الجبابرة سيشربون من نفس الكأس التي جرّعوها لشعوبهم

محمد فاروق الإمام

الجبابرة سيشربون من نفس الكأس

التي جرّعوها لشعوبهم

محمد فاروق الإمام

[email protected]

عندما يتجبر الحكام ويغفلون عن أن الموت نهايتهم وأن أعمالهم ستعرض على الله.. يسارع علماء الأمة في وعظ هؤلاء الطغاة وتنبيههم إلى ما ينتظرهم من نهاية فظيعة جراء ما يرتكبوه بحق شعوبهم، ومن هؤلاء الطغاة الذين ملؤوا الأرض ظلماً وجوراً وسفكاً لدماء شعوبهم دون جناية ارتكبوها إلا أنهم فقط يطالبون بالحرية المصادرة والكرامة المداسة وإصلاحات اقتصادية تخفف عن كاهلهم عبء مصاعب العيش ومتطلبات الحياة وإيجاد فرص العمل لجيوش الشباب العاطل عن العمل.. أقول من هؤلاء الطغاة المستبدين رئيس فرض نفسه على سورية دون خيار الشعب وإرادته.. ورث أباه دون وجه حق وبلا مسوغ قانوني أو دستوري إلا البندقية والعصا الأمنية الغليظة التي انتقلت إليه من أبيه.. الذي أقام الأخاديد في طول البلاد وعرضها وحفر القبور الجماعية خلف كل سجن ووراء كل معتقل وفي قعر كل قبو من أقبية التحقيق الأمنية.. ونصب المقاصل والمشانق في كل مدينة وبلدة وقرية وريف وحضر وعند بوابات كل محكمة استثنائية وعسكرية، وعاث في البلاد الفساد وأهلك الحرث والنسل ونهب ثروات الوطن وأفقر الناس وتركهم في كثير من الحالات يقتاتون على ما تحويه حاويات القمامة بعد أن سُدت كل سبل الرزق في وجوههم، ونفى وشرد الآلاف وضيق عليهم تراب بلادهم ليهيموا في بلاد الله الواسعة في القارات الخمس المعروفة لأكثر من ثلاثين سنة بحثاً عن الأمن الذي افتقدوه في بلدانهم والعيش الكريم الذي عز وجوده في أوطانهم.. إنه الرئيس غير الشرعي لسورية بشار حافظ الأسد الذي يفعل اليوم بشعب سورية ما لم يفعله العدو بعدوه.. يقطّع أوصال الشباب ويقتلع أظافر الفتية والأطفال ويدوس ظهور الرجال ويركل وجوههم بحذائه ويجهز على الجرحى ويختطف جثامين الشهداء ويذبح الجنود البواسل الشرفاء، الذين أبوا أن يلوثوا أيديهم بدماء إخوانهم في الوطن، ويحرم الناس من الماء والكهرباء والاتصالات، ويستبيح المدن بفرقه العسكرية ودباباته ومدرعاته التي ضلت الطريق فأدارت ظهرها للعدو الصهيوني وواجهت صدور الشباب العارية.. كما فعل أباه قبل 44 سنة عندما تخلى عن الجولان والقنيطرة دون دفع أو مدافعة والولد سر أبيه.

أقول عندما يتجبر الحكام وينتهكون حرمات شعوبهم ويفسدون في الأرض يهبُ علماء الأمة وهم نبض الشعوب وبوصلتهم ليأخذوا على أيديهم لا يخشون في ذلك لومة لائم ودون حساب للنتائج، لأنهم يريدون في ذلك رضا الله وكف يد الظالم عن ظلمه فهذا هو دور العلماء ومهمتهم وقد خصهم الله بها دون عامة الناس.. والذي حدث في بلدي سورية أن علماء السلطان هم من تصدوا للأمر ووقفوا إلى جانب الجلاد متنكرين للضحية.. يسوّغون فعاله ويحللون جرائمه ويشنعون على الثائرين المنتفضين أعمالهم ويسفهون فعالهم ويسوّقون كل ذلك بما حفظوه من آيات وأحاديث تدعم افتراءاتهم وأباطيلهم على غير الوجه الذي أنزلت لأجله هذه الآيات وقيلت هذه الأحاديث.. محرفين ومدلسين، وقلة من العلماء وقفوا إلى جانب الشعب وتقدموا صفوفه وسيحفظ لهم التاريخ فعلهم.

