جمعة الشهداء
(إذا سقطت الديكتاتورية سنشتاق للأسد)!!
محمد فاروق الإمام
جمعة الشهداء هي جمعة الوفاء للدماء الطاهرة التي سُفحت على جدران الجامع العمري في درعا الشموخ والصمود، يريد لها الشباب السوري أن تكون البلسم الذي يداوي قلوب المفجوعين بأبنائهم الذين كانوا ضحية للأيدي الغادرة الأمنية الجبانة، التي أطلقت الرصاص على فتية في مظاهرة سلمية لم تكن تحمل أياديهم بنادق ولا سيوف أو سواطير أو سكاكين أو عصاً أو حجر بل كانت تحمل أغصان الزيتون ولافتات تطالب بالإصلاح وحناجر تهتف (الله.. سورية.. حرية وبس).
سقط العشرات وتبعهم العشرات من أبناء عمومتهم الذين تظاهروا استنكاراً لفعل جبان خسيس أو كانوا مع المشيعين لجثامين هؤلاء الشهداء وهم يحملون إلى مثواهم الأخير، ليؤكد القتلة من جديد أنهم لا يبالون لا بالمسالمين ولا بحرمة الأموات فكل مواطن سوري سواء كان حياً أو ميتاً هو العدو يجب مطاردته وقمعه وقتله إذا ما فكر بالتمرد وكسر الحواجز طلباً للحرية والانعتاق من العبودية في مزرعة المافيا التي تحكم سورية بالحديد والنار والسجون والمعتقلات والمقاصل وأعواد المشانق والإقصاء والنفي وإطفاء سُرج العقول وتكميم الأفواه والحجر والفساد المقنن منذ ثمانية وأربعين سنة قاتمة حالكة السواد، ولعل وقوف ماهر الأسد شقيق الرئيس بشار الأسد على جثث سجناء صيدنايا الذين قضوا على أيدي حرسه عام 2008 وهو يصور مشاهد الرؤوس المقطوعة والأيدي والأرجل المبتورة والأجساد الممزقة يوضح لنا أي نوع هؤلاء من الناس الساديين القتلة الذين يحكمون سورية.
جمعة الشهداء ستشهد غضبة جماهيرية مضرية تعم المدن السورية من أقصى مشرقها إلى أقصى مغربها تهتف بلا خوف وبكل التحدي (الشعب يريد إسقاط النظام).. (الشعب يريد محاكمة القتلة).. (اعتصام.. اعتصام حتى يسقط النظام).. (لا دراسة ولا تدريس إلا بعد إسقاط الرئيس).
مظاهرات الشباب يوم جمعة الشهداء ستكون الرد على المسيرات التي جيشها النظام لآلاف الطلاب والموظفين واتحادات العمال والفلاحين وشبيبة الثورة وعناصر الأمن والجيش والرعاع من المطبلين والمزمرين مرغمين كما جرت العادة المتبعة من أيام الأسد الأب الذي كان يأمر حرسه ورجال أمنه بتسيير المظاهرات المؤيدة له كلما انزنق، وهذا حال الأسد الابن يفعل نفس الشيء عندما ينزنق، والمقصود بهذه المسيرات ليس الشارع السوري لأنه يعرف ألاعيب عصابة المافيا التي تحكمه، إنما المقصود بها لفت أنظار الشارع العربي والعالمي أن النظام في سورية قوي وأنصاره بالملايين وعلى العرب والعالم أن يغيروا سياستهم تجاهه والنظر إليه على أنه عصي على أي تغيير وهو محصن بهذه الملايين.
وفي هذا السياق سأل مذيع إحدى المحطات الفضائية التي كانت تستضيف أحد متنطعي النظام السوري وكذبته المضللين: لماذا لا يوجد بين هذه الملايين مندسين ويقوموا بإطلاق النار على المتظاهرين وهي فرصة ذهبية لهم لتعكير أجواء هذه المسيرات طالما أنها خرجت عفوياً لتأييد النظام؟ ولماذا تسمحون لكمراتنا بتصوير هذه المسيرات المؤيدة للنظام ولا تسمحون لكمراتنا بتصوير المظاهرات المعارضة؟ وهل سيسمح النظام بخروج مظاهرات سلمية معارضة ويقوم رجال الأمن بحمايتها؟ وإذا كنتم تملكون كل هذا الرصيد الجماهيري الهائل فلماذا تخشون من الديمقراطية وتقمعون المعارضين وتحرمونهم من حق التعبير؟ ولماذا تحتكرون كل وسائل الإعلام وتحرمون المعارضة منها وتضيقون عليهم حتى في الإنترنت والفاسبوك؟ ولم يستطع المتنطع المضلل الإجابة فبهت كما بهت فرعون من قبل وأغلق هاتفه وانسحب.
نريد لجمعة الشهداء أن تكون بحجم أرواح هؤلاء الشهداء الأبرار زخماً وقوة وتحدياً لهذا النظام غير الشرعي، الذي جاء ليحكم على ظهر دبابة ضالة أدارت ظهرها للعدو الصهيوني، مصوبة مدفعها إلى صدور الجماهير السورية وعاملتهم بأنهم هم العدو، وسالمت الصهاينة وتخلت لهم عن جزء عزيز من الوطن هو الجولان الحبيب وأمنت لهم السلامة والأمن والطمأنينة فيه لأكثر من أربعين سنة، وهذا ما دفع الصهاينة إلى الخوف على النظام من السقوط، وجعلت بعض رموزهم يقول بحسرة ولوعة، في مقال نشر في صحيفة القدس العربي نقلاً عن الصحف العبرية: (إذا سقطت الديكتاتورية سنشتاق للأسد)!!