ما عُدنا نقول: "مستحيل"

أحلام الحنفي

ما عُدنا نقول:

"مستحيل"!!

أحلام الحنفي

[email protected]

نفضوا غبار الكسل، وتحدوا كل الادِّعاءات التي كانت تنعتهم بأشباه الرجال، أثبتوا أن الدماء التي في شرايينهم تعشق الحرية، فحطموا عن عقولهم قيود الشبهات، ومزقوا من صدورهم حبال الوهن، وأطلقوا العنان لحناجر بالحق صادحة.. وعلى الظلم ساخطة..

ها نحن نراهم يسطِّرون صفحات مشرقة من التاريخ، صنعوها بعزمٍ وإصرارِ وتحدٍ، فغيروا بتصميمهم مجرى الأحداث. نعم، لم تكن إشراقة شبابنا هذه المرة ومضةً عابرةً، بل كانت شعلة منيرة ولا تزال.. أيادي الأحرار تتناقلها من أرضٍ إلى أرض.. شعلة لم تنطفئ، لأن الذين أوقودها أصحاب حق.. شباب ثائر على الظلم والظُّلام، ومعهم جموع الشعب وزحف الحشود ودعوات الإخاء.. أقسموا أن لا يناموا آمنين قبل أن يحرقوا بمشاعلهم جراثيم القهر والاستبداد، والجوع والبطالة والإذلال..

لقد أثبتوا بوهج مشاعرهم أن الأمة لا تموت، لأن وراء الحق مُطالب، وأن رابطة الدم والعقيدة والمصير ضِمادُ يطبِّب جسد الأمة وعقلها وروحها، وحين يحاول البعض إرداءها بالرصاصة القاضية، تتحامل على جرحها وتقوم لتثبت للجناة أن روح الانتماء لأمة الخير، ستعيد للمجد عزته، وسترمم لبِناتِ بنيانها بتلاحم الأيدي، ورصِّ الصفوف، وتوحيد الدعوات وتكثير السجدات والصدح بالشعارات.. إنهم الأمل الواقع، بعد أن كانوا الأمل المنتظر القادم..

أجسادهم التي تحدت كل الصعوبات والمستحيلات (كما كان يسمِّيها كثيرون)؛ أبت إلا أن تُسطِّر أروع صور الخضوع للخالق الإله الأوحد، حين انحنت الرقاب سُجداً لذاته العلِيَّة، معلنة عن كامل تحررها من عبادة العباد وتسلط الرقاب، لتدين بالعبودية في أرقى وأعز صورة لخالق البشرية، ذلك أنهم )قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَىٰ مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا..( [طه: 72 ].. حناجرهم الصادحة بصيحات (الله أكبر) عند كل نصر يُحرز، أرواحهم التي باعوها لخالقها ليشتروا بها جنات عرضها السماوات والأرض، ممهدين بدمائهم الطاهرة لتربة عابقة بآيات العز والعنفوان، يهتفون" الله مولانا ولا مولى لهم..".. صور رائعة  –رغم كل التضحيات، وفداحة الخسائر التي هي ثمن بخس للحرية- تعيدنا إلى أزمان العزة، وتذكرنا بروائع الصمود في غزة.. بأبناء القدس الصامدين وبالمجاهدين المرابطين.. بأسياد الفكر الحر، وبمنابر الكلِم المنير.. صور تبعث في نفوسنا الأمل بأن في الأمة بقية خير، وأن الصحوة أصبحت حقيقة واقعة.. ينبغي الحفاظ عليها.. والاحتراز من أن تُسرق أو تباع..

شبابنا الأعزاء: لم يعد التغيير مستحيلاً، إنه اليوم واقع يحتاج منكم للنية والعزم.. واعلموا شبابنا أننا دعاة سلمٍ وليس استسلام، وأن التغيير ينبغي أن ينبع أولاً من ذواتكم، وأن للمجتمع والأمة عليكم حق العمل،  ألستم عزمه وقوته! فاجعلوا هذه القوة، وتلك العزيمة وذلك العنفوان، في نصرة قضايا الحق، والحفاظ على ثوابت الأخوة الإنسانية، وصيانة الأخلاق البشرية، فكونوا على قدر المسؤولية، فما عاد لكم من عذر.. احملوا شعلة الحرية، واستعصموا بكتاب الله تعالى وبهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ومن يتوكل على الله فهو حسْبُه...