وأمام تجبر بشار اليوم وتطاوله على الشعب والإيغال في قتله وسفك دمه أعود بالذاكرة إلى موقف علم من أعلام هذه الأمة إنه سعيد بن جبير الذي وقف أمام طاغية عصره الحجاج بن يوسف الثقفي متحدياً بكل كبرياء وشجاعة وعزة نفس، كما يفعل أطفالنا وشبابنا ورجالنا ونساؤنا في ساحات الحرية اليوم في درعا ودوما وبانياس وجبلة والقامشلي وحمص ودير الزور واللاذقية والمعرة وتل منين والمعضمية وغيرها من المدن والقرى السورية، غير هياب بالموت الذي يساق إليه مرحباً بلقاء الله متشوقاً لنيل شرف الشهادة.

وكانت جريمة سعيد بن جبير كجريمة شبابنا السوري اليوم الذي انتفض في وجه الطاغية يريد انتزاع حريته واسترجاع كرامته.. ثار سعيد بن جبير على الحجاج لطغيانه وجبروته وسفكه لدماء المسلمين بغير وجه حق، وعارضه جهاراً ومواجهة وجهاً لوجه وقال له: أخطأت، ظلمت، أسأت، تجاوزت، فما كان من الحجاج إلا أن قرر قتله؛ ليريح نفسه من الصوت الآخر، حتى لا يسمع من يعارض أو ينصح كما يفعل اليوم بشار الذي يخشى الرأي الآخر والصوت الحر الصادق ويعمل على خنقه وقمعه.

قال الحجاج لسعيد: لأقتلنك قتلة ما قتلها أحد من الناس، فاختر لنفسك.

قال سعيد: بل اختر لنفسك أنت أي قتلة تشاءها، فوالله لا تقتلني قتلة، إلا قتلك الله بمثلها يوم القيامة، فاختر يا بشار أي قتلة تريدها لشباب سورية فإنك ولا شك سيقتلك الله بمثلها عاجلاً أو آجلاً.

ضحك سعيد بن جبير، وهو يساق إلى الموت، من الحجاج وتماديه وجرأته على الله..

فقال الحجاج: أتضحك؟

قال سعيد: أضحك من حلم الله عليك، وجرأتك على الله.. وهذا حال بشار في جرأته على الله وحلم الله عليه!!.

قال الحجاج: اذبحوه.

قال سعيد: اللهم لا تسلط هذا المجرم على أحد بعدي، والشهيد الذي سقط برصاص الغدر في سورية يدعو كدعوة سعيد: اللهم لا تسلط بشار وآل الأسد وآل مخلوف وآل شاليش على سوري بعدي.

وقتل سعيد بن جبير ..

واستجاب الله دعاءه، فثارت ثائرة بثرة في جسم الحجاج، فأخذ يخور كما يخور الثور الهائج، شهراً كاملاً، لا يذوق طعاماً ولا شراباً، ولا يهنأ بنوم، وكان يقول: والله ما نمت ليلة إلا ورأيت كأني أسبح في أنهار من الدم، وأخذ يقول: مالي وسعيد، مالي وسعيد، إلى أن مات.

وغداً سيصيب بشار ما أصاب الحجاج ويخور كالثور وهو يسبح في بحر من الدماء التي سفكها ويصرخ: مالي ولشعب سورية.. مالي ولشعب سورية.

وغداً يا بشار أنت ميت وقد مات أبوك قبلك ولا تعرف ما فعل الله به فقد قتله مقابل كل روح أزهقها قتلة فتصور كم قتلة قتل أباك وقد ازهق أرواح عشرات الألوف من النساء والأطفال والشيوخ والرجال، فالظالم يشرب من نفس الكأس التي سقى بها شعبه.. ولك العبرة في شاوشسكو وزين العابدين بن علي وحسني مبارك، وما ينتظر علي عبد الله صالح ومعمر القذافي في قابل الأيام..!!