يا إعلام قوى المقاومة اللبنانية! من فضلك، اصمت

غازي أبو ريا

يا إعلام قوى المقاومة اللبنانية!

من فضلك، اصمت!!

غازي أبو ريا

يا إعلام قوى المقاومة اللبنانية! من فضلك، اصمت!!

غازي أبو ريا

 "بعد عودة الهدوء إلى سوريا....."، كان هذا الخبر يوم الجمعة الفائت في النشرة المسائية لتلفزيون n.b.n أي نبيه بري نيوز، المحطة الناطقة بلسان حركة أمل اللبنانية، أو الناطقة بلسان زعيمها الأبدي نبيه بري. نعم، عودة هدوء! يوم الجمعة التي قُتل فيها أكثر من ثلاثين، جُرح المئات، اعتُقل المئات، كل هذا يسميه إعلام أدعياء المقاومة يوما هادئا!!

 لا شيء يستحق الانتباه في سوريا! حادثة تصادم قطارين في جنوب أفريقيا تأخذ أهمية قصوى في فضائيات المقاومة! أما مسيرة القتل للشعب السوري فهي مجرد حوادث في دولة نائية يسكنها شعب من كوكب آخر، ومن العيب التدخل في شأن الدول الأخرى!

 لكن، واأسفاه! اعلام الممانعة في لبنان يسحب بيديه شرعيته من الشارع العربي، ونحن نريد له العودة الى جادة الصواب، فليس مقبولا على الإطلاق أن يضخم إعلام الأحزاب الشيعية في لبنان الثورة في البحرين، ويهمش ثورة شعب سوريا! ويشارك الإعلام السوري في بث الأكاذيب، والعجيب في الأمر أن حركة أمل وحزب الله يصوران ما يحدث في البحرين وكأنه يحدث في دولة عظمى ويؤثر على مسار التاريخ، مع أن كل سكان البحرين بمليكها وشيعتها وسنتها أقل من عدد سكان منطقة درعا السورية، ومع أن منطقة درعا بسكانها الوطنيين هم الذين استقبلوا اللبنانيين النازحين عام 2006 خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان، فإذا كان إعلام المقاومة اللبنانية قد اختار الوقوف مع النظام السوري حفظا للجميل، فمن باب التنبيه، أقول بأن الشعب السوري، لن ينسى هذا الموقف حين تنتصر ثورته، والعرب لن ينسوا أن إعلام الممانعة تخصص في الثورة البحرينية ليس من باب دعم الشعوب العربية المتعطشة للحرية والكرامة، بل لأسباب طائفية خالصة، وكل هذا يصب في غير مصلحة الممانعة والمقاومة.

 إن الكذب المكشوف لا يجلب إلا المزيد من النقمة، والشعب السوري اليوم ناقم على إعلامه وعلى الشخصيات السورية التي تدافع عن القمع والقتل، وتمجد السفاحين وقتلة الأبرياء، وهذا الإعلام سقط ولم يعد أحد يصدقه حتى لو صدق في خبر ما، وهذا ما يجب أن لا يسقط فيه إعلام المقاومة اللبنانية، لأن حرب الإعلام هي نصف النجاح في أية معركة، فإذا صُنف إعلام المقاومة في خانة الكذب، إضافة إلى وقوفه ضد الشعب، فمن أين سيأتي الدعم الإعلامي والشعبي والمعنوي في المواجهة القادمة مع إسرائيل؟

 الخطاب الديموغاغي لن يكون كافيا، والتأكيد على الوقوف في وجه المشروع الصهيوني الأمريكي لن يقنع الذين اقتنعوا به بالأمس، والإعلام العربي والعالمي سينظر إلى المقاومة اللبنانية كأداة عسكرية بيد المشروع الإيراني الشيعي، وسيجد اللبنانيون المعارضون لحزب الله امتدادا عربيا يحثهم على الثورة ضد سلاح المقاومة، خاصة إذا نشبت حرب وتركت دمارا مؤلما.

 يبدو أن جنون العظمة لا يقفز عن أحد ممن يملكون بأيديهم كل القرارات، وكلهم يعتقدون أن هذا التمرد "لن يحدث عندي"، ألم يصرح بشار الأسد قبل اندلاع الثورة السورية بأنه مطمئن، وأن سوريا ليست تونس أو مصر، ويومها، كتبت هنا في هذه الصحيفة منبها بشار الأسد إلى أنه مخطئ وعليه أن يقود بنفسه الإصلاح قبل أن يُطاح به، وأكرر الأمر نفسه بالنسبة إلى أمل وحزب الله، وأقول، وضعكم غير مريح على الإطلاق، انقلابكم على الحكومة كان خطأ قاتلا سببه جنون شعوركم بالقوة، وثقتكم المبالغ فيها في قدرتكم على السيطرة العسكرية على لبنان خلال ساعات قليلة، وكذلك انحيازكم "المبرر لشيعة البحرين" لو ظل على نار هادئة، لكن كما يبدو فإن ثقتكم الكاملة بأن رصيدكم في المقاومة سيجعل الجماهير العربية تناصركم في كل موقف.

 خلال حرب 2006 كنت محررا لجريدة، وقد تجندت من خلال الجريدة بالأخبار والمقالات إلى جانب المقاومة، وحقها في الدفاع عن لبنان، وغالبية الإعلام العربي في إسرائيل والعالم العربي تجند في نفس المهمة، لكنني على ثقة بأن هذا الإعلام لن يكون كما كان، هذا إن لم يتخذ موقفا متجاهلا، ولا أستغرب أن يكون معاديا.

 فيا إعلام المقاومة! لا تربط نفسك بالإعلام السوري الذي يمارس الكذب، ولم يتقن حتى اليوم كذبة واحدة، لا تسقط في وسخ الإعلام السوري الذي يشيد بالقاتل ويتهم الضحية، وماذا ستقول يا إعلام المقاومة للشعب السوري غدا بعد أن يحاكم المجرمين والإعلاميين الذين أدانوا الضحية؟ ماذا ستقول لشعب وقفت لتمنعه من أخذ حريته رافعا شعار الكرامة ومحاربة الاستعمار؟

 اصمت يا إعلام المقاومة! من الأفضل لك أن تغلق كل أبوق إعلامك على أن تساند بقوة ثورة الشيعة في البحرين، وتساند بقوة مسيرة القمع في سوريا. اصمت! اصمت قبل أن يتمنى الشعب السوري أن تقصف إسرائيل محطات إعلامك.