عودة المنفيين من جماعة الإخوان المسلمين
دمشق تفتح أبوابها
لعودة المنفيين من جماعة الإخوان المسلمين
محمد فاروق الإمام
[email protected]
في بادرة هي الأولى من نوعها دمشق تفتح أبوابها لعودة المنفيين من جماعة الإخوان
المسلمين منذ ما يزيد على ثلاثين سنة عندما صدر القانون رقم (49/1980) الذي يجرمهم
بعقوبة الإعدام وملاحقة ذويهم وأقربائهم حتى الدرجة الرابعة، دون أية مساءلة أو
عراقيل تذكر، حيث تم استقبال الأخ محمد فاتح ياقتي (أحد أبناء الجيل الثاني من
جماعة الإخوان المسلمين) الذي أمضى أكثر من ثلاثين سنة في المنفى متنقلاً بين
اسطنبول وبغداد والقاهرة والرياض وكندا وعمان.. استقبل عند الحدود السورية من قبل
مجموعة من أهله ومعارفه وأصدقائه دون أية مضايقات تعكر صفو ذلك اللقاء الذي طال
انتظاره، ودون تبليغه بمراجعة أي فرع من فروع الأمن التي قد يكون مطلوباً أو
ملاحقاً من قبلها.
عاد الأخ محمد فاتح ياقتي إلى بلده مسجى في تابوت متواضع سمحت السلطات السورية
لذويه لنقل جثمانه إلى مدينته حلب بعد أن وافته المنية في مدينة عمان عن عمر يناهز
السادسة والستين أمضى نصفها متنقلاً منفياً في بلاد الله الواسعة وقد ضاقت عليه
بلاده التي ولد فيها ونشأ، وخطفته المنافي من أحضان أبويه اللذان فارقا الحياة
فجيعة عليه دون أن يتمكنا من رؤيته فقد كانت الحواجز تفصل بينهما والمسافات البعيدة
تحول دون اللقاء به.
في كل الأحوال عاد الأخ محمد فاتح ياقتي إلى بلده ومرتع صباه حلب، وسيان أكان حياً
أو ميتاً فقد سمح له بالعودة وتلك مبادرة تحسب للنظام الذي يحكم دمشق، لأنها المرة
الأولى التي يسمح فيها لجسمان منفي معارض للنظام بالعودة إلى سورية ليدفن في مقابر
بلده التي عز عليه أن يعود إليها منتصب القامة موفور الكرامة كباقي البشر، وقد سبقه
المئات ممن ماتوا ولم يسمح لهم بالعودة إلى ارض الوطن، فقد كان الياقتي أحسن حظاً
من رئيس الجمهورية الأسبق ناظم القدسي، ومن صانع الرؤساء رشدي الكيخيا، ومن نائب
رئيس الجمهورية الأسبق أكرم الحوراني، ومن رئيس الوزراء الأسبق معروف الدواليبي،
ومن رئيس الوزراء الأسبق خالد العظم، ومن رئيس الوزراء الأسبق صلاح البيطار، ومن
مؤسس حزب البعث الحاكم ميشيل عفلق.. والقائمة أطول من أن تحصى في هذه العُجالة.
نشكر أهل الحكم في دمشق على قرارهم الجريء بالسماح لجثمان الأخ محمد فاتح ياقتي
بدخول سورية ليدفن في مدينته حلب التي غادرها شاباً منتصب القامة وعاد إليها كهلاً
مسجى في تابوت.. تجأر روحه إلى الله تعالى بالدعاء أن يصلح حال الوطن ويؤلف بين
أهله حكاماً ومحكومين، وأن تقوم في البلاد وحدة وطنية حقيقية في ظلال حكم ديمقراطي
يحترم الإنسان ويصون كرامته ويوفر له العيش والأمن والأمان.