التميمة أو التعويذة السورية
التميمة أو التعويذة السورية
بدر الدين حسن قربي /سوريا
cbc@hotmailme.com
في مقابلةٍ للرئيس
الأسد قبل عدة أيام مع الوول ستريت جورنال المنشورة في 31 كانون الثاني 2011 قال
لمحاوره: إذا كنت تريد الحديث عن تونس و مصر فإننا سوف نكون خارج الموضوع؛ فنحن
لسنا تونسيين و لسنا مصريين (احنا
غير)، كما أنه في المقابلة
نفسها نفى احتمال امتداد الاضطراب السياسي الذي هزّ
ويهز تونس ومصر إلى سوريا أو حتى
تكرار سيناريو الاحتجاجات المصرية لتميّز الوضع السوري بعدم إقامة علاقات مع
إسرائيل.
إذا كنّا قد رأينا أن قصر قرطاج التونسي
سقط بفعل انتفاضة الصبّار التونسي، وإذا
كنا نتابع منذ أيام تداعي قصر عابدين من بعده بفعل الانتفاضة المزلزلة في أرض مصر
والعرب والمدوية في فضاءاتهم. وإذا
كانت الحقيقة كما قالت مستشارة الرئاسة السورية السيدة بثينة شعبان: هي أن الشعب
العربي (
السورييون طبعاً عرب) لا ينسى
ولا يُهمل، وها هو يُبرهن أنه قد تجاوز حكامه، وحاله يقول: لقد أمهلناهم طويلاً ولم
يعد ينطلي علينا أي تصرّف يفرِّط بحقوقنا(الشرق
الأوسط 31 يناير 2011 ). وإذا
أضفنا إلى ماذكرناه أيضاً الأسباب التي كانت من أجلها الانتفاضتان، وهي عبارة عن
حقوق مهدورة مفرّطٍ بها، لم تكن غير فقدان الحريات وامتهان الكرامات والقمع،
والفساد المعدوم الحياء والخجل بالمرّة، نهباً لثروات الوطن وخيراته بشكل مافياوي
أخطبوطي مريع،
ومن ثم فإذا ضممنا كل ما ذكر آنفاً إلى بعضه، فإننا نصل منطقياً إلى نتيجة مؤكِّدة لما قالته السيدة شعبان. وعليه، فإن النظام السوري وعلى رأسه الرئيس الأسد مدعو رغم عدم علاقته مع إسرائيل، واعتقاده بها تميمةً تقيه الانتفاضة الشعبية وامتداد غضبها إلى سورية، أن يُعوّذ نفسه تعويذة حقيقية فعّالة ومعتمدة عند الله والناس، يُصفَّر فيها العداد وقبل فوات الأوان، تُخرِج بها النظام من مدارات الحكم الشمولي تاركاً كوبا وكوريا الشماليتين وحيدتين، وذلك بالعمل على إصلاح ديمقراطي حقيقي تنتقل معه سورية من دولة أمن وقمع واستبداد لتكون دولة أمان وحريات ورخاء، تتجلى بإصلاحات دستورية تُطلَق فيها الحريات العامة، ويُوقف فيها العمل بقانون الطوارئ الذي مضى على إعلانه والعمل به قرابة خمسين عاماً، ويُفك بها سراح معتقلي الرأي والفكر، وتوقف بها الملاحقات والمطاردات والإعدامات للمعارضين في الداخل السوري وخارجه، ويُعمل على ضمان حياة حرة كريمة للمواطنين جميعاً والمحافظة على ثرواتهم وخيرات بلادهم وفي مقدمة ذلك إيقاف النهب ومحاسبة البلّاعين والفاسدين.
أما أن تردنا رسائل نصية تمّ اعتمادها وتداولها بمثابة تمائم وتعويذات رسمية على الهواتف الخلوية يومي الخميس والجمعة الماضيين مفادها أن الناس في بيتها أمام التلفاز تشاهد نهاية النظام المصري، فلننشرْ بكل قوتنا أن شعب سورية يعشق قائده، أو أن الشعوب تحرق نفسها لتغيّر رئيسها ونحن نحرق العالم ليبقى قائدنا، فهو- ياناس- كلام خالص مفعوله ولايسمن ولايغني من جوع، فلو دامت للزعيم جمال عبدالناصر لما وصلت للرئيس مبارك، والسعيد من اتعظ بغيره، فاتركونا مع الفعّال من التعاويذ، وأمامكم قصر قرطاج وعابدين، وخلّونا في المفيد، واعتبروا ياأولي الأبصار.
قالتها المستشارة والمستشار مؤتمن، وهي ليست من خصوم النظام ولا معارضيه بل هي من قصر المهاجرين ومستشاريه، بما نتيجته ومؤدّاه لأولي الألباب، أن انتفاضة اليأسمين الشامي قادمة لا محالة عاجلاً أم عاجلاً، ويقولون: متى هي؟ قل: عسى أن تكون قريباً. وإنما بالتأكيد قد أذّن مؤذّن الغضب، ودُقّ الجرس، وترددت أصداؤه في مشارق الوطن ومغاربه، فبورك الأذان وبورك المؤذّنون..، يدعون إلى سواء الوطن والمواطنة ودولة الحرية والعدالة وبلد الكرامة والمساواة، وبورك الأحرار والشرفاء علاماتٍ ونجوماً في وطنٍ حبيب تشرق من قيعان سجونهم شمسنا، فيا فوز من بادر بالإصلاح والصالحات، والأمور بخواتيمها، وما أمر ابن علي وأم الدنيا عنّا ببعيد..!! فهل من مدّكر...!!؟
![]()