ارحل

أحمد صرصور

أحمد صرصور

[email protected]

"ارحل"........

 كلمة في اقل من يوم وليلة, تحولت الى اصطلاح, يحمل بين ثناياه معان عديدة لا حصرلها. حتى كادت ان تثقل بما تحمله من معان. لكنها صامدة رغم قلة احرفها, وصغر حجمها. كصمود الشعب التونسي الذي اطلقها لاول وهلة. فنجحت بكسر عناق الطاغية, ومصاصي الدماء. مما حذا بالاخوة الشباب في مصربتبنيها, لما تحتويه من سحر, في اسقاط الانظمة الناهبة لخيرات بلادها.

  هذه الكلمة, سلطت سهام حروفها, الى راس الهرم الباغي. وخاطبته بكل جرأة: "ان لا محل لك بيننا الان, وما عليك الا ان ترحل. فقد انتهى عهد الظلم . ولا تنسى قبل ذلك, وتترك البلاد, ان تبخر كل من عاونك على ظلمنا ."

هؤلاء الاعوان, هم توابع الطاغية. بدونهم لا يمكن ان يبسط سيطرته على الشعب. يختارهم الحاكم المستبد بدقة وتمحيص, فلا يقبل شريف بينهم, ولا  من يعرف الله ويوحده.كل همهم هو الوصول لهذه المناصب, كي يملؤوا البطون والجيوب, مما يغدقه عليهم رئيسهم الظالم. او ما تسيطر عليه ايديهم في وزاراتهم, او وظائفهم. كل حسب موقعه.

فاذا كان الدكتاتور هو راس الهرم, والاعوان, من جهاز مخابرات, او اعلام, او مجموعة الترهيب احد اضلاعه. يمتلكون القوة الجبارة للمحافظة عليه . ففي الضلع الثاني, تتواجد الاموال التي تغذي ماكنته الجبارة . اموال الدولة, او المؤسسة التي يتحكمون بها. اموال وخيرات الشعب المعرضة للهط.

هذا المثلث, يرسي بقواعده داخل الشعب. عن طريق زرع المنتفعين, من رجال اعمال, او اليلطجيه التي تخيف الشعب. 

مثلث ,اذا احكم سيطرتة علي شعب. لا يمكن زحزحته الا بارادة وعزيمة  شباب . فلا ننسى بان رسولنا الكريم اوصانا بالشباب .

مثلث يكون فيه الشعب فقط من اجل الاستهلاك, يحظر عليه التفكير ويبقوه في حالة رعب وراثي "اب عن جد".

لكن لا بد للقيد ان ينكسر, ليخرج شاب يدعى وائل غنيم. مستغلا التكنولوجيا الحديثة في الانترنت, محطما كل هذه النظريات. وهو جالس في بيته, بضغط على ازرار الكمبيوتر. ويحشد الملايين ليقولوا للطاغية "ارحل".

الشعب ..... يريد ....... اسقاط النظام.

احد المشتركين في انتفاضة ميدان التحرير قال: لا فرق بين الطاغية في مصر, او تونس, او اليمن, او كفرقاسم .

هذا المثلث مُتمارس به  من الاف الاعوام, على مدار التاريخ. ونخص بالذكر فرعون .

الا فترة تاريخية واحدة, لا بد من الاستراحة بها في رحلتنا هذه.

جاء ذلك الرسول, رسول الروم الى المدينة المنورة. دخلها في ابهى زيه العسكري, يمتطي اجود انواع الركوب. جاء لنقل رسالة الى قائد تلك الامة, ورأس هرمها العبد الفقير لله ,الفاروق.

هذا الرسول, كان متوقعا انه سيدخل مدينة حاكم, تتكدس شوارعها بحراسة رهيبة. لما لا, وهو القائد الاعلى لجيوش الاسلام, التي تكتسح اكبر امبراطوريتين .

دخل هذا الرسول واعينه تتلقف الفضاء. عسى ان تلمح ذلك القصر الذي يعج بالخدم والحشم . ذلك البيت الابيض الذي تخرج منه الاوامر الى الامصار وجيوشها.

جاب الرسول المدينة المنورة, عاصمة القائد الفاروق عدة مرات. عله ان يهتدي الى ذلك القصر. لكن اجتهاداته باءت بالفشل. لا قصور في تلك المدينة. وكل ما تقع عليه عيناه ما هو الا سوى بعض المارة هنا وهناك. في شوارع ترابية.

اضطر الرسول للترجل عن حصانه, وهذا ممنوع في عرف البريد والرسل. لكنه نزل ليستفسر عن الامر .

اين القصر اين الحرس اين القيادة؟؟؟!!!!!

نظر اليه ذلك الاعرابي  وقال له : اتبحث عن عمر؟  انه هنالك في غرفة نومه تحت تلك الشجرة. وتابع الاعرابي طريقه كانه لا يعنيه لباس هذا الرومي.

بالله عليكم , لو انكم كنتم  في مكان ذلك الرومي. ماذا سيكون موقفكم من رد هذا الاعرابي ؟

سار الرومي بخطى ثقيلة في اتجاه الفاروق, ليس خوفا بل متخوفا من ان الاعرابي وضعه في موقع سخريه. ايعقل ان القائد الاعلى ينام في الشارع بلا حراسة!!!!!!

وكانت المفاجأة الكبرى عندما اقترب من الخليفة عمر. ورأى ما رأى. امير المؤمنين يفترش الارض, متخذا نعليه وسادة, يغرق في قيلولة . يا الله, صرخ الرومي في باطنه. بامكاني ان استل سيفي واقتله, واريح الامراطورية الرومانية من افعاله.

لكن تراجع وبسرعة عما وسوس له الشيطان. لو فعلت هذا لحرمت البشرية من  خيرات هذا الدين.

طاغينا حكم 20 عام واسقطناه والفضل في ذلك لله والحكم الديمقراطي في  بلادنا. نعم  استطاع ان يؤمن مستقبله ببعض ملاهي الدنيا الزائلة.

 لكن طاغيكم استفاد اكثر بكثير من ذلك. لكنه مصر على البقاء. يا سيدي نحن شعب كريم .ونحن على استعداد ان نسامحه .فقط فليرحل. " . هذا ما سرح به الي احد المعتصمين في الفيس بوك.

لم يكن هنالك فرق كبير. بلطيجة فرعون كشف امرها, كما هو حال بلطجيتنا. كذلك اللهاطون.  وتهاوت مثلثات الطغاة في كل مكان وعلى مدار التاريخ.

لكن....ذلك الرومي عاد الى بلاده, ليتنازل عن جواده الاصيل, ينتظر الفاروق لفتح القدس, حاملا راية الاسلام.

ومن ميدان التحرير, سيكون تحرريها وتخليصها من ايادي اصحاب المادة.

  لكن ..... لن تكتمل حلقات القصة الا باسقاط كل على حدة طاغيته الامارة بالسوء.