ما بين القول والواقع تظهر الحقيقة للجميع في مجتمع الجرذان

د.عبد الغني حمدو

ما بين القول والواقع

تظهر الحقيقة للجميع في مجتمع الجرذان

د.عبد الغني حمدو /باحث وأكاديمي سوري

[email protected]

[email protected]

عندما استمعت لخطاب ملك وملوك الجرذان معمر القذافي , قذفه الله في نار جهنم في دنياه قبل آخرته , بيد الشعب الليبي البطل أولا وبعدها في نار جهنم خالدا مخلداً

كما أرجو من الله تعالى أن يعين الشعب الليبي ليتمكن من إسقاط هذا الملعون والسفاك قبل تدخل دول العالم حتى لا تخرج الثورة عن بريقها , وتبقى حرة شريفة بأيدي صانعوها والتي جبلت وما زالت تجبل بدم الأبرياء والشهداء من الأخوة الليبيين , نصرهم الله وحفظ دماءهم ورحم الله شهداءهم وعوض ذويهم الصبر والخير وشافا جرحاهم

مقدمة لابد منها لكي ندخل في موضوع نطقه هذا المجرم ليمثل حقيقة واقعية عن ما يعنيه هو في داخله ويشترك في ذلك المعنى معظم الحكام العرب , في أن الشعوب العربية عندهم ما هي إلا شعوباً من الجرذان والتي تمثل أقذر مخلوقات الأرض في شكلها ومكان معاشها وحياتها , وما الإبقاء على هذه الشعوب من الفئران إلا من اجل التوازن البيئي للبقاء على توازن الحياة في الطبيعة

العالم يشاهد الآن جزء من مجازر النظام الليبي والتي تلتقطه عدسات التصوير , ولكن الذي جرى ويجري في سورية أفظع من هذا بآلاف المرات , ولكن لم تلتقطه عدسات التصوير وطمر الأسى في أعماق أصحابه  وكأن النظام يقوم بتعذيب وقتل وسفك دماء الجرذان , ويشجع على موقف يقوله بلسانه ويفعل عكسه بعمله والناس فاتحة ثغرها مثارة بالإعجاب من ذلك النظام , فاغرة الأفواه كأنها حمقى في مستشفيات  المجانين

قصة تتفرع منها قصص كثيرة , تساويها في الأسى أو تفوقها في عمق مآسيها , لنعرج على قصتي أنا مع النظام تحمل في طياتها السؤال المحير والذي كنت لا أعرف جوابه حتى سمعته من مجرم ليبيا

وهو :

هل الشعب السوري بنظر حافظ أسد ومن بعده وريثه هم من البشر ؟

لننظر في الأمر من خلال هذه الحقائق

قتلوا شقيقتي سنة 1981 رحمها الله واعتقلوا والدي وشقيقي وأرادوا اعتقالي فهربت من بين أيديهم

فلم يعد أبي بعدها رحمه الله ولا شقيقي ولم تعاد جثة شقيقتي , مع أنني أقسم بالله لم يكن أحداً منهم ينتمي إلى أي حزب أو تنظيم أو جمعية , ولا نعرف عنهم شيئا منذ ذلك الوقت

وقد يدافع أحدهم من فاغري الأفواه فيقول ذلك ماض قد انتهى وابدأ من جديد وعليك أن تنسى ذلك من اجل الوطن , فإن اقتنعت بكلامهم وتجاوزت ذلك واستسلمت لمر قد مضى , فهل من يقومون على الأمر قد نسوا وحاك في ضميرهم الشعور الإنساني واستفاقوا من غفلتهم في ظل نظام جديد قد بدأ منذ أحد عشر سنة واعتذروا عن فعلتهم تلك وطلبوا العفو أم إن الجرائم مازالت ترتكب وترتكب بكل عنجهية وإصرار حتى الآن ؟

لنكمل القصة في الجزء الثاني من الحقد الدفين في نفوس النظام وذئابه الذين هم حوله

ابنتي الصغيرة عمرها ثماني سنوات تقريبا , وأربعة بنات أخرى شقيقات لها , وثلاث أولاد أشقاؤها وأمهما

فعندما ضاقت علينا الدنيا بسبب الحرب على العراق سنة 2003 , فقلت في  نفسي لعلهم يجدون الأمان في وطنهم فأرسلتهم إليه وبقيت وحيداً مريضا امشي على عكاز خوفا عليهم من القادم المميت والفظيع , ولم يدر في خاطري فكرة أن ذلك سوف يكون الوداع الأخير لهم وأمهم حبلى في شهرها السادس

فلا أنا استطيع أن أعود إليهم فقانون ال49 لي بالمرصاد إن وصلت للمحكمة وهذا بعيد الاحتمال جدا لأن جسدي الموهن لن يستطيع تحمل حمامات الدم المتتالية والمتنقلة بين فروع المخابرات السورية , والتي استعادت على امتصاص دماء الأبرياء منذ أكثر من أربعين سنة قد مرت ومازالت , فقد أصبحت رجلاً أرمل وزوجتي هي على قيد الحياة , وهي أرملة وأنا مازلت في الحياة  وأبنائي أيتام منذ ثمانية سنين , ويفتقرون لأبسط مقومات الحياة والجوع والفقر والحاجة تحيط فيهم من كل جانب والبرد يكاد يقتلهم والأمراض لا يجدون سبيلا لعلاجها , ويمنعون من السفر , وحال أبوهم ليس بأحسن من حالهم , ولا جواز سفر أحمله ولا مكان عمل استطيع ممارسته مع أنني أمتلك شهادة الدكتوراه

