قالوا بأنك لا تثور

طارق أبو جابر

يا أيها الشعب الغيور !

طارق أبو جابر

 يا أهالي سوريا .. يا أهالي طرطوس ودرعا ودمشق وحلب وكل محافظة ومدينة سورية .. أحقا إنكم خرجتم إلى الشوارع والساحات ، وانتفضتم وثرتم على الذل والبغي والفساد والاستبداد ..؟! أحقا إنكم وضعتم الله أمام وجوهكم ؛ فالتهبت عزائمكم ، وذاب الخوف والوجل من نفوسكم ، ووضعتم سوريا في قلوبكم ؛ فعظمت غايتكم ، وهانت عليكم الحياة ، ووضعتم الحرية والكرامة أمام أعينكم ، فشمخت رؤوسكم ، وغلت الدماء في عروقكم ؟! أحقا إنكم خرجتم إلى الشوارع والساحات ، وهتفتم لتحولوا سجن الوطن الكبير ، والسجون الصغيرة الحقيرة إلى حديقة غناء ؟ وطالبتم بالحرية لـ (طل) وأخوات طل ، وإخوان طل .. وأعلنتم صوت الشعب الصادق الحر بلا زيف ولا رياء ولا وجل : الله ..سوريا ..حرية .. وبس ! أحقا إنكم أعلنتم غضبكم ؛ فقد قالوا : إنكم أدمنتم السكوت ،لأنكم تخافون القمع والسجن والموت .. وإنكم لا تغضبون ..؟ قالوا : بأنك لا تثور، يا أيها الشعب الغيور، قالـــــوا بأنك خائف ، والسجن يرعب والقبور..! أحقا إنكم طالبتم بعودتنا إليكم ؛ إلى الأهل والوطن والديار .. وهتفتم لنا ، مع أنكم ما عرفتمونا ، ولا صحبتمونا – نحن الذين منذ ثلث قرن منفيون مبعدون مهجرون محرومون حتى من البطاقة الشخصية ؟ وهتفتم بالحرية لأولئك الأحرار الأبرار في قبور الأحياء والأموات .. ؟ أحقا عرفتم أن الوطن حزين علينا ، ولن تقر عين الوطن إلا عندما تكتحل برؤية أبنائه الذين ضحوا من أجل عيونه ..؟ أعرفتم أننا من فلزات كبده التي تشظت منذ زمن ، وما تزال..

 لقد حكموا علينا بأن نهرم ونموت بعيدا بعيدا في المنافي ، وتموت معنا سيرة الحرية والكرامة في غرة الأوطان .. فمن أين أتيتم أنتم بها ؟ ومن أرضعكم حليبها ؟ ومن أيقظ فيكم روح الثورة الوثابة على الظلم والبغي والطغيان ؟!

 يا شبابا يفجر الصخر، ويهزم القهر ، ويصنع الفجر، عذرا إليكم فقد هرمنا نحن .. هرمنا ونحن ننتظر هذه اللحظة التاريخية المباركة ، وهذا الفجر البهي ، وهذه الشمس الساطعة بالضياء ، الذي تصنعه عزائمكم بعد ظلام طال وطال .. فبوركتم .. وبورك بطن حملكم ، وأم أرضعتكم ، وأرض حملتكم ، بورك سعيكم ، وبوركت ثورتكم .. وإلى لقاء لنطبع قبلة الشكر والحب والوفاء على جباهكم.