ويكيلكس: وثائق مسربة أم خطة مبيتة
ابن الفرات الكعبي
من يعرف السياسة الأميريكية ونفسية رجال السياسة في أميركا يضع أكثر من علامة استفهام أمام عبارة سرقة وثائق سرية من الإدارة الأميركية أو من مؤسسة حكومية في أميركا، فمسألة خروج هذا الكم الهائل من الأسرار للإعلام بخصوص شخصيات مهمة في بعض دول الشرق الأوسط خصوصاً أو محيطها الإقليمي تثير أكثر من تساؤل حول صدق الأخبار التي تشير إلى أن هذه المعلومات سربت دون رغبة الحكومة الأميركية ورضاها.
إن الذي يتقن إدارة السياسة المعاكسة لا يمكن أن يكون بعيداً عن تدبير مثل هذا الأمر ولا سيما أن الإدارة الأميركية بكل مفاصلها من خارجية ومخابرات يضحكون في سرهم وهم يتابعون تأثير مثل هذه التسريبات في بلدان الشرق الأوسط.
إن أميركا لا يكفيها أنها جعلت العراق يستمر بعد الانتخابات في حالة الدولة واللادولة، بل تسعى أن تبقي المنطقة بأكملها منشغلة في قضايا بعيدة عن مصالحها الوطنية ليتسنى للسياسة الأميركية أن تحقق أهدافها في المنطقة، ولعل انزعاج أميركا اليوم من السياسة الإيرانية والسياسة التركية والسورية ليس من أجل العراق ولا استقرار المنطقة، ولا حرصاً منها لتحقيق احترام الجار للجار، ولكن لأن سياسة هذه الدول تنطلق من وعي وتصور واضح لدور السياسة الأميركية التي تصب في الصالح الإسرائيلي والهيمنة الأميركية على المنطقة، وتضييق الخناق على الصين مستقبلاً.
وأجد أنه من الحكمة أن يعي ذلك كل الساسة العراقيين، وأن لا يجعلهم الفخ الأميركي ينشغلون في التنافس والتنازع حول المناصب، ويحاول كل طرف أن يوتر ويضعف الطرف الآخر، وأن يستعيضوا عن ذلك بسياسة التكامل من أجل تحقيق المصالح الوطنية أولاً، ومصلحة المنطقة ثانياً، لأن القادم أشد وأكبر وأدهى إن لم يستيقظ ضمير ساسة العراق، وتتجه أنظارهم إلى من اختارهم لتحقيق مصالح الشعب في السلام والوئام والأمن والتنمية حتى يكون الشعب عوناً لهم في إفشال ما تسعى أميركا أن تطبقه على شعوب المنطقة، وليكن من سبق عبرة وشاهد على ما نقول.