذي يساندون النظام، لن يغيروا من حقيقة سقوطه ولن يستطيعوا مهما فعلوا إنقاذه، غير أنهم قادرون على الالتحاق بشعبهم وتجنيب بلادهم التدخلات الخارجية والصراعات الداخلية. التجار الكبار في حلب ودمشق والذين تربطهم بالنظام وشائج من المصالح التجارية شكلوا أحد أعمدة النظام وهم في ترددهم يجازفون بسمعتهم الأخلاقية وبمصالحهم التجارية في مرحلة ما بعد الأسد خصوصا إذا ما دخلت البلاد بمرحلة من الصراعات ودوامة من المواجهات.

الطائفة العلوية والتي تعرضت لحملات ترهيب وترغيب من نظام الأسد والذي عمل على اختطافها وربط مستقبلها بمصيره وبسياساته الفاسدة، تقف هي الأخرى أمام خيار تاريخي كبير. الوطنيون من أبناء الطائفة حسموا أمرهم بل إن بعضهم كان من أوائل من عارض النظام ودفع ثمن مواقفه سجنا وتضييقا وتشريدا. غير أن العيون تتجه إلى وجهاء الطائفة لعلهم يساندون التغيير بل ويتقدموه فيحفظوا دورهم في المرحلة القادمة ويجنبوا البلاد وأهلها حمامات دم ستغرق الجميع في آتونها وحمأتها. قيادة الجيش السوري قادرة إن حزمت أمرها واقتدت بنظيريها المصري والتونسي وانحازت للشعب أن تحافظ على تماسك المؤسسة العسكرية وعلى وحدة الوطن ومنع التدخلات الأجنبية ودرء الفتنة والحرب الأهلية.

المصالح الوطنية العليا لا بل وحتى الشخصية المشروعة تحتم على المترددين حسم أمرهم والوقوف في وجه حكم العائلة الفاسد والمستبد، ليجنبوا أنفسهم التبعات التاريخية والقانونية بالوقوف مع الظلم وبجانبه وليكن لهم دور ريادي في التغيير والإصلاح. لن تعود سورية للوراء، غير أن الثورات والانتفاضات تعيد صياغة المواقف وتعطي الفرصة للمترددين أن يعودوا إلى الصفوف بل وحتى إن أحسنوا الفعل والأداء أن يتقدموها.