تصريحات الفقيه المشبوهة حول الثورة العربية في مصر

جورج عواد

تصريحات الفقيه المشبوهة

حول الثورة العربية في مصر

جورج عواد

أطل علينا الفقيه الفارسي يوم الجمعة الموافق الرابع من شباط الفين واحدى عشر, وبكل خبث ومغالطة للواقع أقدم على تشويه هوية الثورة العربية في مصر, واصفا أياها بأنها ثورة أسلامية, معذرة هنا فالخبث والمغالطة والتشويه لا تعود للأسلام بل هي موجهة للفرس أعداء العرب والأسلام. وهنا يجب التأكيد على الحقيقة المهمة وهي أن الثورة العربية في مصر هي ثورة قام بها شعبنا العربي في مصر بمكونيه المسلم والمسيحي. أنها ثورة قامت للأطاحة بمحمد حسني مبارك وكامل نظامه القمعي, وحيث أن محمد حسني مبارك وشلته كلهم مسلمين, فكيف تكون الثورة للأطاحة بهم ثورة أسلامية؟ هل يعقل أن تقوم ثورة أسلامية ضد الأسلام؟ هذه الثورة هي ثورة عربية قامت للأطاحة بالدكتاتورية ورفع الظلم عن الشعب العربي في مصر. لقد قامت لترسي دعائم نظام علماني ديمقراطي في مصر, حيث تكون السيادة للشعب وليس للحاكم. قامت كي لا يكون هنالك تزوير للأنتخابات. قامت كي لا يكون هنالك قوانين طواريء يحكم بها عقودا من الزمن. قامت ليتساوى المواطنون أمام القانون في الحقوق والواجبات. قامت لتأمين الحرية لكل المواطنين. كل هذه الأهداف السامية يعجز عن رؤيتها الفقيه الفارسي الذي لا يستسيغ غير قمع معرضي ولايته الصفوية وقتلهم.

منذ اليوم الأول للثورة قام قادتها بالتصريح بأنها ثورة قامت من أجل أقامة دولة علمانية ديمقراطية, وقام السيد أحمد نور وهو أحد قادة جماعة الأخوان المسلمين المشاركين في الثورة وقال أكثلر من مرة "أن الأخوان ليس لديها أي مطمح لأن يترشح أحد منها لرئاسة الجمهورية, وليس لديها أي أجندة خاصة تختلف عن مطالب الشعب المصري." وأذا ما أضفنا ألى ذلك اشتراك مسيحيي مصر في الثورة, ووجودهم الحقيقي في ميدان التحرير, تنتفي كل صفة دينية عن الثوره. فلماذا أصر الفقيه على تشخيصها بأنها ثورة أسلامية؟ أن هدفه واضح ويجب ألا يخفى على أحد, فهو يحاول زرع الفتنة بين المسلمين والمسيحيين في مصر. لقد توهم هذا المريض عقليا أنه يستطيع أن يوجد في مصر ما استطاع أيجاده في لبنان. خاب فأله. شكرا لك يا صلاح الدين, فلولاك لكان بأمكن الفقيه الفارسي الذي يحتل أراض عربية تفوق مساحة فلسطين, أن يحول مصر ألى لبنان ثاني.

يقوم الفقيه بمحاولة زرع الفتنة في مصر خدمة لأسياده الصهاينة, الذين يريدون أن تقع مصر في الفتنة, كي يضمنوا أمن كيانهم الدخيل المسمى أسرائيل. وهنا يجب ألا ننسى أن الكيان الصهيوني وهو في أوثق الصلات مع حسني مبارك قام بتحريك دول منبع نهر النيل على مصر, كي يحرمها من الماء. قد يبدو ذلك مستغربا لدى البعض, ولذا سأستعيد لهم التاريخ الذي يثبت تلك العلاقة بين الفرس واليهود. في سنة 568 قبل الميلاد قضى الأمبراطور نبوخذ نصر على مملكة يهوذا ,وسبى معظم اليهود ألى بابل, ولما سقطت بابل سنة 539 قبل الميلاد على أيدي الفرس, كان لليهود دورا كبيرا في سقوطها, لأن نبوخذ نصر ومن بعده أبنه بلطاشاسر أدخلوا الكثير من اليهود, وأشهرهم النبي دانيال ,الى البلاط ووضعوهم في مراكز حساسة في الدوله, فلم يكن من الصعب عليهم تسهيل الأمور أمام ملك الفرس داريوس, فسقطت بابل وقام الفرس مكان بابل. وأعترافا من الملك داريوس بما قام به اليهود لتسهيل احتلاله لبابل, كما يقول عزرا, قام داريوس بأصدار أمر بأعادة بناء الهيكل في القدس على نفقته الخاصة, وسمح لليهود بالعودة الى فلسطين. وأما في عصرنا الحاضر, فقد كانت الدولة الفارسية تشتري الأسلحة من الكيان الصهيوني المحتل لتحارب بها العرب في العراق, ولا أحد ينسى ما أثار ضجة في الصحف الأميركية آنذاك حول ما عرف بأسم أيران كونترا أفير, وهي صفقات أسلحة بين أيران والكيان الصهيوني.

وكي لا يخامرن أحد الشك في العلاقة الخفية بين الفرس واليهود سأقدم الدليل القاطع, كي يعي الناس اللعبة التي يلعبها الفرس بأيهام العالم أنهم يريدون تدمير ما يسمونه "أسرائيل."  في عقد السبعينات من القرن الماضي كان لدى العراق مفاعلا ذريا, ولكن العراق لم يكن قد تخطى المرحلة الأولى في برنامجه الذري, فما كان من قوات الكيان الصهيوني ألا أن أغارت على بغداد ودمرت المنشأت الذرية العراقية. وفي سنة 2010 قامت قوات الكيان الصهيوني بتدمير المنشأت النووية السورية في دير الزور, بينما يوجد لدى أيران برنامجا نوويا يقنرب من أنتاج أسلحة نووية, ولا تحرك دولة الكيان الصهيوني ساكنا. فبدلا من تدميره تكتفي بمجرد الكلام بغير فعل. لو كانت الدولة الصفوية الفارسية غير مرتبطة بالصهيونية¸لقامت قوات هذا الكيان بتدمير منشأت أيران النووية قبل قيامها بتدمير منشأت سوريا, لأنها متقدمة كثيرا على البرنامج النووي السوري. أن تدمير الصهاينة للمنشأت السورية التي لم تصل بعد ألى مرحلة تشكيل خطر على كيانها الدخيل, ومن قبله تدمير منشأت العراق قبل أن تشكل خطرا, وأبقاء منشأت أيران النووية التي تشكل خطرا في كل المنطقة, ما هو ألا برهان قاطع على اطمئنان الكيان الصهيوني ألى أيران, وكيف لا يطمئن والعلاقة الأستراتيجية بينه وبين الفرس مستمرة منذ سنة 539 قبل الميلاد وحتى يومنا هذا. لا يغرن أحد تشدق حفيد كسرى عن عزمه على أزالة الكيان الصهيوني, فما كلامه ألا ذرا للرماد في العيون, الهدف من وراء التشدق به هو أخفاء ارتباط الفرس بالصهيونيه.

أيها الأخوة الثوار في مصرنا الحبيبة أستمروا في ثورتكم حتى الأطاحة بحكم المذلة والخنوع الذي تربع على عرشه حسني مبارك ثلاثين عاما. وأقيموا الدولة العلمانية الديمقراطية, لأنها الدولة الوحيدة لضمان كافة حقوقكم, وأعادة المجد والكرامة لبلدكم وأمتكم العربيه.