مبارك والأربعون حرامي

جميل السلحوت

جميل السلحوت

[email protected]

 بعدما  سمحت سلطات القمع في مصر لوسائل الاعلام المصرية الرسمية بالحديث عن ثورة الشباب في مصر، لأنها أدركت متأخرا أن العالم أصبح قرية صغيرة من خلال الفضائيات، والانترنت وغيرها من وسائل الاتصال، التي تصل كل بيت، بدأت تتكشف عصابات الفساد والمفسدين واللصوص والسراق، التي أنهكت الاقتصاد المصري، وأوصلت الملايين من أبناء الشعب الى درجة المجاعة، ويتضح أن الفساد والافساد لم يقتصر على تغييب دور مصر الاقليمي وتهميشها كدولة فاعلة في السياسة العالمية، بل تعدى ذلك الى أن عمل غالبية من مارسوا السلطة من وزراء ووكلاء وزارات، ومدراء عامون وغيرهم، كانت وظيفتهم هي النهب والسرقة، وتدمير القطاع العام وتجييره لصالحهم ولصالح أسرهم، من خلال الاحتكار ونهب المال العام، وأن دور الحزب الوطني الحاكم لم يكن سوى بناء طبقة من المتنفذين اللصوص، ليشكلوا غطاء للفساد والمفسدين، ويبدو أن الاعلام الرسمي الذي لم يُعط الحرية الكاملة للحديث عن جرائم الفساد، فانه يتحدث عن ممارسات بعض الوزراء وبعض المتنفذين، وكأن الرئيس بريء من الفساد، أو لا علم له به، وهذا عذر للرئيس أكبر وأقبح من الأخطاء والخطايا التي ارتكبها في حياته، فالأنباء تتحدث عن أن ثروة عائلة الرئيس تصل الى سبعين مليار دولار، فمن أين لها هذا الكسب السحت؟ وأن بعض الوزراء تعدت ثرواتهم المائة مليار جنيه، في بلد يعاني من البطالة وتدني الدخل، ويأتي الفساد والسكوت عليه لمدة ثلاثين عاما أو يزيد مع أن أكثر من جهاز رقابي كانت تعلم بذلك، ولا تفسير لذلك سوى مشاركة هذه الأجهزة في الفساد، وحتى الأجهزة الأمنية بنيت هي الأخرى على البلطجة وقمع المواطنين وارهابهم وقتلهم ونهب ثرواتهم، مما يعني أنها كانت الحامية للفساد والمشاركة فيها، ولهذا فانها انهارت بشكل سريع أمام ثورة الغضب الشبابية، وللمرء أن يستشف مدى استفحال الجريمة التي مارسها النظام من الأرقام الخيالية التي كانت تنهب وتسرق، فعلى سبيل المثال سرقة سبعين مليون جنيه من لجنة الحج وتخصيصها للجنة الرياضية في مجلس الوزراء، أفلا يشكل هذا استخفافا بالوطن وبعقلية المواطن، فأي لجنة رياضية في مجلس الوزراء؟ وهل يشكل مجلس الوزراء المنتخب الرياضي الوطني؟

والفساد والافساد في مصر لم يكن غائبا عن صانعي النظام ومموليه في واشنطن ولندن وتل أبيب، لكنهم سكتوا عليه لعلمهم أن هذه هي الطريقة الوحيدة لقهر هذا الشعب العظيم، ولاخراج قلب العروبة النابض مصر العروبة من التاريخ، وتحويلها من دور الفاعل والصانع الى دور المفعول به.

ان مطالبة الثورة بتنحية الرئيس بعد كل هذه الفضائح لم يعد كافيا، بل يجب تنحية النظام بأكمله، ويجب منع كافة المتنفذين في النظام من السفر والحجز على أموالهم تمهيدا للتحقيق معهم ومحاكمة من تثبت ادانته.

والأمر الذي تقشعر له الأبدان هو أن دور المتنفذين في النظام لم يقتصر على النهب والسلب والقمع والقتل والتعذيب، من خلال خدمتهم لسياسات وأجندة أجنبية، بل تعداها الى تدمير مصر الوطن، وكأنهم غرباء عنه.