لقطة من ميدان التحرير

طارق أبو جابر

طارق أبو جابر

كثيرة هي المواقف اللافتة والمعبرة في ثور الشعب المصري على الظلم والفساد والاستبداد ، التي يمكن للمرء أن يلتقطها ويتوقف عندها لاسيما إذا كان قد مسه ضر من نظام الحكم في بلده .. قالت المرأة التي أطلت من جانب الخيمة بوجه يشع بالأمل ، وقد أنهكه الظلم والحرمان ، وتنطق عيناها بالثقة والعزم والتصميم : لن أبرح هذا المكان حتى يسقط الظالم : (انحرمنا كتير .. وانهنا ببلدنا كتير..) . عبارات بسيطة تلقائية مختصرة لبس فيها فلسفة ولا تنميق ولا تذويق..ولكنها تلخص المأساة  العظمى التي يعيشها شعب مصر المبتلى ، وسائر  الشعوب المحرومة والمقهورة واالمضطهدة .. حرمنا كثيرا..وظلمنا كثيرا .. تقولها وهي تجلس في قلب عاصمة بلدها ، تعبر عن رأيها ، وتنادي بقلع الرئيس الظالم .. ماذا لو سمعت عن الحرمان في بلدنا سوريا ؟ ماذا لو سمعت عن الإهانات في بلدنا سوريا ؟ ماذا لو سمعت عن  قوم أخذتهم (الحكومة) الغاشمة  قبل ثلاثين عاما من بين أهليهم وآبائهم وأمهاتهم وأزواجهم  .. ولا يعرفون شيئا عن مصيرهم حتى الآن ؟ ماذا لو سمعت عن أناس محرومين من بلدهم منذ ثلاثين عاما ، ولا يطلبون إلا شيئا من كرامة مما لا يمكن للآدمي أن يعيش يدونه ؟ ماذا لو رأت ما يتعرض له المواطن السوري،أو المواطنة على حدود بلده من إهانات وابتزاز ، وتلفيق التهم ، والتهديد .. ؟ ماذا لو علمت هذه المرأة  بما يتعرض له المواطن السوري أو المواطنة على أبواب سفارات بلاده ممن هم مسخرون بالأصل لرعاية مصالحه وتيسير أموره ؟ تأتي المرأة وتطلب من السفارة تمديد صلاحية جواز سفرها الممنوح لها لسنتين فقط ، ومدته ست سنوات ، فيقال لها : أرسليه إلى القطر لكي يزور القطر!! فتنطلي على المرأة البسيطة المكيدة ، وترسل  الجواز إلى القطر ، وتضعه في البريد  الممتاز ذي التكلفة العالية ، وترفق معه (إكرامية ) مائة دولار اقتطعتها من لقمة عيش أطفالها  ، مع أن تجديد الجواز ليس عليه رسوم مطلقا حسب القانون، وليتها عاد إليها جوازها  حتى بدون تجديد، لتبرزه  وتثبت به شخصيتها .. فيتم حجز الجواز في بلدها !! وتسأل هنا وهناك ، وتستغيث ، ويهمس لها هامس : الجواز محجوز عند (الأمن )، أمن الوطن ! لأن أباك – وهي المرأة المتزوجة - الذي يرى غير ما نرى ، يرفض العودة إلى الوطن لكي نضعه في السجن ! وتبدأ معاناة استخراج بدل الفاقد، ويطول الزمن ، وتستمر المعاناة ... حدثت رجلا كبير السن في أحد الأقطار عن جانب من معاناة أبناء شعب سوريا من هذا النظام ،الذي يزعم أن الله حاميه .. قلب الرجل الممدد  على سرير بجانب سريري في المشفى يده وقال بتعجب شديد : هذا كيف الله صابر عليه !! قلت كما صبر على غيره ، ثم أخذه فلم يفلته !!