الطريق إلى العصيان

محمد عبد العزيز

الطريق إلى العصيان!

محمد عبد العزيز*

[email protected]

قضي الأمر الذي فيه تستفيان، رفعت الأقلام وجفت الصحف!. وما كنا نطرحه سابقا باعتباره رأينا وخيارنا في طريق التغيير أصبح اليوم هو الخيار الوحيد، يتجمع حوله تباعا مختلف مكونات الطيف السياسي وكافة القوى الوطنية، كأننا أشعلنا نبراسا في ظلام دامس تجمع حول نوره كل الفراشات التائهة بمختلف ألوانها. لقد وضعنا النظام جميعا – بغباء شديد منه – في خندق واحد وعلى طريق واحد، ولم يعد هناك من مفر سوى السير في ذلك الطريق بخطوات متحدة، وأيادي متشابكة، فلا عجب الآن إن وجهت من عميق قلبي شكري وامتناني لهذا النظام الذي يلعب في الوقت الضائع من سنواته الأخيرة!. نحاول في هذا المقال أن نحدد خطانا، ونستكشف ملامح الطريق، ماذا بعد الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات؟!، ماذا بعد انسحاب الإخوان والوفد من جولة الإعادة؟!، ماذا بعد أحكام القضاء الإداري التاريخية ببطلان الانتخابات؟!

يبدو أنه رويدا رويدا تتضح صورة عدم الشرعية والمأزق الذي يمر به نظام الحكم في مصر، فإن كنا في حركة كفاية والمعارضة الجذرية الجديدة قد قمنا بإسقاط الشرعية السياسية عن النظام الحاكم منذ زمن، فإنه اليوم يواجه خطرا آخر وهو إسقاط حتى الشرعية القانونية عنه. فما قام به القضاء الإداري في انتخابات مجلس الشعب 2010م هو دور تاريخي بكل المقاييس لهذا القضاء العريق، وتسبب بأحكامه تلك في تعرية البرلمان القادم من أي غطاء شرعي، وبالتالي إن بداية حركتنا على الطريق لابد أن تكون من حيث انتهى إليه القضاء الإداري، ولتكن عقيدتنا واضحة ومحددة في النقاط الآتية:

* إسقاط الاعتراف بشرعية البرلمان المزور، واعتباره جزء من النظام الفاسد المستبد، ولا يمثل الشعب من قريب أو من بعيد.

* إنكار النتائج والمطالبة بإعادة تلك الانتخابات تحت إدارة قضائية كاملة ومستقلة بعيدا عن نظام التزوير والفساد.

* عملا بقاعدة ما بني على باطل فهو باطل، فإن أي تشريعات أو قوانين تصدر عن ذلك البرلمان المزور لا تمثل الشعب، منزوعة الشرعية، وأصبح عدم الاعتراف بها وعدم الامتثال إلى أحكامها واجبا وطنيا عاما.

* اعتبار أي نائب في هذا البرلمان المزور جزء من نظام الفساد والاستبداد، وعدم إطلاق لفظ "نائب الشعب" عليه لأن هذا المجلس هو مجلس "النهب" وليس "الشعب".

* انتخاب رئيس الجمهورية القادم يعتبر باطلا وغير شرعيا بالمفهوم السياسي للجماعة الوطنية المطالبة بالتغيير، وبالمفهوم القانوني نظرا لأنه سيؤدي القسم الجمهوري أمام برلمان باطل بأحكام القضاء.

تمثل النقاط السابقة العقيدة والمنهج الأساسي في التفكير الذي أصبح لا خيار غيره أمام الجماعة الوطنية، بقى أمامنا أن نوضح ما هي الخطوات العملية الواجب اتخاذها إزاء الوضع السياسي الراهن.

تبدأ خطواتنا – بعد إسقاط الاعتراف ببرلمان التزوير – بتشكيل برلمانا بديلا يمثل الإرادة الحقيقية لأبناء هذا الشعب، يكتسب شرعية شعبية لطبيعة تكوينه كالآتي:

* جميع النواب السابقين المعارضين على مدار 30 عاما، وهذا يعني أن جماهير دوائرهم الانتخابية ستكون على تأييد لهذا البرلمان البديل.

* شخصيات عامة لها ثقلها في المجتمع تضم أساتذة جامعات، وقضاة سابقين، وصحفيين، ومحامين، قادة الاحتجاجات العمالية والاجتماعية، وممثلين عن الحركات الشبابية والمدونين.

نستهدف في الأساس أن يقوم هذا البرلمان البديل باختيار مجلس حكم انتقالي ليشكل مجلسا رئاسيا بديلا مجسدا ومشخصنا يدعو إلى إسقاط الاعتراف بالنظام الحاكم ككل في حملة على طريق المقاومة السلمية والعصيان المدني، يبدأ ذلك بالدعوة إلى مظاهرات حاشدة متوالية مكونة من الموارد الأساسية لتشكيل البرلمان البديل مثل جماهير دوائر أعضائه وشباب الحركات الشبابية، وقيادات الاحتجاجات العمالية والاجتماعية.

إنها معركة البقاء أو الفناء، فوجود هذا النظام خطرا على وجودنا، لقد احترف قتل أبناء الوطن في العبارات والقطارات وبالمبيدات المسرطنة، أو تعذيبا كما حدث مع خالد سعيد وأحمد شعبان، إننا نعلم أن هذا الطريق وعر ممتلئ بالأشواك، لكن يتردد في أذهاننا قول المتنبي :"وإذا لم يكن من الموت بد .. فمن العجز أن تموت جبانا"، يجب أن نعلم أن تكلفة الجبن قد أصبحت أعلى من تكلفة الشجاعة، فإذا أردنا لأبنائنا الأمان .. فلم يعد سوى الطريق إلى العصيان!

                

*      مدون، وناشط سياسي، عضو اللجنة التنسيقية للحركة المصرية من اجل التغيير (كفاية)