هكذا سقط الشباب الثائر في سورية بين فكي النظام وأحزاب المعارضة

د.عبد الغني حمدو

هكذا سقط الشباب الثائر في سورية

بين فكي النظام وأحزاب المعارضة

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

قبل الخوض في تفاصيل العنوان علينا التعرج قليلاً والمرور مرار الكرام على أحزاب المعارضة السورية , هذه الأحزاب بتشكيلاتها وتجمعاتها المعروفة والتي تنضوي تحت مسميات شتى ومتعددة , نستعرض أهمها :

الإسلامية ويتربع على رأس هذا التكتل الإخوان المسلمون والذين شملهم الأذى والضرر من النظام السوري , ويحتلون المرتبة الأولى في وزنهم العددي خارج البلاد والمطبق عليهم قانون ال49 بنص دستوري والذي صدر سنة 1980 والقاضي بإعدام كل من ينتسب للإخوان وتطبيقه  بأثر رجعي , وما زال ساري المفعول حتى الآن

الأحزاب القومية والمتمثلة بشكل رئيسي بالأحزاب الكردية , وهذه الفئة تعتبر أي فئة الأكراد في سورية من أكثر فئات المجتمع السوري تعرضاً للظلم عند مقارنة وضع الأكراد مقارنة مع الشعب العربي في سورية

الأحزاب العلمانية فهي كثيرة ومتنوعة , ومن الصعب أن تعرف مالذي تريده هذه الأحزاب , فهي تدعو للديمقراطية وفي نفس الوقت تقف ضد الإسلاميين وهي تكيل بمكاييل شتى , فلا هي مع النظام ولا هي ضده

اتفقت هذه الأحزاب بغالبيتها المطلقة على نقطتين رئيسيتين :

1-    التغيير السلمي والعمل على ذلك عن طريق الإصلاح المتدرج , وعدم الاستعانة بأي دولة خارجية ضد النظام القائم

2-    السعي لتشكيل الدولة المدنية في سورية وبناء الدولة الديمقراطية الحديثة

ودعت هذه الأحزاب لحراك شعبي وانتفاضة شعبية , عندما وصلوا لدرجة اليأس أن النظام القائم في سورية لايمكن أن يقدم شيءاً عن طريق الإصلاح

وجاءت ثورة تونس ومصر وليبية فزادت الثقة عند هذه الأحزاب في امكانية الثورة الشعبية للإطاحة بالنظام القائم وشجعت عليها في منابرها الإعلامية المختلفة

وفي المقابل بعد أن أصبحت الظروف مهيأة لتحرك المجتمع السوري , لم تتحرك المعارضة حركة واحدة للأمام , في تشكيل قيادة مؤقتة لها تكون الناطق الرسمي باسم الانتفاضة الجماهيرية والمحرك الرئيسي لإلهاب حماس الجماهير , وبقي الخطاب منفرداً كل يغني على ليلاه وليلاه فقدت في تسونامي أندنوسيا

والإنتفاضة الشعبية لابد لها من سبب لإثارتها , بعد أن اكتملت كل مقومات الثورة في الداخل وعناصرها والمبنية على الظلم والقهر والفقر وسيطرة الأحكام العرفية وإذلال المواطنين على مدى عقود وتغييب عشرات الآلاف من السوريين في السجون والقبور وأكثر منهم محرومون من حقوقهم الوطنية في الخارج السوري , وكان اعتقال مجموعة الأطفال في درعا , من الصف الرابع الابتدائي وتعذيبهم بشكل كبير وصلت لقلع أظافرهم وكانت بداية الثورة

أحزاب المعارضة سكتت وخمدت صيحاتها , والشباب والأطفال والنساء يعتقلون ويقتلون في الشوارع والبيوت , ومع هذا كله فلم تصدر منهم إلا أصوات فردية خرجت على استحياء , تطلب من النظام بعض الإصلاحات

مع أنه كان يتحتم عليها الواجب التحرك بسرعة وتشكيل قيادة وطنية وغرفة عمل تمثل هذه القيادة لنصرة الشباب السوري الثائر وحض المدن والمناطق على الإلتحاق بالثورة وتحقيق التغيير المطلوب , بل على العكس هذه الأحزاب ساندت على التهدئة وبث روح الانهزامية في الشباب , مما جعل الملايين تحجم عن المشاركة ونصر إخوانهم في المحافظات التي تحركت من أجل التغيير

على الجانب الآخر حاول النظام في البداية اسكات الثورة عن طريق القوة الأمنية , ولكنه وجد الطريق في هذا الإتجاه غير سالك , مما يعني مزيداً من القتل والخراب , فاتجه لتشويه الحقائق عن طريق مفتي الجمهورية حسون ومن يقع تحت مظلته , متزامنا مع اتهامات بأن مصدر الحراك هم مندسون أجانب وفتح الاسلام وإسرائيل وأمريكا , مع ان هذه الأقاويل لاتنطلي على أحد من شباب الثورة , فلجأت الدولة إلى الوعود بالإصلاح عن طريق رفع الأحكام العرفية وقانون الطواريء ودراسة السماح بتعدد الأحزاب , وكذلك هذه الوعود لم يكن لها تأثير يذكر على الحركة الشعبية

وكانت الضربة القوية للنظام في هذا المجال ضد الثورة عندما فوجيء بالمظاهرات المؤيدة للثورة السورية في درعا واللاذقية , فكانت الطريقة القديمة الحديثة

أن أعطيت الأوامر للعصابات ذات المنهج الطائفي والتي تضم فقط من الطائفة العلوية الحاكمة في سورية , في الدخول والهجوم على اللاذقية وجبله وعملوا تقتيلا وإرهابا في المسلمين السنة في مدينة اللاذقية , مع أن المظاهرة كانت في البداية تضم السنة والعلوية وكل الأطياف من المدينة

هذه العصابات والمنتمية لنمير الأسد وماهر الأسد والتي تمثل القوة الضاربة على الشعب السوري من قبل النظام السابق والوريث , ظهرت بمظهر طائفي بحت وأول عمل فعلوه هو تدنيس القرآن الكريم أمام أهل اللاذقية من السنة

والسبب الذي دفع بالنظام لهذه العصابات المجرمة , هو إخافة المجتمع السوري من حرب أهلية طائفية , وما على المجتمع السوري إلا القبول بهذا النظام , في مقابل الأمن الوهمي الموجود في ظل بشار الأسد

السؤال الآن :

كيف يستطيع الشعب السوري الخروج من بين هذين الفكين؟

لكي يخرج من فك المعارضة عليه أن يعتمد على نفسه بنفسه , ولا ينتظر من المعارضة شيئاً مفيدا , وبالتالي التصرف يكون بالإعتماد على فكر وعقل وقوة الشباب في المجتمع السوري

وخروجه من فك النظام هو بتضافر التعاون والدعم والمساندة من كل المحافظات بعضهم لبعض لتحقيق هدف الشباب في الحرية والعدل والمساواة وإخراج الوطن من حقبة الستينات إلى حقبة 2011

فإن تضافرهم مع بعض وفي كل المحافظات يفشلون خطة النظام في لعب ورقته الأخيرة في أنه هو من يحمي وحدة المجتمع السوري  , وهي الورقة الوحيدة والباقية في يد النظام 

هو تحويل القضية إلى قضية طائفية , مع أن الواقع هو عكس ذلك تماما , فالقضية محصورة بين شعب يتطلع لعصر جديد وحرية وعدل وديمقراطية , وبين نظام اسري استبدادي طاغ لم يعرف للإنسانية كرامة عند شعبه إلا وانتهكها ومازال.