عندما كنت أعرض قصة زوجتي وأبنائي يخرج علي بعض الأفواه صاحبي العقول الجوفاء , يقولون لي مواسين ومعبرين عن إعجابهم ببشار الأسد ولو كان يعلم الأمر لكان وقف لجانبك

فأقول لهم لقد عرف كل سوري بهذه القصة وعمل عليها آلاف المثقفين من الدول العربية ومن سورية ورسائل طويلة تناشد فيها بشار وبقي الحال :

يسألني ابني الصغير ويقول لي لماذا لا تأتي لعندنا أنا مشتاق إليك يا أبي , فلا أعرف جواباً أقنعه فيه , وتلك الصغيرة والتي لم أشاهدها إلا على الكمرة تقول لي أنا بحبك بابا لماذا لا تأتي كل البنات عندهم أب إلا أنا يبابا

لو تيتموا أولادي بقدر الله والموت كانوا تناسوا وسلموا أمرهم إلى الله , ولكن أنا عندهم حي ميت وميت حي , كحالة متشابهة في والدي وشقيقي في قلبي ميتون أحياء أو أحياء ميتون

قد ينبري احدهم ويدافع عن هذا النظام في أنك تنتمي لجماعة من المجرمين , وقد قلتها قبلا وأقولها الآن بيني وبين القضاء العادل تحد في أن يستطيع أن يصدر بحقي ولو حتى طلباً للمثول أمام المحكمة , ولكن أمام القضاء في بلدي فحبل المشنقة منصوب قبل المحكمة والذي يصل لهذه الدرجة يكون سعيد الحظ أيضا في أنه لم يمت من التعذيب وتقطيع جسده , وامتصاص دمه قطرة ..قطرة حتى لا يموت بسرعة , فالموت وقتها يكون أكبر نعمة تحل بالفرد , مع أن الله تعالى عبر عن الموت بالمصيبة في كتابه العزيز

فلو قورنت قصتي بقصص ضحايا تعد بمئات الآلاف في سورية لكان الكثير منها عند المقارنة بقصتي , لشبهت بنزهة على شاطئ اللاذقية في يوم من  أيام صيفها الجميل

ففي سورية كما في ليبيا عندما سئل حافظ الأسد عن عائدات البترول فقال لهم هي في أيدي أمينة , والقذافي يقول أن الشعب أهداه البترول

بالفعل لقد وصلت للجواب في أننا بنظر هؤلاء الحكام مجتمع من الجرذان , وتتم مقاومتنا بشتى أنواع الإبادة الفردية والجماعية , وتدجن البقية لتكون في مختبرات تجارب تقام عليها ما يحلو للحاكم من متعة في قهر وتفتيت وتسميم الجرذان والفئران , حتى قال أحد القيادات السورية ما أنتم إلا مجموعة من الجراثيم سنسحقكم جميعا بهذه الأحذية

وأحيانا يطلقون علينا بمجتمع الخرفان يريدون رفع مستوانا لمكان أعلى من مجتمع الجرذان في زمن الأمان عندهم بعد أن استقر في عقلهم أننا قد تدجنا بالفعل

هذه هي حالنا في سورية فلقد مرت علينا أربعين سنة ونحن بنظر الحاكم مجتمع من الفئران القذرة , ومصدر إلهام للنظام في الحصول على جوائز الأوسكار أو الإنفراد بجائزة نوبل لأكثر من أربعين سنة مرت في اختراعاتهم الهائلة والطرق الفاعلة في مكافحة أقذر خلق الله على الأرض

في المقابل نحن بشر وكرمنا الله تعالى على جميع خلقه , نريد إنسانيتنا المفقودة هذه الإنسانية لا يمكن أن يهبها لنا من ينظر إلينا في أننا أحط المخلوقات في الطبيعة , فلقد أثبت الشعب التونسي والمصري ذلك , وهاهو الشعب الليبي يثبت إنسانيته , وأوضحوا للعالم أجمع أنهم ينتمون للبشر , وان من يحكمهم هو الذي لا ينتمي لجنس البشرية بصلة مطلقا

ألم يحن الوقت بعد لكي يثبت الشعب السوري أنه هو أيضا ينتمي للبشر ؟

أم سيبقى في نظر الحاكم ذلك المجتمع من الفئران  , وتعم عليه المآسي ولا يمكن أن يهرب منها شخص في سورية ولا حتى حيوانات النظام , كمصير غازي كنعان والذي نحر في مكتبه وتباكوا عليه وهم الذين نحروه

وعلى كل سوري أن ينظر في المرآة ليسأل نفسه هذا السؤال :

هل أنا إنسان أم أنا ؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!