سحق ثورة المظلومين في سورية من المظلومين أنفسهم؟

د.عبد الغني حمدو

لم يكن من المتوقع أبداً

أن تسحق ثورة المظلومين في سورية

من المظلومين أنفسهم

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

عندما أراد العثمانيون في القرن الخامس عشر والسادس عشر الميلادي التمدد في أوروبا وفتحها كاملة , كانت المفاجأة الكبرى في خروج أحد أبناء الأتراك عن مركز السلطنة العثمانية والمدعو اسماعيل الصفوي بتأسيس الدولة الصفوية الشيعية في أزربيجان وامتدت لإيران وتصفية السنة فيها والدخول لبغداد , وبالتالي قطع الطريق أمام إمداد السلطنة العثمانية بين الشرق والغرب وأصبحت دولته هي الحربة المغروسة في جسم الإمبراطورية العثمانية في ذلك الوقت , مما اضطرها لوقف الهجمات في أوروبا والإتجاه شرقا

هذه الحقبة التاريخية تذكرني بالموقف الذي ظهر في سورية من خلال ثورة الشعب السوري المظلوم والمقهور والمسلوب حقوقه كلها , من قبل نظام طائفي بغيض ينظر لكل الطوائف الأخرى العدو اللدود له وكأن سورية هي ملك لهذا النظام ومن يسانده من طائفته

وصبر الشعب السوري عقوداً متعددة على هذا الوضع ومع هذا الظلم , وتغير الوضع الإجتماعي في المنطقة ونادى المخلصون من هذا الشعب للتخلص من هذا الواقع المؤلم والذي أهلك الحرث والضرع ولم يعر ف شعب في العالم الذل من نظامه والقهر كما عرفه الشعب السوري من هذا النظام ومن خمسة عقود مضت,

وكان قدر هذه الثورة أن تخرج من مدينة درعا , وتبعتها عدة محافظات  ومازالت مستمرة حتى اليوم

النظام كعادته في القمع يختار القتل والفتك مباشرة , والدعوة للديمقراطية معناه أن النظام في حال تطبيقها لن يجد على أرض الواقع سوى تمثيل بسيط تعبر عن أقلية طائفية في سورية , وفي قناعته أن الدولة الديمقراطية في سورية ستكون هي القاصمة لهذا النظام المجرم

الشعب لاترهبه القوة وإنما بالعكس فإن القتل يزيد الثورة اشتعالاً ودعما وحباً في التضحية

لكن النظام وجد ضالته الموجودة على الواقع في أن الثوار هم حفنة قليلة من المجتمع السوري والتي لاتمثل إلا القليل من هذا المجتمع المظلوم , وأن للنظام شعبيته كبيرة جداً وهذه الشعبية تتمثل في المدن الكبرى حلب ودمشق

وفي هذه الحالة أمام المترددين من الشعب السوري وأمام الرأي العام العالمي هو:

أن الذي يحصل في سورية عبارة عن تمرد لبعض المجموعات في تلك المحافظات وهنا من واجب النظام الحماية وإزالة التمرد الحاصل وبشتى الطرق والوسائل القانونية أو غير القانونية

فحلب تعتبر العاصمة المركزية لشمال وشرق سورية , وهي العاصمة الإقتصادية أيضا , وهذا الثقل البشري والإقتصادي والجغرافي أثرت على حركة وتمدد الثورة من جانبين مهمين هذين الجانبين هما:

أثرت على حركة التظاهر في منطقة الجزيرة كلها بحيث كانت المشاركة في التظاهرات لاتعبر عن مستواها الحقيقي وكأن تلك المظاهرات التي جرت في هذه المناطق رفع عتب لاأكثر

بالإ ضافة  إلى خمود معظم الشعب الكردي في المنطقة , وحلب تضم نسبة كبيرة جداً من الأكراد , وبقيت خلال هذه المدة مشاركة الأكراد رمزية فقط لاتعبر عن مضمون القوة التي يمتلكها الأكراد لو كانت بحجمها الطبيعي

فأهل حلب من المظلومين وكذلك الأكراد مثلهم كمثل باقي الشعب السوري , وقد يقول قائل ولكنهم قاموا ببعض المظاهرات في بعض المناطق

هذا صحيح ولكنها لم تكن تعبر عن حجم أهلها الحقيقي , وبالتالي أصبحت حلب كأنها الداعم الحقيقي للظالم ضد المظلوم بسكوتها المطلق , وكذلك بضعف تحركات الأكراد في المناطق ذات الأغلبية الكردية والناتج بشكل مباشر عن تأثيرين في ذلك :

هما تأثير الأحزاب الكردية النافذة في المناطق الكردية والتي قسم منها رأى الوقوف على الحياد لامع السلطة ولا مع الثورة وكأن الأمر لايعنيها , والغريب في الأمر كل يوم يصل منهم شهداء ولم يؤثر على موقفهم هذا , وقسم من هذه الأحزاب باعت نفسها للنظام في مقابل فتات من العطاءات لاتغني ولا تثمن من جوع إلا أصحابها , وحاولت عامودا الخروج عن هذه القاعدة ولكنها لم تلاق الدعم الكافي من المناطق الأخرى , مع أن الخوف الذي كان يعتري فئات كثيرة من الأكراد حول هجوم العشائر العربية ضدهم , ولكن هذا الخوف سقط بخروج أهل دير الزور والرقة وفي الحسكة أيضا

والتأثير الثاني على الأكراد هو موقف حلب من الثورة

ويضاف لموقف حلب موقف العاصمة دمشق , مع أن ريف دمشق كله منتفض تماما , ولكن بقيت العاصمة هادئة

والنتيجة المنطقية لذلك أن هؤلاء المظلومين من الشعب السوري ووقوفهم الصامت او الخافت هذا أدى إلى استفراد النظام الظالم بالمحافظات المظلومة والثائرة ضد الظلم وعمت وما زالت تعم فيها المذابح ,

وما زال السكوت سيد الموقف

هنا أوجه هذا السؤال

بما أنكم تعرفون الظلم والقهر وتتذوقونه يوميا من هذا النظام الفاجر المجرم , فالمفروض أن يكون شعوركم قوي كقوة الثائرين لتقفوا مع أنفسكم ومعهم يداً واحدة لرفع هذا الظلم عن الجميع

فلماذا تعينون الظالم على المظلوم وأنتم منهم؟

حتى أنت يابروسيوس؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!