دماء مخيم اليرموك تذكرنا بدماء تل الزعتر
دماء مخيم اليرموك تذكرنا بدماء تل الزعتر
محمد فاروق الإمام
[email protected]
تابعت بث حلقات شاهد على العصر التي أجراها المذيع أحمد منصور
مع السيد أحمد جبريل أمين عام تنظيم الجبهة الشعبية – القيادة العامة عام 2004 على
شاشة الجزيرة الفضائية، وشممت من حديثه رائحة الأنا تزكم أنوف مشاهديه، وقد جعل من
نفسه حامي حمى القضية الفلسطينية والمدافع عنها والمغوار الذي يخوض معارك الشرف
والتضحية والفداء في الأردن ولبنان وسورية على درب تحرير فلسطين، مردداً المغالطات
الخطيرة التي تنال من رموز القادة الفلسطينيين الذين تميّـزت مواقفهم باحترام
وتقدير وتأييد كبير لدى الشعب الفلسطيني والشارع العربي، في كلام ممجوج بعيداً عن
الحقيقة والموضوعية.
وللعلم فإن تنظيم القيادة العامة الذي يقوده أحمد جبريل، ومنذ
انشقاقه عن الجبهة الشعبية في السبعينات من القرن الماضي، تحول إلى مكتب دائم
للمخابرات السورية، هذا التنظيم لم يكن يوماً فلسطينياً، بل كان مكتب مخابرات سوري
بامتياز، وما قتل 14 فلسطيني في السادس من حزيران الحالي من مشيعي الشهداء
الفلسطينيين الذين قتلوا على يد الصهاينة في الجولان، الغاضبين من أحمد جبريل الذي
غرر بهم ودفعهم إلى أتون الموت في الجولان، وهو يعلم علم اليقين أن الصهاينة لن
يتعاملوا معهم بالورود والرياحين بل بالرصاص الحي المستهدف حياتهم، لدليل قاطع على
أن أحمد جبريل مازال يمارس دوره اللاوطني، الذي مارسه في عام 1976 في مجزرة تل
الزعتر، عندما كان في مقدمة جيوش حافظ الأسد التي دكت المخيم وقتلت الآلاف من سكانه
ومقاوميه، ودعمه لحركة أمل عام 1986 في حصارها للمخيمات الفلسطينية النائمة على لحم
بطنها، حتى بحث الكبير عن الصغير ليذبحه ويحل لحمه، وقد خافت القطط على حياتها من
جوع المحاصرين ففرت منه واختفت بحثاً عن الأمان الذي افتقدته في ذلك المخيم.
لقد جعل أحمد جبريل القضية الفلسطينية برمتها ورقة بيد حافظ
الأسد، لكي يلعب بها حسب ما تمليه مصالحه ومزاوداته، وتخدم دعاويه في احتضان
المقاومة الفلسطينية وتحمل أعباء القضية الفلسطينية، على حساب معاناة الشعب
الفلسطيني وتشرذم فصائله وتفكيك قواه الوطنية والوقيعة بينها وتسخيرها لخدمة نظامه
وتسويقه عربياً ودولياً على أنه نظام الصمود والتصدي والممانعة، وفعل نفس الشيء مع
وريثه بشار الأسد.
السوريون والفلسطينيون لن ينسوا دور أحمد جبريل الاستخباراتي
لصالح الأمن السوري، ضد فلسطينيي سورية وأهلها، الذين تجرعوا الويلات من تقارير
أزلامه، وأتباعه المأجورين، والفلسطينيون لن ينسوا دكه المخيمات الفلسطينية في
لبنان بالراجمات والقذائف ومحاصرتها من أجل إرضاء النظام السوري وسادته من آل
الأسد.
القاصي والداني يعرف عمالة أحمد جبريل المطلقة للمخابرات
السورية، وما زجه بالدم الفلسطيني وسفكه هذه الأيام إلا لتحويل الأنظار عن جرائم
النظام السوري وما يرتكبه من مجازر بحق الجماهير السورية المتظاهرة سلمياً المطالبة
بالحرية والكرامة والديمقراطية.
كان الأجدر بأحمد جبريل أن يتقدم من غرر بهم ويكون وعناصره على
رأسهم في الاندفاع باتجاه الجولان المحتل ليؤمن لهم الحماية والتعامل مع العدو
الصهيوني باللغة التي يفهمها، وكان الأجدر بالنظام السوري الذي سهل لهؤلاء
الفلسطينيين الاندفاع صوب الجولان المحتل، بعد موت سريري لهذه المرتفعات لنحو
أربعين سنة، أن يسحب دباباته من شوارع درعا وحمص وجسر الشغور والرستن والمعرة
وبانياس ويزج بها في الجولان، مكانها الطبيعي، لتقديم الدعم والحماية لهؤلاء
الفلسطينيين العزل ويخوض معهم معركة تحرير هذه الهضبة الأسيرة التي تئن من تعطشها
إلى الحرية، كحال الشعب السوري، ونزع القيود المكبلة بها منذ العام 1967.